بالصور أطلس للدراسات يعقد ندوة بعنوان: قراءة في "خطة ويز" الاستراتيجية

الساعة 03:46 م|27 ديسمبر 2018

فلسطين اليوم

ناقش باحثون ومحللون سياسيون "خطة ويز" الاستراتيجية الصادرة عن مركز دراسات الأمن القومي، التي حظي نشرها بتغطية إعلامية وبحثية إسرائيلية واسعة، سواء بسبب أهمية المشاركين والمساهمين فيها أو بسبب توقيت صدورها بالتزامن مع التحضيرات لما سمي "صفقة القرن" الأميركية.

ورحب مدير مركز أطلس للدراسات عبد الرحمن شهاب بالحضور، موضحًا أن خطة مركز دراسات الأمن القومي للساحة الإسرائيلية - الفلسطينية تأتي نتيجة لمساريْن متوازييْن ومكمليْن لبعضهما البعض؛ المسار الأول هو فشل مشروع الحل السياسي (السلمي) ووصوله إلى طريق مسدود، خصوصًا مع تدمير إمكانية إقامة دولة فلسطينية بجانب دولة إسرائيل غرب نهر الأردن، والمسار الثاني هو الصمود الفلسطيني وبقاء طائفة كبيرة من الفلسطينيين تصر على الحق الفلسطيني وتقرير المصير، وتستخدم المقاومة لتحقيق هذا الهدف، وتصر على أن  المقاومة هي الوسيلة الوحيدة التي يمكنها أن تواجه المشروع الإسرائيلي.

وتابع شهاب: مركز دراسات الأمن القومي (وعلى رأسه عاموس يدلين وأودي ديكل) ما زال يؤمن بأن ليس هناك حل نهائي مع الفلسطينيين، وأن الحل النهائي هو عملية مستمرة ومتحركة نحو اكتمال السيطرة الإسرائيلية على فلسطين، تلك السيطرة التي لا تتوقف عن ابتكار أدواتها على شكل مبادرات واتفاقيات وتفاهمات ومصادرات وإزهاق أرواح. الحل النهائي في منظور المركز هو أن تتخذ إسرائيل الإجراءات اللازمة لضمان استمرار يهودية الدولة، وأن أي حالة فك اشتباك مع الفلسطينيين يجب ان تتضمن استمرار الفعل الإسرائيلي نحو تهويد المناطق وترحيل الإنسان الفلسطيني.

وأضاف شهاب: هي خطة ترتكز على مزيد من الابتعاد عن الاحتكاك بالسكان الفلسطينيين، مع ضمان حرية الفعل الأمني الإسرائيلي في المناطق التي سلمت "وهمًا" لسلطة فلسطينية تقوم بدور الدولة في إدارة شؤون المواطنين في المجالات المدنية، تعفي الاحتلال من أعباء احتلاله وتخضع أمنيًا لسلطة الجيش الإسرائيلي بشكل مباشر أو غير مباشر.

على الصعيد الدولي، تهدف هذه المبادرة إلى ذر الرماد في العيون، كما يتحدث بوضوح كاتب الدراسة بأن على إسرائيل إعلان التزمها بحل الدولتين والاستعداد للدخول في المفاوضات المباشرة حول اتفاق شامل، لكن بموازاة ذلك تبدأ بتطبيق هذه الخطة على الأرض، وذلك للحصول على الدعم الدولي للخطة؛ بما في ذلك الدعم العربي، وإذا اضطرت للدخول في مفاوضات ووصلت إلى طريق مسدود أو إذا ما فشلت - كما هو متوقع - فإن إسرائيل تستطيع الاستمرار بتنفيذ الخطة وبلورة واقع سياسي وأمني ومدني أفضل لها على المدى البعيد.

