توسع استيطاني مضاعف

تقرير 2018.. العام الأسوأ في الاستيطان وسلب الأراضي الفلسطينية

الساعة 10:46 م|30 ديسمبر 2018

فلسطين اليوم

تسابق حكومة الاحتلال "الإسرائيلي" الزمن لزيادة وتيرة الاستيطان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بهدف خلق وقائع جديدة على الأرض لتحويلها إلى حقائق لما يعرف بـ"السيادة الإسرائيلية"، لا سيما بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل سفارة بلاده إلى القدس.

وفي أعقاب قرار حل الكنيست والتوجه نحو انتخابات مبكرة في التاسع من نيسان المقبل، استهل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حملته الانتخابية مبكرا باجتماع مع رؤساء مجالس المستوطنين بعد مصادقته على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية الجديدة، وتقديم الوعود والإغراءات لهم لحثهم على التصويت لصالحه

ووفق المكتب الوطني للدفاع عن الارض ومقاومة الاستيطان، فإن حجم التوسع الاستيطاني تضاعف في الضفة الغربية بما فيها القدس عدة مرات منذ اتفاق "أوسلو" الذي تم التوقيع عليه في حديقة البيت الابيض في واشنطن عام 1993 بين منظمة التحرير الفلسطينية و"إسرائيل".

"تطهير عرقي وعنصري"

الأمين العام لحركة المبادرة الوطنية الفلسطينية مصطفى البرغوثي، قال "إن عقلية الاحتلال قائمة على الاستيطان والتشريد، وحكومة اليمين في دولة الاحتلال تنفذ سياسة القضم والضم للأرض الفلسطينية، ومخططاتها تقوم على طرد الشعب الفلسطيني ضمن سياسة التطهير العرقي والفصل العنصري".

وأشار البرغوثي في تصريحات صحفية، إلى أن تغول الاحتلال في الاستيطان جاء بسبب تجاهل المجتمع الدولي لكل النداءات والاستغاثات الفلسطينية المطالبة بوقف الاستيطان.

"سيادة إسرائيلية"

وقال الخبير في مجال الاستيطان صلاح الخواجا، إن الاحتلال عكف على ربط التجمعات الاستيطانية الضخمة التي تبلغ 5 تجمعات ببعضها بعضاً بهدف أن تصبح مدن ضخمة مترابطة جغرافياً مع بعضها لتسهيل ضمها لما يعرف بالسيادة الإسرائيلية.

وأضاف الخواجا، أن حكومة الاحتلال ربطت المستوطنات بطرق التفافية تزيد على 1400 كيلومتر وهي أنشأت بعد مصادرة آلاف الدونمات الفلسطينية، وأن الاحتلال ابتدع "الطرق المعقمة" وهي طرق لا يسلكها إلا المستوطنون في الضفة المحتلة ويحظر على الفلسطينيين المرور عبرها.

ولفت، إلى أن حزب الليكود الحاكم بزعامة نتنياهو يريد أن يوضح للمستوطنين أنه صاحب المشروع الاستيطاني الاستعماري على الأرض الفلسطينية، وأنه مستمر في تنفيذ مخطط الضم للضفة المحتلة، ويجب أن يفوز هذا المشروع من خلال فوزه في الانتخابات المقبلة.

"سيطرة على الأغوار"

في السياق، قال الناشط الحقوقي الفلسطيني عارف دراغمة، "إن سلطات الاحتلال سيطرت من خلال مشاريعها الاستيطانية على معظم مناطق الأغوار من خلال تحويلها لمنطقة عسكرية مغلقة ومنحها للمستوطنين وهي تشكل 28% من مساحة الضفة المحتلة".

وأكد دراغمة أن الاحتلال يحاول السيطرة بشكل كامل على 60% من مساحة الضفة المحتلة من خلال مصادرتها وتعزيز البناء الاستيطاني، مؤكداً في الوقت ذاته أن هذا العام هي الأكبر كثافة للاستيطان مقارنة بالأعوام الماضية، وأن الاحتلال قام هذا العام بهدم نحو 560 منزلاً بهدف تشريد الفلسطينيين لإقامة مستوطنات على أراضيهم.

"أموال الغائبين"

وفي تطور خطير يتيح مشروع قانون إسرائيلي جديد لسلطات الاحتلال قدمه حزب البيت اليهودي السيطرة على قرى فلسطينية في الضفة الغربية المحتلة تقع في المناطق المصنفة "C" حال المصادقة عليه وينص على إلزام المسؤول عما تُسمى "أموال الغائبين" بالضفة بتخصيص مناطق ريفية لصالح لواء الاستيطان وتفويض اللواء بإدارة هذه الأراضي وتسجيل حقوقها، ويعتبر "لواء أو دائرة الاستيطان" بمثابة الذراع التنفيذي لحكومة الاحتلال في الضفة الغربية منذ عشرات السنين، وهو المسؤول عن إقامة المستوطنات وتطويرها. وقد حذر المستشار القضائي لحكومة الاحتلال "أفيخاي مندلبيت" من سيطرة "لواء الاستيطان" بالضفة الغربية المحتلة على قرى فلسطينية حال المصادقة على قانون "تسوية المستوطنات".

