في ختام الاحتفال، كوخافي الثوري سيقف امام جملة تحديات فورية.. هآرتس

الساعة 11:16 م|16 يناير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: عاموس هرئيل

(رئيس الاركان الجديد اعتبر ثوريا في كل الوظائف التي تولاها، وسيكون عليه اعطاء جواب على التهديدات على الحدود والازمة في القوة البشرية والفجوات المهنية في سلاح البر. ولكن ليس واضحا هل سيحظى في الفترة القريبة بأذن صاغية من رئيس الحكومة المنشغل في الانتخابات والتحقيقات).

مهرجان الجنرالات انتهى أمس باحتفال تبادل الوظائف بين غادي آيزنكوت وأفيف كوخافي في مقر الكرياه في تل ابيب. بعد يوم أو يومين يمكننا الأمل بأن تتوقف عناوين الصحف عن التنكر بأقنعة المجلة الاسبوعية الراحلة "بمحنيه". وعندما يتلاشى تأثير الكمية الزائدة من الفن العسكري الهابط التي سئم منها الجمهور ستبقى المهمة نفسها. وهذه ستبدأ من ناحية كوخافي بظروف معقدة، حيث الشرق الاوسط ما زال في ذروة الهزة واسرائيل توجد في المراحل الاولى لحمى الانتخابات.

فترة ولاية رؤساء الاركان تتراوح بين بناء القوة واستخدام القوة وبين ما هو مخطط له مسبقا للتطورات غير المتوقعة. عندما تولى آيزنكوت منصبه في شباط 2015 بدا أنه قد سنحت له فرصة ملائمة. في نفس الصيف تم التوقيع على الاتفاق النووي بين ايران والدول العظمى في حين أن الحرب الاهلية الدموية في سوريا قوضت بقايا جيش الاسد.

الفترة الزمنية مكنته من تمرير الخطة متعددة السنوات "جدعون" في بداية 2016 بعد خمس سنوات تمت فيها بلورتها. ولكن رغم أنه في ولاية آيزنكوت لم تحدث أي حروب أو أي عمليات عسكرية كبيرة، إلا أنه تم خلالها استخدام القوة الزائدة. المعركة بين حربين، عدد كبير من الهجمات وراء الحدود، توسعت من مجموعة قصف ليلي الى نظرية عسكرية كاملة.

بقي رسميا لخطة "جدعون" سنتين تقريبا، لكن فعليا اقتربت من نهايتها. آيزنكوت أملى من خلالها تغييرات كثيرة في مبنى الجيش الاسرائيلي وفي سلم اولوياته. ليس كل ما خططه مسبقا تمكن من تنفيذه. قطب "جدعون" يتم فكها الآن على خلفية التغييرات الاقليمية: انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع ايران، الوجود الروسي في سوريا (والى جانبه الانسحاب الامريكي الظاهر)، انتصار نظام الاسد في الحرب الاهلية وبداية الخطوات لاعادة تأهيل جيشه.

في هذه الاثناء يرسم رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو حلم "الجيش الاسرائيلي 2030" الخاص به. الجيش الذي يراه نتنياهو يختلف عن الذي خطط له آيزنكوت – يدفع القوات البرية الى مكانة منخفضة في سلم الاولويات. نتنياهو ايضا مستعد لأن يستثمر في السنوات القادمة في الجيش الاسرائيلي المزيد من الاموال، وهو الاقتراح الذي رفضه آيزنكوت، بأدب ولكن بتصميم، خلال السنة الاخيرة.

كوخافي سيطلب منه الآن تنفيذ توافقات سريعة جدا. في كل الوظائف التي تولاها اعتبر رئيس الاركان الجديد شخص ثوري، قائد ضليع بتفكيك واعادة تركيب المؤسسات التي ترأسها. حجم التحدي والمشكلات المرافقة التي يجب حلها كبير هذه المرة بشكل واضح. فيما يلي عدد من القضايا الرئيسية التي يمكنها أن تقف امامه في الفترة القريبة.

الوضع الاقليمي: السنوات الاخيرة تميزت بتغييرات مستمرة ومفاجئة في الشرق الاوسط. ايضا الآن الساحة المحيطة باسرائيل يسود فيها عدم الاستقرار. خلافا للانطباع الذي يمكن أن يتولد من مقابلات وداع آيزنكوت، إلا أنه لم يتم حسم أي معركة. اسرائيل صدت حتى الآن جهود التمركز العسكري الايراني في سوريا، لكن هذا لا يعني أن حرس الثورة الايراني قد استسلم وتنازل عن النضال. إن امكانية أن يعود حزب الله ويحاول انشاء مصانع السلاح في لبنان ما زالت مفتوحة. وخطوات التسوية في قطاع غزة اثمرت فقط ثمار مؤقتة. ومشكوك فيه أن يكون في ارساليات الاموال والوقود بتمويل قطر ما من شأنه أن يضمن الهدوء مع حماس لفترة طويلة. ايضا عهد محمود عباس في السلطة الفلسطينية سينتهي كما يبدو خلال فترة ولاية رئيس الاركان الجديد.

كوخافي كان شريكا قريبا لاعتبارات آيزنكوت في استخدام القوة العسكرية. معقول أنه في هذا المجال سيحاول التمسك بسياسة سلفه: نشاط عسكري فوق وتحت الرادار ولكن دون جر الدولة الى حروب زائدة.

