خريطة التهديدات.. معاريف

الساعة 05:45 م|04 يناير 2019

فلسطين اليوم

بقلم: تل ليف رام

(استمرار مساعي صد النفوذ الايراني في سوريا، سباق التسلح مع حزب الله هو خطر التصعيد الدائم حيال غزة: هذه هي التحديات الاساسية للجيش الاسرائيلي ولجهاز الامن في 2019).

1. كان العام 2018 أحد الاعوام الاكثر تركيبا من ناحية أمنية في العقد الاخير، رغم ان التوترات في الجبهات المختلفة لم تتطور لتصل الى مواجهة عسكرية أو حرب.

منذ بداية شباط وقع حدث لم يكن له مثيل منذ 34 سنة، حين اسقطت طائرة من طراز اف 16 آي لسلاح الجو بنار مضادات الطائرات السورية بعد تسلل طائرة مسيرة ايرانية الى الاراضي الاسرائيلية. وسجلت ذروة التوتر في 10 ايار، بعد ان اطلقت نحو 30 صاروخا من سوريا نحو اسرائيل في هجوم فشل تماما. اسقاط الطائرة الروسية بمضادات الطائرات السورية والازمة المرتبة جيدا من ناحية موسكو التي جاءت في اعقاب ذلك سجلت الفصل التالي، الذي سيؤثر ايضا على السنة القادمة. صحيح أن بوتين لم يوجه انذارا لاسرائيل في اي مرحلة وسلاح الجو يواصل عمله، ولكن مجال عمله آخذ في التقلص. وقد اشارت اسرائيل هذا الاسبوع الى أنها ستواصل العمل على الاراضي السورية، ولكن حجوم الهجمات أدنى بكثير.

بعد المغادرة المرتقبة للقوات الامريكية، فان محاولة منع تثبيت الوجود الايراني في سوريا في السنة القادمة ستكون متعلقة قبل كل شيء بالمصلحة الروسية، وبجودة الحوار وعلاقات قيادتنا السياسية مع الكرملين.

ولما لم تعد حاجة الى الحلف المشترك لروسيا – ايران – حزب الله وجيش الاسد للقضاء على الثوار، فان مصلحة الروس بايران آخذة في التقلص. والسوريون انفسهم ايضا لا يحبون محاولات الايرانيين نشر الشيعة على اراضيهم. قدرة اسرائيل على التأثير على التواجد الايراني ستكون متعلقة بالتالي ايضا بقدرتها على تشخيص هذه الفجوات بين الروس والايرانيين، والنجاح في التسلل اليها. هذه في اساسها مهامة سياسية، ولكن للجيش الاسرائيلي واستخباراته ايضا دور هام فيها، عبر التشهير بالنشاط الايراني ولا سيما في المواضيع التي تتضرر فيها المصالح الروسية.

2. اذا كانت بؤرة التركيز في السنوات الاخيرة على المعركة الخفية عن العيان بين اسرائيل وايران، فان كشف انفاق حزب الله يؤشر الى أن 2019 سيشهد توترا مع حزب الله. فالجيش الاسرائيلي انهى منذ الان معظم الحملة، ولكن بقيت مسألة غير محلولة – ماذا سيكون مصير الانفاق التي توجد قريبا من الحدود ولكنها لم تجتاز الى داخل اراضي اسرائيل.

وفضلا عن الانفاق، فان الانشغال المركزي للجيش الاسرائيلي سيكون محاولة احباط تعاظم قوة المنظمة في كل ما يتعلق بالصواريخ الدقيقة. في اسرائيل يعتقدون ان حزب الله خطط لان يحوز في هذه المرحلة مئات الصواريخ الدقيقة التي اجتازت تحويلا تكنولوجيا وبنية تحتية مناسبة. عمليا، وفقا لفرضية الاستخبارات، يوجد في لبنان القليل جدا من هذه الصواريخ. ومعظم اعمال الاحباط تمت حتى الان على الاراضي السورية، ولكن الامور تتغير الان، ومعها ستتغير ايضا المعاضل العملياتية.

رغم الضربات التي تلقاها حزب الله والاعاقات في خطة الصواريخ، فان الحزب لن يهجرها. وبدلا من أن يكون عبر سوريا، فان المساعي للتسلح ستتم على الاراضي اللبنانية، ولا سيما من خلال تهريب الوسائل في رحلات جوية مباشرة من ايران الى بيروت. وستكون المسألة التالية أمام رئيس الاركان الوافد أفيف كوخافي والقيادة السياسية: ما هي نقطة اللاعودة من ناحية اسرائيل، التي ستستوجب هجوما في لبنان يمكنه أن يؤدي الى مواجهة عسكرية، لدرجة الحرب.

