"فاجعة هدى" أكثرها ألماً

حوادث السير لعام 2018: انخفاض في غزة وارتفاع في الضفة

الساعة 05:57 م|27 ديسمبر 2018

فلسطين اليوم

لم تتوقع السيدة هدى ريان (30 عاماً) أن تفقد حياتها أثناء محاولتها لإنقاذ طفلها محمد (6 أعوام) من بين عجلات شاحنة كبيرةٍ كانت تسير بسرعة على مفترق حي الشجاعية، لتترك خلفها محمد وقد بترت قدمه وأصيب بشلل كبير.

السيدة ريان هي ضحية من بين 180 حالة وفاة شهدتها الأراضي الفلسطينية (قطاع غزة-الضفة المحتلة) عام 2018 لتسجل انخفاضاً ملموساً في عدد الوفيات في غزة وارتفاعاً بسيطاً في الضفة المحتلة إضافة لنحو 15 ألف حادث سير وفقاً للمسؤولين.

ففي قطاع غزة توفي نحو 55 مواطناً بينهم 33 طفلاً نتيجة حوادث السير لعام 2018 وبلغت حوادث السير نحو 3 آلاف، وفقاً للمقدم فهد حرب مدير مكتب تحقيقات الحوادث.

وفي الضفة المحتلة فقد توفي 125 مواطناً نتيجة حوادث السير عام 2018 وبلغت الحوادث نحو 12 ألف، كما أصيب نحو 9 آلاف مواطناً بينهم 150 إصابة خطيرة وفقاً للناطق باسم الشرطة في الضفة لؤي ازريقات.

وتُشكل الحوادث المرورية في فلسطين حربًا ضروسًا بين العائلات، وخطراً يحدق بالمجتمع ويهدد حياة أبنائه، وتثير العديد من النزاعات والمشاكل الاجتماعية والصحية والنفسية، وتخلف العديد من المآسي الأسرية والاجتماعية؛ فضلًا عن التكاليف المالية والاقتصادية التي تنهك ميزانية العائلة.

مسؤول مكتب تحقيقات حوادث الطرق في قطاع غزة المقدم فهد حرب بيَّن أن حوادث الطرق تسببت منذ بداية عام 2018 بوفاة 55 مواطناً بينهم 33 طفلاً، بسبب الدراجات النارية والشاحنات الكبيرة.

وبالمقارنة مع العام الماضي 2017 الذي سجل نحو 73 حالة وفاة قال حرب لـ"فلسطين اليوم الإخبارية": "هناك انخفاضاً ملموساً في عدد الوفيات".

واستذكر المقدم حرب أكثر الحوادث صعوبة خلال عام 2018 قائلاً: "أكثر الحوادث ألماً وصعوبة هو وفاة السيدة هدى ريان أثناء محاولتها انقاذ طفلها الصغير محمد على مفترق الشجاعية أثناء دهسه من قبل شاحنة كبيرة"، مشيراً إلى أن السيدة ريان وأثناء محاولتها قطع المفترق صعدت الشاحنة الكبيرة على ساق الطفل محمد حسن ريان البالغ من العمر6 سنوات ولدى محاولة الأم انقاذ طفلها من الشاحنة صعد العجل الامامي نفسه فوق جسد السيدة هدى ما أدى إلى وفاتها بعد وقت قليل من الحادثة".

وأكد حرب بان أسباب حوادث السير متعددة أهمها (القيادة المتهورة للمركبة – عدم احترام الأنظمة وقوانين السير – عدم امتلاك رخصة القيادة) لافتاً إلى أن قسم الحوادث يُعد توصيات للجهات المختصة للحد من وقوع حوادث السير وما ينتج عنها من وفيات واصابات وخلافات وقضايا في المحاكم وغيرها.

وشدد على ان بعض السائقين بحاجة ماسة إلى إعداد جيد ودورات مكثفة من أجل الوصول إلى بيئة خالية من حوادث السير.

وفي ذات السياق أوضح الناطق باسم الشرطة في الضفة المحتلة لؤي ازريقات أن الضفة المحتلة شهدت 12 ألف حادث مروري ما أدى لوفاة 125 حالة و9 آلاف إصابة بينهم 150 خطيرة خلال عام 2018.

وقال ازريقات لـ"فلسطين اليوم الإخبارية": "إن عدد الوفيات للعام 2018 سجل ارتفاعاً ملحوظاً عن العام السابق والذي توفي فيه 107 مواطناً"، لافتاً إلى أن 67% من حوادث الطرق والوفيات كانت خارج المناطق التي تسيطر عليها الأجهزة الأمنية، مؤكداً أن الطرق التي وقعت فيها أغلب حوادث الطرق غير مؤهلة وفقاً للمعاير الدولية.

وأكد أن العام القادم سيشهد مزيداً من حملات التوعية للسائقين من أجل الوصول إلى أقل الخسائر والأضرار التي يتعرض لها أبناء شعبنا الفلسطيني بسبب تهور بعض السائقين وعدم امتلاكهم الأوراق القانونية التي تصلح لقيادة المركبات.

وأشار إلى أن الشرطة الفلسطينية تسعى لإشراك المواطنين للمراقبة على أداء السائقين من خلال تحفيزهم وتقديم الشكاوى بحق المخالفين لقوانين السير.

من جهته أكد الباحث في السلامة المرورية فتحي أبو سمرة في تصريح سابق لـ"فلسطين اليوم الإخبارية"، أن حوادث السير في كافة دول العالم لا يمكن انهائها بشكلٍ كاملٍ، ما دام هناك (إنسان ومركبة وطرق للسير)؛ ولكن يمكن تقليل الحوادث من خلال إعداد خطط وبرامج قائمة على الاحصائيات والأسباب والحلول.

وقال أبو سمرة: تقليل حوادث السير يكون من خلال اتباع مسارين هامين الأول المنع والردع وذلك قائم بتحرير المخالفات للأخطاء الخطيرة والثاني التوعية للسائقين سواء من شرطة المرور أو من مكاتب السياقة".

وأضاف: "السبب الأول والرئيسي في وقوع حوادث السير يتحمله السائق، هناك لا مبالاة واستهتار كبيرين من السائقين أثناء قيادة المركبة خاصة في طريق مزدحم أو طريق سريع أو عدم تأمين وترخيص المركبة".

وعرض أبو سمرة بعض الأسباب التي قد تتسبب بحوادث سير خطيرة، منها (قطع الإشارة الضوئية، سياقة مركبة دون تأمين أو ترخيص، سياقة مركبة غير صالحة، عدم الوقوف على الكف، التجاوز غير القانوني)، مشدداً أن تلك المخالفات خطيرة يجب تحرير مخالفات لمرتكبها ونقلها للنيابة".

ووجه الباحث أبو سمرة رسالة إلى شرطة المرور طالب فيها "إعداد خطة شهرية بكافة الحوادث وأسبابها وطرق تفاديها كإحصائية شهرية، وفي نهاية العام عليهم دراستها بشكل متقن ومتفاني ووضع الخطط والإرشادات لمحاولة تفادي الأسباب بشكل كامل".

وطالب شرطة المرور ووزارة التربية والتعليم بتخصيص حصص دراسية لتعليم الأطفال طرق السير لأن "التعليم في الصغر كالنقش على الحجر" كما كان سابقاً في عهد السلطة القديمة، واعداد ورش عمل لمن يرتكب حوادث الطرق بشكل متكرر ليستفيد من أخطائه.

 

 

كلمات دلالية