لم يختلف الوضع الاقتصادي للسلطة الفلسطينية هذا العام (2018) عما سبقه في التقييم العام، بالرغم من النمو الظاهري الذي سجله هذا الاقتصاد في الضفة الغربية، إلا أن بعض المؤشرات الاقتصادية التي رافقت هذا النمو جعلته نموا بلا جدوى.
وبالرغم من محاولات الحكومة الفلسطينية الإيحاء بنجاح الجهود المبذولة من قبلها لتحسين الوضع الاقتصادي، إلا أن مؤشر البطالة لهذا العام وحدة، والذي أظهر ارتفاعا غير مسبوقا في الضفة الغربية، كشفت عن زيف هذه الادعاءات، وأفرغها من مضمونها الإيجابي على الاقتصاد العام.
وقد جاءت بعض المؤشرات الاقتصادية بهذا العام صادمة للكثيرين وخاصة فيما يتعلق بالتراجع في النمو الاقتصادي الذي سجله الاقتصاد في القطاع، والذي وصل إلى (-4%) وهو ما جعل النمو في الضفة والذي قدر بنحو 3.2% بلا تأثير على الاقتصاد العام.
ولعل الرقم الأصعب في المؤشرات الاقتصادية كان ارتفاع نسبة البطالة في الربع الثاني 2018 بلغت 32 % ليكون أعلى مستوى على أساس ربعي منذ العام 2002، بارتفاع كبير في الضفة الغربية حيث وصلت النسبة إلى 27.4%.
كمتا أن التضخم هذا العام كان قريب من الصفر، أي أن لا قوة شرائية من المواطنين نتيجة التوترات الجيوسياسية والعقوبات الأمريكية وقطع المساعدات التي كانت تصل إلى 250 مليون دولار سنويا، بالإضافة إلى تراجع المنح الممولة من الوكالة الأمريكية، ووقف الدعم الأمريكي لوكالة الغوث أيضا.
وترافق كل ذلك مع تراجع في المنح الدولية بشكل عام، والعربية منها بشكل خاص، فخلال العام 2018 لم تلتزم أي من الدول العربية بدعم الموازنة العامة للسلطة سوى السعودية والجزائر.
كل هذه المؤشرات، وتضاف إليها مؤشرات أخرى مثل التراجع في التداول في بورصة فلسطين بأكثر من 30 % بسبب عدم وجود السيولة والخوف، وتراجع أداء شركات الوساطة بنسبة 35%، كما أن الودائع سجلت تباطء في النمو وفي بعض الشهور سجلت تراجع مقارنة مع 2017، كما ان النمو في القروض والتسهيلات البنكية لم يتجاوز نصف % بعد أن كان يتعدى 8% وأكثر.
كل هذه المؤشرات تدل على ان الاقتصاد الفلسطيني يمر بمرحلة سيئة جدا، كما يقول المتابع للشؤون الاقتصادية الصحافي "محمد عبد الله"، وهو الحال الذي لم يمر به منذ العام 2002.
وتوقع عبد الله خلال حديثه ل" فلسطين اليوم" استمرار هذا الحال للعام المقبل في ظل الانقسام مستمر والضغوطات الأمريكية وتراجع المنح المقدمة منها، وعدم قدرة القطاع الخاص الفلسطيني على التوسع بحكم الظروف السياسية.
وقال عبد الله أن الوضع الاقتصادي الفلسطيني سيستمر بهذا السوء ولربما أكثر في العام 2019، وتابع:" سيكون امتدادا سيئا للعام 2018".
الخبير الاقتصادي د. نصر عبد الكريم، لا يخالف عبد الله في وصفه للوضع الحرج للاقتصاد الفلسطيني، مشيرا إلى أن الخيارات النمو استنفذت بالسابق وخاصة في الأعوام 2014 و2013، حيث المساعدات الخارجية وأفق استئناف العملية السلمية برعاية أمريكية، وقدرة الحكومة على الاقتراض المصرفي وضمان في دفع الرواتب.
وتابع عبد الكريم في حديثه لـ" وكالة فلسطين اليوم الإخبارية" إن الاقتصاد الفلسطيني لهذا العام كان امتداد للعام السابق وما تغير تراجع النمو الاقتصادي في القطاع وارتفاع البطالة، وهو ما جعل كل جهد رسمي لا يجدي أذا لم تحل مشكلة البطالة، و هنا ليس فقط لم تستطيع الحكومة محاربة البطالة، بل أنها لم تستطيع الحد من ارتفاعها، وأي نمو اقتصادي ومؤشرات للنجاح تبدو بلا معنى إذا لم يتحقق فيها فرص عمل والحد من البطالة.
ووصف عبد الكريم وضع الاقتصاد أنه في مسار أفقي والانحناء ليس كبير، وهو ما يجعل التحدي الكبير خلال العام المقبل للحكومة هو الحفاظ على هذا المسار على ما هو عليه.
وقال عبد الكريم إن التوقعات ضغوط أكثر على الاقتصاد الفلسطيني من حيث تراجع المساعدات الدول المانحة، فهذه الأموال كانت تدفع لبناء السلام ولم تكن في أي حال من الأحوال لبناء دولة، وفي ظل توقف عملية السلام وانسداد الأفق يصبح الممول الأساسي للسلطة هو دافع الضرائب من الشعب الفلسطيني.
وتابع:" الاقتصاد الفلسطيني ليس أمامه أي فرص للنمو بعد أن أستنفذ كل الخيارات، ولم يبق أمامه سوى الحفاض على وضعيه الثبات، من خلال استمرار الارتباط بالاقتصاد الإسرائيلي، وكل ما يقال عن إعادة الصياغة الاقتصادية، أو قطعها مع إسرائيل لا معنى له في ظل عدم القدرة على تحمل التبعات مسبقا".