نتنياهو واليمين في اوروبا: نجاح لا بأس به- هآرتس 

الساعة 02:39 م|18 ديسمبر 2018

فلسطين اليوم

نتنياهو واليمين في اوروبا: نجاح لا بأس به- هآرتس 

بقلم: مور التشولر

(المضمون: لشدة العجب، اسرائيل هي بالنسبة لليسار مثال للتعامل المتزن مع التطرف الاسلامي بدون أن تفقد طابعها الانساني. وما يبدو لليسار كفشل مأساوي لنا يبدو من الخارج كنجاح لا بأس به - المصدر).

هل حكومة اسرائيل ستقاطع مارين لوبين اذا تم انتخابها رئيسة لفرنسا؟ لوبين التي احتمال فوزها في الانتخابات القادمة يتزايد، نفت في السابق دور نظام فيشي في ارسال يهود فرنسا الى معسكرات الابادة. واذا انتخب جيرمي كوربن اللاسامي في بريطانيا فهل سيستقبل في اسرائيل؟ هذا الصراع والتردد سيتعاظمان بقدر ما تزداد اوروبا تطرفا، نحو اليمين أو اليسار.

رئيس الدولة تملص من لقاء مع نائب رئيس الحكومة الايطالي، ماتيو سلفيني، الذي عبر عن اعجابه بموسوليني. لا يوجد لرئيس الحكومة امتياز التملص من الحكومة الايطالية الحالية مثلما لا يستطيع تجاهل التطورات في دول اوروبا الاخرى.

مقاربة نتنياهو هي سياسة واقعية، التي تشبه سياسة الدولة على مدى تاريخها: هذه المقاربة اثمرت اتفاق التعويضات مع المانيا وتم التعبير عنها بمفهوم "المانيا مختلفة"، الذي اخترعه دافيد بن غوريون لتبرير العلاقات العسكرية التي تراكمت في الخمسينيات مع المانيا الغربية. يصعب الافتراض بأنه هو واصدقاءه لم يلاحظوا اعادة كتابة التاريخ الذي ظهر في الاعتذار القسري للمستشار كونراد اديناور الذي اعلن في 1951 بأن "الشعب الالماني بأغلبيته الساحقة اصيب بالاشمئزاز من الجرائم التي ارتكبت ضد اليهود ولم يشاركوا فيها". ولكن مقاربة السياسة الواقعية مكنت من الفصل بين المشاعر القاسية وبين حاجات البقاء لاسرائيل الشابة. العلاقات التي تطورت منذ ذلك الحين مع المانيا لم توقف التحقيق في الكارثة، وتعليم الكارثة وكشف الحقيقة عن ابادة اليهود.

مناحيم بيغن الذي عارض اتفاق التعويضات لم يتهم بن غوريون بتشجيع النازيين. زيارة سلفيني في المقابل، استغلت من قبل اليسار لمهاجمة نتنياهو، الذي وصف كمن يعانق فاشيين من مثل سلفيني الايطالي واوربن الهنغاري ومورفيتسكي البولندي. وأكثر من ذلك ما فعله البروفيسور موشيه سمرمان الذي قال إن الفاشيين الجدد في اوروبا الذين يكرهون المسلمين يحبون نتنياهو بفضل ما يفعله بالفلسطينيين.

لقد خرج المارد من القمقم: النقاش ليس عن الماضي، أي عن الدور غير المنفي لايطاليين وهنغاريين وبولنديين في ابادة اليهود، بل عن الحاضر. اقوال سمرمان كشفت عن معيار اليسار الراديكالي بشأن الدبلوماسية المناسبة. جيرمي كوربن اللاسامي الى الداخل، لأنه يحب المسلمين. سلفيني واوربن ومورفيسكي الى الخارج، لأنهم يعارضون هجرة المسلمين الى اوروبا.

حسب نفس المعيار فان انغيلا ميركل التي فرضت على اليونان ركود اقتصادي شديد، يتم وصفها من قبل اليسار كزعيمة رحيمة لأنها أدخلت الى المانيا لاجئين ومهاجرين من الشرق الاوسط. وبرلين هي عاصمة التسامح العالمي بفضل مئات المساجد فيها التي تقدم الكفارة للالمان عن تدمير الكنس في "ليلة البلور".

اليسار يصمم على أن يرى بالمهاجرين المسلمين وكأنهم اليهود الجدد في اوروبا ومنحهم مكانة المضطهدين والمعذبين. يمكننا أن نفهم هذه الضرورة، لكن اساسها في تحليل خاطيء حيث أن العكس هو الصحيح: نظرا لأنهم تخلصوا من اليهود بطرق عنيفة جدا، لم ينجح الاوروبيون في التعامل مع موجات هجرة المسلمين، والآن ليس لديهم حل انساني. إما أن يطردوا المسلمين كما يطلب اليمين ذلك، وإما أن يغرقوا في تطرف المسلمين. وهم يوهمون انفسهم بأنهم متنورين ومتقدمين، مثلما يفعل اليسار. في هذه المصيدة تتأرجح السياسة في اوروبا من تطرف الى آخر.

بنيامين نتنياهو ينجح في رسم مسار في اوروبا المتأرجحة بمقاربة السياسة الواقعية: هو يوطد العلاقات مع دول في الشرق وفي الجنوب دون المس بالعلاقات مع غرب اوروبا، حيث ان ميركل ومكرون وتريزا ماي يصغون الى مواقف اسرائيل اكثر من اسلافهم.

لشدة العجب، اسرائيل هي بالنسبة لهم مثال للتعامل المتزن مع التطرف الاسلامي بدون أن تفقد طابعها الانساني. ما يبدو لليسار كفشل مأساوي لنا يبدو من الخارج كنجاح لا بأس به.

كلمات دلالية