وبيّن شهاب أن أقصى ما سيحصل عليه الفلسطينيون هو نقل مناطق (B) إلى مناطق (A)، وتحويل مناطق (C) إلى مناطق صناعية وإنتاجية تخضع للسيطرة الإسرائيلية كاملًا، وتأجيل جميع القضايا الكبرى (القدس واللاجئين وغيرها) لمرحلة يطمع الإسرائيليون أن تتسم بالرفاهية الاقتصادية للإنسان الفلسطيني، رفاهية تفقده الاهتمام بقضيته والتمسك بأرضه، وتحوّله إلى شخصية جشعة تبحث عن الخلاص الفردي، فاقدة لكل مناعة تحُول بينه وبين قبول الخضوع لمشروع إسرائيلي يحكم الأرض والإنسان، تحت مظلة دولة يهودية. عندئذٍ يكون خمول الصراع قد طال عليه الأمد، وقُتلت الروح الفلسطينية، ولم يعد هناك جدوى  للحديث في القضايا الكبرى.

وأوجز شهاب المبادئ الرئيسية للخطة: تعزيز مكونات الأمن وترسيخ المصالح السياسية والأمنية والإقليمية الإسرائيلية في الضفة الغربية وتعزيز الشرعية والمكانة الدولية والإقليمية لإسرائيل وذلك عبر التعاون الإقليمي - الأمني والسياسي والاقتصادي، وعلى صعيد البنى التحتية، تعزيز البنى التحتية والحكم والاقتصاد للفلسطينيين، وتبني سياسية بناء تفضيلية في الضفة الغربية.

وفي ختام كلمته، أكد على أن هذه الخطط والمبادرات ناتجة عن تخبط إسرائيلي ما زال يحاول إقناع نفسه بأنه يُمكن أن يبقى متنكرًا للحق الفلسطيني، في زمن أثبتت المقاومة فيه أنه وصل إلى منتهاه في العلو، ولم يبقَ أمامه سوى التسليم بالحق ولم يعد لديه ما يخيف أحدًا، وما المبادرات إلا شكل للتنازل الإسرائيلي عن أطماع إسرائيل الكبرى دون اعتراف فلسطيني بأحقيتهم على باقي الأرض، فعندما يقبل الإسرائيليون بالانطواء - رغم عدم وجود شريك فلسطيني - فهو تراجع أمام اللا شريك، وهي المقاومة الفلسطينية التي لا تعترف بإسرائيل.

وخلص شهاب قائلًا: نحن في مركز أطلس نرى بأن تطبيق هذه الخطة إسرائيليًا لا يترتب عليه أي التزامات، وقد كتبنا مقالًا في مارس 2013 بعنون: دولة الجدار بديل لدولة التسوية ودولة الهدنة، وكان المقصد هو أن تقوم إسرائيل بالانسحاب من مناطق في الضفة الغربية دون أي التزام فلسطيني. ومن هنا، فقد تكون هذه الخطة ملائمة لأن يتبناها "المعسكر الصهيوني"، خصوصًا ان الجنرال عاموس يدلين كان مرشحًا لوزارة الأمن من قبل حزب "العمل" لانتخابات 2015.

بدوره، قال الباحث عبد الرحمن العقاد أن "الواضح من الخطة أنها لا تطرح شيئًا سيقدم نتيجة الاعتراف بالحق الفلسطيني، إنما هو انعكاس للإشكال الواقع فيه نتيجة الوجود الفلسطيني".

وأضاف العقاد بأن "الواقع الذي سينتج إما أن تكون إسرائيل يهودية نتيجة انزلاقها إلى الدولة الواحدة، وبالتالي ينتفي عنها صفة الديموقراطية،  وإما أن تفرض واقعًا يشمل الفلسطيني وبالتالي تدخل في استحقاق أن للفلسطيني حق مثل الإسرائيلي، وبالتالي تنتفي عنها الدولة صفة اليهودية".

وأردف بالقول: الحوار الثنائي (التفاوض الفلسطيني - الإسرائيلي) إن لم يكن فالإقليمي، وإن لم يكن الحل الإقليمي إذًا فالانطواء؛ كما حدث مع غزة.

الكاتب والمحلل السياسي حسن عبده أشار إلى أن الخطة تأتي ضمن المسار الإلغائي للشعب الفلسطيني وقطع الطريق على أي كيانية فلسطينية، وأنها تتحدث عن كيفية إدارة الفوضى الاستيطانية - إن صح التعبير - بحيث لا ينجم عنها أي مخاطر على مستقبل الدولة كما يراها اليهود أنفسهم.