لقد عاد مقاتلو حزب الله الى لبنان، ولكنهم تركوا وراءهم غير قليل من المستشارين والضباط الذين يساعدون الاسد على اعادة بناء جيشه. مثل حزب الله، فان الجيش السوري هو الاخر سيستثمر الكثير من المقدرات في قدراته النارية، من خلال الصواريخ. والعلاقات المتوثقة بين الجيشين ستستوجب من الجيش الاسرائيلي مواصلة الاستعداد للامكانية المعقولة في أن تدور الحرب التالية في الشمال في جبهتين، فيما سيحاول حزب الله استغلال مواقعه في سوريا.

3. غزة وحماس وان لم تكونا التهديد المركزي على اسرائيل اليوم، ولكن مثلما في السنة الماضية، فان جبهة الجنوب ستشكل الخطر الاكبر على الاشتعال.

بعد ثلاث سنواته من الهدوء، منذ حملة الجرف الصامد، كان العام 2018 عام تصعيد. فحملة مسيرات العودة، البالونات المتفجرة وارهاب النار تطورت منذ الان الى جولات عنف، مئات الصواريخ اطلقت نحو اسرائيل، ورغم الهدوء النسبي في الشهر الاخير معقول الافتراض بان رئيس الاركان الوافد أفيف كوخافي سيجد نفسه منشغلا جدا بقطاع غزة الذي يعرفه جيدا من منصبه كقائد الفرقة. احتمال المواجهة العسكرية في القطاع في السنة القادمة بات عاليا جدا.

صحيح حتى اليوم ليس هناك تقدم كبير في المفاوضات مع حماس لتهدئة بعيدة المدى، وكذا في المفاوضات لاعادة جثماني مقاتلي الجيش الاسرائيلي الملازم هدار غولدن والعريف اول اورون شاؤول والمفقودين الاسرائيليين لا تتقدم حقا وهي ليست برأس اولويات قيادتنا السياسية، وبالتأكيد ليس في فترة الانتخابات. كما أن السياسة الاسرائيلية منذ الجرف الصامد واستخدام القوة العسكرية تجاه غزة في السنة الاخيرة سيكونان في بؤرة حملة العديد من الاحزاب في اليمين وفي الوسط، كورقة في مواجهة سياسة الاحتواء التي قادها نتنياهو في السنة الاخيرة، ولاقت عمليا تأييد الجيش. اما حماس، فحتى لو لم تكن خططت لذلك، فقد حصلت على جائزة في الوعي في غاية الاهمية، حين نجحت في ان تتسبب بأزمة سياسية خطيرة وباستقالة وزير الدفاع. ومثل حزب الله، تعلمت حماس كيف تستخدم سياقات الوعي في مواجهة اسرائيل.

رغم الهدوء النسبي، معقول الافتراض بان الانتخابات القادمة ستترافق وتوتر في الجنوب. فتحت الرادار وقع هذا الاسبوع حدث مقلق جدا لاسرائيل في سياق العلاقات بين مصر وحماس: ثلاثة نشطاء هامون من الذراع العسكري للمنظمة، ينشغلون اغلب الظن في محاولة تهريب الوسائل القتالية من القطاع، تحرروا هذا الاسبوع من المعتقل المصري بعد بضعة اشهر. وكبادرة نية طيبة عادوا مع وفد حماس الذي زار القاهرة، واستقبلوا باحتفالية في منزل رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية. قبل نحو اسبوعين فقط تغير رئيس الاستخبارات العسكرية المصرية، والتقدير هو أنه كان لتسلم الجنرال خالد مغوار مهام منصبه تأثير على التحرير. وفي اسرائيل كان يسرهم أن يروا بالمعتقلين ورقة مساومة في الوصول الى اتفاق مستقبلي على التسوية، ولكن للمصريين اعتبارات ومصالح اخرى، وبالتأكد في مثل هذه الفترة التي لا يكون فيها للحكومة عندنا انصات لمعالجة مشكلة غزة. من الصعب الشكوى من المصريين. ففي كل ما يتعلق بالقطاع، فان فترة الانتخابات تعطل كل امكانية لخطوة سياسية مع حماس.

كلمات دلالية