"الحاكم الفعلي"

على الصعيد ذاته، أفاد مركز أبحاث الاراضي التابع لجمعية الدراسات العربية في تقرير له حول عمليات الاستيطان الاسرائيلية في العام 2018، بأن دوائر الاستيطان الاسرائيلي على الأراضي الفلسطينية في الضفة والقدس قد اتسعت وترسخت بشكل كبير وغدت هي الحاكم الفعلي، وان "دولة الاستيطان خرجت حتى على أنظمة دولة الاحتلال الإسرائيلي ذاتها.

وجاء في التقرير الذي عرضه طاقم من المركز خلال مؤتمر صحفي عقد في مقر وزارة الاعلام بمدينة الخليل اليوم الاحد، ان الفلسطينيين أصبحوا يعانون من احتلالين مركبين: سلطة الاستيطان، وسلطة دولة الاحتلال، وبات واضحاً أن جيش الاحتلال ومحاكم الاحتلال يقفون خلف دولة الاستيطان، ويوفرون لها دعماً مادياً ومعنوياً وأمنياً، لان هناك حكومة مستوطنين تقف على رأس سلطة الاحتلال، تدعمها إدارة أمريكية برئاسة رجل يقف على يمين غلاة المستعمرين الإسرائيليين.

"اعتداءات المستوطنين"

واوضح التقرير ان اعتداءات المستوطنين على الشعب الفلسطيني وأرضه، قد تصاعدت بشكل كبير وأصبحوا يلاحقون كل من يحاول بناء بيتاً أو حفر بئر أو إستصلاح أرض في المنطقة المصنفة ( ج ) ولا يكتفون بالسياسة العدوانية لدولة الاحتلال، بل يُنصِّبون من أنفسهم أسياداً للأرض، ويصنعون بها ما يشاؤون فيما تقف دولة الاحتلال بكل أجهزتها لتدعمهم وتشرعن جرائمهم في سوابق لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.

"هدم 450 مسكنا ومنشأة"

وحسب التقرير فقد هدمت جرافات الاحتلال بإيعاز من دوائر الاستيطان الاسرائيلية في العام 2018 حوالي 450 مسكناً ومنشأة، وتهدد بهدم 580 مسكناً ومنشاة أخرى، كما وشملت هذه الاعتداءات التي نفذتها الدوائر الاستيطانية ما مجموعه 14130 شجرة، وتم الاستيلاء المباشر على حوالي 3877 دونماً من الأراضي الفلسطينية، هذا اضافة الى مسلسل من أساليب الاحتيال للاستيلاء على عقارات وأراض فلسطينية بالتزوير ومن خلال وسطاء دوليين وهميين، كما حدث في مدينتي القدس والخليل.

"شرعنة 66 بؤرة"

وجاء في التقرير ان اقدام حكومة الاحتلال على "شرعنة" 66 بؤرة استيطانية من أصل 250 بؤرة استيطانية اقامها المستوطنون في انحاء الضفة، يعتبر أكبر دليل على ضربها عرض الحائط بكل قرارات الأمم المتحدة، بشقيها مجلس الأمن والجمعية العامة.

واشار الى ان إعلان القدس عاصمة لدولة الاحتلال ونقل السفارة الأمريكية إليها، والسعي لإجهاض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين من خلال إنهاء دور وكالة غوث اللاجئين كشاهد أممي على نكبة فلسطين، يعتبر انتهاكا للقانون الدولي الإنساني وتراجعاً عن كل القرارات السابقة للأمم المتحدة وإمعاناً في تكريس هذا الاحتلال التهجيري الاحلالي ليظل أداة لخدمة رأس المال الإمبريالي، أما قانون القومية فهو دليل ساطع على عنصرية إسرائيل.

وقال "خلال عام 2018، اعترفت خمس دول بالقدس عاصمة لدولة الاحتلال، بعضها نقل سفارته إليها والآخرون على الطريق.

وشدد التقرير على أن ثبات شعب فلسطين على أرضه وتمسكه بحقوقه شكل شوكة في حلق الاحتلال وكاشفاً لعورة المجتمع الدولي المتآمر على قضية فلسطين، ولعل الصمود الفلسطيني في قرية الخان الأحمر لن تكن الأخيرة وسيظل صداها يتردد حتى رحيل آخر مستوطن.

وكانت حكومة الاحتلال انتزعت عشرات آلاف الدونمات في الضفة الغربية منذ عام 2005 تحت غطاء عمل طواقم أطلق عليها طواقم ترسيم الخط الأزرق، والمقصود فيه تحديد خط البناء الأخير للبلدات والقرى الفلسطينية في الضفة الغربية، وفرز قطع الأراضي في الضفة الغربية، تحديداً في المناطق سي، بين أراض خاصة وأراض يمكن الإعلان عنها "أراضي دولة"

وتعتبر المحاكم الإسرائيلية، أنه يجوز لحكومة الاحتلال إقامة مستوطنات على أراضي دولة بينما لا يجوز إقامة مستوطنات على أراض يثبت الفلسطينيون ملكيتهم الخاصة لها.

كلمات دلالية