وقال عبده "ربما من الضروري الإشارة ليس فقط إلى المنطق الصهيوني الذي يقضي بإلغاء الشعب الفلسطيني، بل قطع الطريق على أي كيانية فلسطينية. هذا الحديث عن دولة هو منطق خادع، لأن ما يتحدث عنه لا يشكل دولة، ولا يمكن أن يشكل كيانية لها مستقبل من خلال المشاريع الاقتصادية".

وأوضح أن الخطة تتحدث عن إشكالية الاستيطان وتمدده في الضفة، وتطوير مفهوم للأمن لا يمكن إشباعه، لذلك فالخطة ناجمة عن أزمة إسرائيل.

وبيّن عبده أن هذه الخطة لا يمكن أن تنجح قبل أن تجيب إسرائيل على السؤال الأساسي والمركزي: كيف تريد إسرائيل مستقبلها في المنطقة، الدولة المسيطرة التي لا يضمن بقاءها إلا القتل والدم والإرهاب، هذه الدولة التي دائمًا يسعى اليمين للتسمك بها أو الدولة المندمجة الديموقراطية تسعى إلى الحلول المشتركة مع الفلسطينيين من خلال التفاهم والتعاون وليس من خلال الإملاء والإخضاع.

من جانبه، أكد المحلل والباحث المختص في الشأن الإسرائيلي إسماعيل مهرة أن هذه الخطة تنطلق من الخوف من القوة الذاتية الإسرائيلية؛ ففائض القوة الإسرائيلية لو ظل منفلتًا يمكن أن يهدد الجسم الإسرائيلي نفسه. بينما الخطط السياسية السابقة كان منطلقها الخوف من ردود الفعل العالمية، فإن هذه الخطة تنطلق من الخوف من فائض القوة الإسرائيلية.

وبحسب مهرة، الخطة لا تتحدث عن المظلمة الفلسطينية ولا تأخذ الفلسطينيين بعين الاعتبار سوى كونهم كمًا ديموغرافيًا (كم سكاني يؤثر على يهودية الدولة)، وبالتالي لابد من وضع حد للانفصال عنهم حتى لا يتم تهديد هذه الدولة.

وأضاف: كان من الواضح تمامًا أن هذه الخطة ليس لها علاقة لا بأجندة اليسار ولا بالبحث عن السلام، فهي تتحدث عن المصالح الأمنية لدولة إسرائيل مع ضمان الأغلبية اليهودية، في محاولة لعدم وصفها بأنها تميل أو تمثل اتجاهًا معينًا، وبالتالي ربما بثقل ووزن الأشخاص الذين وقفوا خلفها وما يمثلونه من من مصلحة أمنية عليا لصالح إسرائيل؛ ستشكل إجماعًا إسرائيليًا داخل المركز الإسرائيلي، ولا أستغرب أنه في ظل حكومة متوازنة مُمكن تمامًا القبول بهذه الخطة.

وأعرب مهرة عن تقديره بأنه من الصعب إعادة الحديث عن انطواء جديد دون أن يكون لذلك ثمنًا سياسيًا (أو بالأحرى دون تنسيق)، وهنا المراهنة على الشرعية العربية والشرعية الدولية. هذه الخطة ستكسب إسرائيل شرعية كبيرة في المحافل الدولية، وعلى الأقل ستفتح لها الطريق نحو تطبيع العلاقات والقبول بهذا الحد الأدنى.

وتابع: هناك من يعيب على هذه الخطة من اليسار الصهيوني أنه ولأول مرة تقول مراكز الأبحاث الإسرائيلية بضرورة البناء في المستوطنات، وبأنه لا يجب مناقشة الكتل الاستيطانية على اعتبار أنها محل إجماع إسرائيلي، حسب أجندة اليمين وفي ظل غياب معارضة حقيقية، وأن هذه المراكز تشتري بضاعة اليمين "لا شريك فلسطيني".

