واقع مؤلم

تقرير طلبة "الماجستير" في غزة على "الدكة"!

الساعة 08:26 م|09 يناير 2019

فلسطين اليوم

"أسعد يوم في حياتي عندما حصلت على درجة الماجستير لكن فرحتي تبخرتْ".. هكذا عبر الطالب محمد المبحوح عن استيائه الشديد لعدم توفر فرص عمل له ولأقرانه، بسبب الحصار "الإسرائيلي" المفروض على قطاع غزة والانقسام الفلسطيني.

شُح الوظائف في قطاع غزة جعل من المبحوح كغيره من الطلبة، عاجزاً أمام تقديم خبراته التعليمية في المؤسسات الأكاديمية، مما أرقه طيلة الأيام في البحث عن عمل يُقدم إنجازاته التي اكتسبها أثناء فترة الدراسة.

وأنهى المبحوح دراسة البكالوريوس من جامعة الأقصى بغزة و"الماجستير" بتخصص لغة عربية (نحو وصرف) العام الماضي، بمعدل 89% جيد جداً مرتفع.

وشارك المبحوح في العديد من الأبحاث الدراسية المُحكمة بالجامعات بالقطاع وخارجه، وأيضاً في الندوات والحقول المعرفية في نشر الأفكار والعلوم مما أعطى لذاته دافعاً قوياً في تكملة الدراسة في أقسام الدكتوراه.

وعن الدافع الذي جعل المبحوح يكمل دراسته التعليمية، قال: "إن المؤسسات التعليمية في قطاع غزة بحاجه ملحة إلى مؤهلين جامعيين في سوق العمل خلال الأعوام السابقة، وهذا ما دفعني لدراسة الماجستير بتخصص اللغة العربية وأساليب تدريسها".

وأشار إلى أنه عقب انتهاء دراسة الماجستير وتقديمه لشهادته العلمية للعديد من المؤسسات التعلمية في قطاع غزة تفاجأ المبحوح بعدم توفر فرص العمل الأمر الذي أثار حفيظته وغضبه الشديدين.

وأوضح بأنَّ عند تقديم شهادته وخبراته التعليمية للمؤسسات الأكاديمية في طلب الحصول على وظيفة كان رد تلك المؤسسات بتوقف الدعم الخارجي عن تقديم منح عمل للخريجين وإغلاق ملف التوظيف لآشعار آخر.

وأمام هذا الواقع المزري وعدم توفر فرص العمل في تخصص اللغة العربية فقد لجأ الطالب المبحوح إلى دراسة الإسعافات الأولية التابع لمنظمة الأطباء العالمية الفرنسية بعيداً عن تخصصه.

خريجون "بلا عمل"

أما الطالب حاتم حسين فيقف أمام جملة من الصعوبات في الالتحاق بوظيفة رسمية داخل المؤسسات الأكاديمية في قطاع غزة بعد الإعلان عن إغلاق باب التوظيف أمام طلبة الخريجين.

وأنهى حسين دراسة البكالوريوس من جامعة القدس المفتوحة تخصص لغة عربية و"الماجستير" بتقدير جيد جداً من الجامعة الإسلامية بغزة العام الماضي.

وشارك حسين في العديد من الدورات والتدريبات المختلفة في تعزيز قدراته الذاتية ومهاراته التعليمية وكتاباته الشعرية والرأي.

سعى الطالب إلى تقديم شهاداته وخبراته التعليمية لطلب التوظيف بالمؤسسات العاملة بالقطاع دون جدوى تُذكر، ودأب إلى نشر شهاداته الجامعية عبر حساباته الخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي والتواصل بشكل مباشر مع حسابات المؤسسات، متسائلاً: " لعلها تكون الفرصة في الالتحاق بالوظيفة!".

دافع التطور وتوسيع الآفاق عزز لدى الطالب حسين تكملة دراسة "الماجستير"، قائلاً: "إنَّ هدفي الرئيسي في توسيع الآفاق وتطوير الذات لدراسة "الماجستير" إلا إنَّ الواقع المرير لم يحقق الأُمنيات التي سعيت لها".

