أهكذا تبدو التايتنك- معاريف

الساعة 01:17 م|14 يناير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي أحيمئير

 (المضمون: اللواء احتياط اسحق بريك والمؤرخ بني موريس يمثلان مزاجا متشائما ينتشر في المجتمع. ولكن ليس كل الاسرائيليين يشترون نبوءات الغضب: الجيش الاسرائيلي اقوى من اي وقت مضى والكثيرون لا يزالون يفضلون جبل الشيخ على أمريكا - المصدر).

مشكوك أن يكون كاتب هذه السطور سيكون هنا بعد 30 سنة. وبالتأكيد لن يكون بعد 50 سنة كي يرى ويتأكد اذا كانت ستتحقق رؤيا الآخرة للبروفيسور بني موريس في انه "بعد 30 – 50 سنة سيتغلبون (الفلسطينيين) علينا كيفما اتفق... فهم يرون بانه يوجد هنا في هذه اللحظة 5 – 6 – 7 مليون يهودي محوطون بمئات ملايين العرب، ليس لهم سبب يجعلهم يتنازلون لان هذا لن يدوم طويلا".

ليس كل مؤرخ يسمح لنفسه بان يتنبأ بالمستقبل. فبالكاد ينجح في ان يحلل ويصف صورة الماضي. اما البروفيسور موريس فيفعل ذلك بلا تردد. في مقابلة معه في ملحق "هآرتس"، يعزز ميل انعدام الأمل الذي يستشري في اجزاء من الجمهور في هذه الايام بالذات.

    أما النبرة المتشائمة الاكثر تظاهرا فيوفرها اللواء احتياط اسحق بريك، مأمور شكاوى الجنود المعتزل. ومنذ زمن بعيد يكثر بريك من الظهور على الملأ، في الكنيست، كقائم بوظيفة نبي الغضب على ما يجري في الجيش الاسرائيلي. وهذه خلاصة اقواله القاسية في نهاية الاسبوع في صحيفة "هآرتس" "في غضون سنة – سنتين قد نصل الى نقطة اللاعودة. هذه الدولة تعيش على التايتنك. يعيش الجيش الازمة الاشد التي رأيتها منذ تجندت الى الخدمة النظامية في 1965

ما كنت أقترح المرور مرور الكرام على نبوءة المؤرخ وعلى تحذير الجنرال. فبغير ارادتهما، فان موريس وبريك على حد سواء يشجعان العدو على تشديد رفضه. لدى موريس فان النهاية المقتربة محتمة. لا أملأ لدى بريك فتسمع صرخة – سواء كانت محقة أم لا – من أجل اصلاحات بعيدة الاثر في سلوك الجيش. حسب رأيه لا يزال ممكن انقاذ التايتنك، دولة اسرائيل، من الغرق الى اعماق البحر.

تصفعنا هذه الاقوال في وجهنا في نهاية اسبوعأ– أبيض: جموع المواطنين يقضون اوقاتهم في مواقع الطبيعة الخضراء وفي جبل الشيخ المثلج. فهل ثمة تحذير تصويري اكثر من ذلك عن ان اسرائيل تزدهر بشكل غير مسبوق؟ من جهة اخرى، الاف الغزيين ينقضون مرة اخرى على الجدار، عملية اغلاق الحدود مع لبنان تتواصل واهداف ايرانية في سوريا تحظى بالمعالجة.

 نحن في معركة عسكرية مستمرة. نحن ايضا في ذروة معركة انتخابات حماسية تتميز بانقسام متعاظم وبحماسة عديمة الكوابح. كل هذه تفسر في نظر الاعداء من حولنا كضعف قد يستدعي مزيدا من محاولات الهجوم على هذه الديمقراطية المنتحرة.

بخلاف اقوال بريك، سيقول عارفون آخرون انه ليس الجيش الاسرائيلي اليوم هو فقط القوة العسكرية الاقوى في المنطقة بل انه ذو قوة وقدرات لم يكن لها مثيل أبدا. اقواله تعطى صدى للقصور الذي كان قبل 46 سنة، عندما وقفت اسرائيل على شفا تهديد وجودي وانهت حرب يوم الغفران باكبر انتصاراتها.

 ومع ذلك، يخيل ان رئيس الوزراء ووزير الدفاع نتنياهو لا يمر مرور الكرام عن ذلك. وبالتأكيد ليس في الوقت الذي تنتقل فيه قيادة الجيش الى يدي رئيس اركان جديد، أفيف كوخافي. اذا كان ثمة ما يجب ان يفحص ويصلح – ودوما يوجد – فان على رئيس الاركان الوافد ان يفحص ويعمل دون تردد.

اما اقوال موريس فتثير تفكيرا يقضي بان هذه مسيرة محتمة، ليست قابلة للتغيير، وتترافق وتوصيته في أن "من يمكنه فليهرب الى امريكا". موريس ليس اول المتنبئين بالخراب ممن تبددت نبوءاتهم. لقد سبق ان كنا في اوضاع اصعب، مع اسباب وجيهة اكثر للتشاؤم، ولكننا تغلبنا على هذه الامزجة اليائسة وعلى الازمات التي ألمت بنا. كثيرون سيقولون: أمريكا هي هنا.

 أغلبية عربية بين البحر والنهر – هذا قول ليس مقبولا على كل الديمغرافيين. ولنفترض ان هذا هو الوضع على الارض، فليس هذا هو الوضع في دولة اسرائيل نفسها. السيطرة الامنية بين البحر والنهر ستبقى دوما في يد الجيش الاسرائيلي. والحل السياسي مطبق عمليا منذ الان في شكل "الدولة الفلسطينية" التي ليست سوى حكم ذاتي، فكرة طورها رئيسا وزراء صقريان كبيغن وشمير.

وحتى لو لم يكن العرب يكتفون بذلك (حاليا)، فلا يجب ان يلزم هذا اسرائيل بتنازلات أوسع. وسيتعين على اسرائيل ان تعيش لسنوات طويلة اخرى على حرابها وهكذا فقط تضمن مستقبلها. اما دور القيادة في السنوات التالية فهو ان تعمل على ان يتعزز الجيش الاسرائيلي أكثر فأكثر، والا تتحقق أبدا رؤيا اللواء الشجاع وعظيم الحقوق والا يتجسد الكابوس كما يرسمه المؤرخ أبدا. 

 

كلمات دلالية