وقدّر مهرة أنه على المستوى السياسي، ربما ستمثل هذه الخطة لحزب "العمل" و"المعسكر الصهيوني" راية سياسية تعفيهم من الحديث عن الدولة الفلسطينية.

وختم مهرة بالقول "أعتقد أن الانطواء (الانسحاب أحادي الجانب) هو الخيار الأنجح؛ نأخذ إيجابيات هذه الخطة فيما لو طبقت، سنحصل على بعض المناطق والإنجازات دون أي التزامات سياسية، ولكن الخطر فيها هو التطبيع مع الأنظمة العربية.

من جانبه، أوضح الباحث عبد السلام الحايك أن هذه الخطة ليست خطة حل نهائي، وإنما بذور لحل نهائي، أي خطة مرحلية، ولا ينبغي أن نتعامل معها كحل نهائي.

وأضاف الحايك "نحن أمام حل من طرف واحد تفرضه إسرائيل، في ظل فشل الحل الثنائي والانسداد السياسي"، مشيرًا إلى أن عدم ذكر الفلسطينيين بشكل جدي في هذه الخطة يدل على جديتها.

ووفق الحايك، الخطة فيها تناقضات؛ فهي تطرح الحل من طرف واحد وفي نفس الوقت تشترط التعاون فلسطينيًا! كما أنها لا تقدم دراسة جدية للسلوك الفلسطيني بعد تطبيق الخطة.

وأردف بالقول: الفلسطينيون سيمتلكون حرية حركة وقدرة وتجسيد وطني فلسطيني أكبر، وهذا سينتج عنه تطلعات أكبر، وسيقود إلى مطالب أكبر، وهذا مصدر خطورة على إسرائيل. هذه الخطة تضعف إسرائيل استرتيجيًا، فالطرف الفلسطيني سيصبح أكثر استقلالية، أكثر قدرة وتمكنًا، وسيقل شعور الفلسطينيون بالخطر وأصبحوا أقل خضوعًا للسيطرة الإسرائيلية، وبالتالي هم يريدون الباقي، بالإضافة إلى أن القدرة الإسرائيلية على التحرك داخل المناطق الفلسطينية ستصبح أقل، وحرية الحركة بالنسبة للفلسطينيين أكبر، وهذا سيزيد المخاطر الأمنية على إسرائيل، فدخول الجيش الإسرائيلي للمناطق الفلسطيني سيكون عامل إشعال وتحريك للشارع الفلسطيني.

أما الكاتب السياسي توفيق أبو شومر فأكد على أن "الاستيطان هو جوهر الخطة، والفلسطينيون المحيطون بالمستوطنات مجرد ظلال!"، مضيفًا "نحن ليس لنا وجود بالمفهوم العملي، نحن فقط رموز على الخارطة".

المحلل السياسي هاني حبيب صرح بالقول "لو كنت مقررًا في النظام السياسي الفلسطيني، لصمتّ؛ فهذه الخطة طالما لا تؤدي إلى حل نهائي ولا تكبلني وتسمح لي باستخدام كافة الوسائل للمواجهة، فهي تعطيني امتيازات لن أحصل عليها حتى بالمفاوضات".

وذكر حبيب أن "هذه الخطة تشير إلى أن حقيقة الحرب الأساسية مع العدو تكمن في الضفة الغربية، بما فيها القدس. يجب التركيز على أن طبيعة صراعنا مع العدو هو في الضفة، وقطاع غزة أحد أشكال الدعم".

هذا وشدد لناطق الإعلامي باسم حركة الجهاد الإسلامي مصعب البريم على أن المبادرة تسلط الضوء على الهواجس الأمنية، والبحث عن الشرعية".

وبالحديث عن الحل الاقتصادي، أشار البريم إلى أن الخطة ربطت الفلسطيني بالحلول الاقتصادية المؤقتة (تسكين الصراع) وتوظيف الوجود الفلسطيني؛ جزءٌ منه اقتصاديًا والآخر أمنيًا.

1.JPG
2.JPG
3.JPG
4.JPG
5.JPG
9.JPG
10.JPG
5
 

كلمات دلالية