وواجه حسين العديد من الصعوبات أثناء توفير رسوم دراسة "الماجستير" الذي كلفته أكثر من 3 آلاف دولار، في ظل تدني فرص العمل وتفاقم الاوضاع الاقتصادية بين الأوساط الغزية.

شبح البطالة

أمَا عن الطالب إبراهيم رزق لم يختلف حاله عن سابقه، والذي عانى من شبح "البطالة"، قائلاً: " إنّه لم يلتحق بأي عَقد توظيفي في المؤسسات التعليمية العاملة في القطاع منذُ تخرجه من الدراسة".

وأضاف رزق، أنَّه أنهى دراسة "الماجستير" بتخصص "أصول دين" بتقدير جيد جداً من الجامعة الإسلامية بغزة العام السابق 2018م، وحاصل على العديد من الدورات منها سَند درجة عليا في العقيدة الإسلامية" متن في العقيدة الطحاوية" .

وأوضح، أنَّه ذَهب إلى العديد من المؤسسات التعليمية في قطاع غزة، لتقديم طلب التوظيف إلا أنَّ إدارة المؤسسات أعلنت عن إغلاق باب التوظيف كاملاً، معزّيين ذلك بسبب قلة الدعم الخارجي للخريجين في أعقاب تدني فرص العمل بسبب الأوضاع الاقتصادية المزرية بفعل الحصار "الإسرائيلي" والانقسام الفلسطيني.

وأشرف الطالب على العديد من الأبحاث الدراسية المُحكمة لطلبة الجامعيين، كما تواصل مع ذوي أهل الاختصاص في الجامعات بالخارج لتبادل الأفكار والمعلومات عبر الانترنت.

الطالب رزق سعى جاهداً بأن يكون متميزاً في مجاله، وبدأ يُشارك تطوعاً في العديد من الدورات التدريبية والتثقيفية وإلقاء الدروس والخُطب في المراكز الدينية.

 مرحلة التشبع الشديد

وحول أزمات تَدني فرص العمل، أوضح الخبير التربوي محمد الحطاب أنَّ التخصصات الجامعية في قطاع غزة وصلت إلى مرحلة التشبع الشديد، والحصول على وظيفة رسمية هي من أبعد المستحيل.

وبين الحطاب، أنَّ الحصول على وظيفة داخل المؤسسات التعليمية في غزة صعبة المنال، عازياً ذلك إلى الحصار "الإسرائيلي الذي ألقى بظلاله على الاقتصاد في القطاع، إلى جانب تخريج أعداد كبيرة من الخريجين العاطلين عن العمل.

ووجه الحطاب نصائح عدة للخريجين، أولها السعي الدؤوب في اكتساب مهارات فنية وعلمية مرتبطة بمجالاتهم التعليمية، وعدم الاكتفاء بمهارات التعليم الأكاديمي، وذلك لفتح آفاق جديدة لهم في سوق العمل، وحتى يكونوا أكثر تميزاً من بعض الطلبة الذي يكتفون بالشهادات العلمية دون إسنادها بالعمل والعمل التطبيقي.

وفي ثاني نصائحه، حث الحطاب الخريجين عرض مهاراتهم وقدراتهم وخبراتهم العلمية والتعليمية على مواقع التواصل الاجتماعي الشهيرة مثل (يوتيوب – فيس بوك – تويتر)، مشيراً إلى أنَّ نشر المهارات والسير الذاتية باباً رحباً للحصول على الوظائف سواء المحلية أو الخارجية (العمل عن بُعد).

ويُعاني سكان قطاع غزة من أزمات اقتصادية متعددة القت بظلالها على فرص العمل في صفوف الخريجين، الأمر الذي بات يهدد مستقبل مئات الآلاف من الخريجين.

 

كلمات دلالية