خبر كفى للرهان / هآرتس

الساعة 10:44 ص|15 يناير 2009

بقلم: آري شفيت

        (المضمون: من الافضل انهاء "رصاص مصهور" بانجاز محدود، والاستعداد مع اوباما لما سيأتي. اذا كان اولمرت يريد ان يذكر كمن اصلح نفسه وطهر نفسه – عليه ان يقول للحرب كفى - المصدر).

        في النهاية قفز اولمرت. الاقوال التي قالها هذا الاسبوع رئيس الوزراء عن الرئيس بوش وعن رئيسة وزارة الخارجية كونداليزا رايس، هي اقوال ما كان لاي سياسي ذي عقل ان يقولها على الملأ. فما بالك بسياسي يقوم بمنصب رئيس دولة مدعومة من الولايات المتحدة. بعد اسبوعين من ادارة ايهود اولمرت للمعركة ضد حماس بمسؤولية وبضبط للنفس، قفز من داخله عزيز متبجح خفيف العقل. بعد اسبوعين بدا فيهما وكأنه استوعب دروس حرب لبنان الثانية، اندلع من داخله القائد المنفلت للحرب الفاشلة اياها.

        ولكن المشكلة ليست فقط في اقوال التبجح التي قالها رئيس الوزراء، بل بمفهوم التبجح الذي بدأ يتبناه. مفهوم بموجبه الحرب هي حرب رائعة. مفهوم يهمس بان هذه الحرب الرائعة يمكن ان تتواصل اكثر فاكثر. مفهوم يؤدي الى ان يفكر اولمرت بجدية بامكانية توسيع الحرب، السيطرة على محور فيلادلفيا واحتلال رفح.

        في العام 1970 كانت اسرائيل غارقة في حرب استنزاف. في بداية تلك السنة حققت تفوقا حاسما على العدو المصري بفضل طائرات الفانتوم التي تلقتها من الولايات المتحدة. ولكن اسرائيل لم تكتفي بذلك، سارت خطوة اخرى، وقصفت اهدافا استراتيجية في العمق المصري. كانت هذه خطة واحدة اكثر مما ينبغي. وقد ادت الى ان يسارع الاتحاد السوفياتي الى تزويد مصر بصواريخ مضادة للطائرات، وهذه عطلت التفوق الاسرائيلي وقلبت النصر بالنقاط الى تعادل محرج. بعد ثلاث سنوات من ذلك ولد هذا التعادل حرب يوم الغفران.

        القاعدة هي قاعدة بن غوريونية بسيطة: لا لشد الحبل اكثر مما ينبغي. استخدام القوة فقط عندما يكون هذا حيويا. ولما كانت اسرائيل ليست قوة عظمى، فانه لا يمكنها ان تدير حروبا امبريالية طموحة ولا يمكنها ان تصل الى حسم مطلق على خصومها. عليها ان تكتفي باهداف محددة ومدروسة. ان تردع العدو، ان تضمن الهدوء بشكل عام، وان تؤجل قدر الامكان الحرب القادمة.

        في الاسابيع الاولى من حملة "رصاص مصهور" عمل المنطق الـ بن غوريوني. الجيش الاسرائيلي ضرب حماس، ردع حماس وخلق قاعدة عسكرية لترتيب سياسي يوقف النار ويقلص التهريب. بثمن بشري باهظ اوضحت اسرائيل لجارتها، بانها مصممة على ان تدافع عن نفسها وقوتها في متنها. ولكن منذ عدة ايام والحملة في غزة تخرج عن اهدافها الاصلية، ومن المعاني الاستراتيجية التي ميزتها في بدايتها. اذا لم تتوقف الحملة فورا فمن شأنها ان تؤدي الى تلك الخطوة الاضافية، التي ستكون خطوة واحدة اخرى اكثر مما ينبغي.

        الاغراءات شديدة: قادة الميدان مصممون، والسياسيون المكافحون يضغطون، الجمهور يريد حسما مطلقا، والقائد عطش لارث طيب، ولما كانت الحملة من ناحية عسكرية تسير من نجاح الى نجاح – تتعاظم الامنية في الوصول الى نجاح حاسم، يغير الواقع الى الابد.

        هذه الاغراءات خطيرة. مثلما في العام 1970 من شانها ان تورط اسرائيل في خطوة اثرها مردود عليها، مخاطرها كبيرة بلا قياس اكثر من امالها. كل يوم يمر هو لعب بالنار. كل تفكير عن تشديد النار من شأنها ان يضرم شعلة فظيعة.

        اولمرت هو رجل شجاع. شجاعته سمحت له بان يتخذ في السنتين الاخيرتين قرارات مصيرية احسنت لاسرائيل. ولكن احيانا يكون اولمرت شجاعا اكثر مما ينبغي. غير مرة يتصرف كمقامر. هذا الاسبوع بات يشبه اكثر فاكثر ذاك المقامر الذي اجترف الصندوق المرة تلو الاخرى، ولكنه لم يعرف كيف ينهض في الوقت المناسب عن الطاولة. وعليه فان على رفاق وزير الدفاع ومقربيه ان يقولوا له الان انه حان الوقت للنهوض عن الطاولة. حان الوقت لوضع حد للحرب.

        في الاسبوع القادم سيبدأ عصر براك اوباما. اسرائيل لا يمكنها ان تسمح لنفسها ان تدخل هذا العصر فيما ان قواتها عالقة في الوحل الانساني والاخلاقي في غزة. التحدي امام اسرائيل في الهجوم ضد حماس هام، ولكنه ليس اهم التحديات. وعليه فمن الافضل انهاء "رصاص مصهور" بانجاز محدود والاستعداد مع اوباما لما سيأتي. اذا كان اولمرت يريد ان يذكر كمن اصلح نفسه وطهر نفسه – عليه ان يقول للحرب كفى.