حساسية سياسية: وحدة الوظائف "المؤقتة!" بين رئيس الحكومة ووزير الدفاع تخضع رئيس الاركان الجديد لرجل واحد فقط، المنهك والمطارد في صراع على البقاء السياسي والقانوني. فرصة التقاط الصور مع الضباط والجنود يتم استغلالها في الحملة الانتخابية لنتنياهو. ربما أن تصريحاته الاخيرة ايضا التي وضعت حد لسياسة الغموض بخصوص الهجمات في سوريا مرتبطة بذلك. كوخافي سيكون عليه الحفاظ على أن الجيش الاسرائيلي لا يغرق في الوحل السياسي. الانتخابات في نيسان، ومفاوضات ائتلافية حتى حزيران ومواجهة مستمرة مع المستشار القانوني للحكومة من غير الواضح ايضا كم سيكون صعبا على رئيس الحكومة مواجهة الخطط الثورية لرئيس الاركان الجديد الذي لا يستطيع أن يسمح لنفسه بالانتظار أكثر من اللزوم.

حرج سلاح المشاة: رئيس الاركان السابق مثل أسلافه أقسم يمين الولاء لحيوية المناورة الارضية في الحرب المستقبلية. عمليا، رغم أن آيزنكوت قام بعمليات هامة، إلا أنه بقيت فجوات كبيرة في قدرة القوات البرية، بين الجيش النظامي وبين فرق الاحتياط المختلفة. في الجيش سيفهمون سريعا اذا كان كوخافي سيستثمر بشكل جدي الجهود لتحسين القوات البرية والاحتياط. أم أن الامر يتعلق فقط بأقوال ناتجة عن الضغط. رئيس الاركان الجديد تطرق اليوم لهذا الموضوع ووعد بـ "أنا أتعهد بتكريس كل جهودي لتعزيز الجدار الواقي، وجعله يتناسب مع تحديات الحاضر والمستقبل، بحيث يكون في مركز النشاط زيادة قدرة المس بالعدو، وتوفير جيش فتاك وناجع وحديث". في الخلاصة، رغم تحسن وضع قطع الغيار والاحتياطي وتحديد الخطط العملياتية في قطاعات مختلفة وتقدم ما في مجال التدريبات، هناك تساؤلات كثيرة بخصوص قدرة الجيش الاسرائيلي على انجاز انتصار حاسم عند الحاجة على حزب الله. هذه المسألة ترتبط بمسألة التعيينات للمراكز العليا. التعيين الاهم الذي سيكون على كوخافي اتخاذ قرار بشأنه في المرحلة الاولى هو تعيين قائد سلاح البر. بشكل عام هيئة الاركان توجد في مرحلة تغيير الاجيال حيث الكثير من الجنرالات ذوي الخبرة والمهيمنين استقالوا في السنتين الاخيرتين.

ازمة القوة البشرية: الجيش الاسرائيلي يواصل التنكر لخطورة المشكلة التي تسود في جيل المتجندين، الذي انخفضت دافعيته للخدمة القتالية بصورة واضحة، مرورا برجال الخدمة الدائمة الذين يقل توقيعهم على خدمة طويلة، وحتى الهروب الصامت لمقاتلين في الاحتياط من الوحدات الاكثر رمادية. الجيش ما زال يشهد تداعيات موجة الاعفاءات الواسعة التي اجراها في صفوفه (5 آلاف جندي في الخدمة الدائمة) دون أن يتوقف ليحلل بنفسه المغزى النهائي. قضايا تدحرجت في العقد الاخير من رئيس الاركان الى من حل محله، الحفاظ على نموذج جيش الشعب، تغييرات في مسار الخدمة، حجم دمج النساء في جهاز المقاتلين، كل ذلك سيصل ليبت فيه كوخافي في السنوات القريبة القادمة. مشكوك فيه هل سيكون بالامكان أن يعود ويؤجله.

رؤساء الاركان الاخيرين تم جرهم رغم أنوفهم الى نقاشات حول القيم – أمر، ليتذكر تأثير الحاخامات، قضية ازاريا – التي قسمت المجتمع الاسرائيلي. يوجد لكوخافي ازمة حقيقية في معالجة ذلك واتخاذ قرارات هامة، يبدو أنه كلما قلل الانجرار الى الحروب الثقافية والنفوذ، التي تدور على حساب الجيش الاسرائيلي، سيكون هذا افضل.

من المفهوم أنه ليس كل شيء مرتبط به. فان رئيس الاركان الجديد، أكثر من سلفه، سيطلب منه المناورة في محيط يدمج بين تغطية صحافية صبيانية (البث المباشر في احد الاستوديوهات قطع اليوم لصالح عرض كعكة على شكل رئيس الاركان)، وساحة سياسية انتقامية وشبكات اجتماعية هستيرية. الامر لا يقتضي الكثير من اجل أن يتحول العناق الى هجوم عنيف. ايضا اليوم وجهت لآيزنكوت شتائم وداعية من اليمين المتطرف، ولدغة صغيرة من إبن وزير الدفاع (تغريدة يئير نتنياهو التي قال فيها إن اليساريين يسجدون للجنرالات ويسموننا فاشيين؟!).

لا يوجد لكوخافي أي سبب للافتراض بأن وضعه سيكون مختلفا. هو لم يكن، كما نذكر، الاختيار الاول لنتنياهو لتولي رئاسة الاركان، بل هو تعيين فرض بشكل ما من قبل وزير الدفاع السابق افيغدور ليبرمان. من المهم مثلا، هل بلاغة رئيس الاركان الجديد الواضحة في خطابه اليوم التي نافست بلاغة نتنياهو، ستواصل أن يتم تلقيها بتأييد لفترة طويلة حتى في اوساط من يجلسون على المقاعد الخلفية للحزب الحاكم.