يرقصون على الدم - هآرتس

الساعة 05:41 م|17 ديسمبر 2018

بقلم: مردخاي كرمنتسر

 

(المضمون: قانون شرعنة المستوطنات الجديد ينشيء واقع من الصعب التراجع عنه ويشجع من يخرقون القانون على الاستمرار في اعمالهم، وبهذا فان الحكومة تتنازل عن القواعد الاساسية لسلوكها - المصدر).

 

قرار اللجنة الوزارية للتشريع المصادقة على مشروع القانون الذي يسوي بشكل مؤقت البناء غير المرخص في الضفة (قانون التسوية 2) يدل على حكومة ليس الامن هو الذي يهمها ولا سلطة القانون، بل فقط بقاءها السياسي. من اجل ذلك كان يجب على المبادر الى القانون عضو الكنيست بتسلئيل سموتريتش الحصول على نصيبه من قطعة اللحم لصالح ارضاء القاعدة اليمينية – الاستيطانية دون أن يسمح الليكود للبيت اليهودي بتجاوزه من اليمين. اذا لم يتم اعطاء حقيبة الدفاع لبينيت فسنعزي انفسنا على الأقل بسحق سلطة القانون، حيث أنه لا يمكن أن تحدث عملية ارهابية دون الاستفادة منها سياسيا. كل شيء محلل من اجل تعزيز السيطرة اليهودية على المناطق على حساب الفلسطينيين. لا يخشون حتى من الربط الصادم بين الدم الطاهر الذي يسفك وبين تعزيز الاستيطان، وكأن الاول هو شرط لوجود الثاني.

 

ليس عبثا أنه قيل للجنة الوزارية بأن المستشار القانوني للحكومة يعارض بشدة القانون المقترح، وهذا بسبب عائق قانوني. لأن هذا القانون يخالف القانون الاساس: حرية الانسان وكرامته، بسبب المس الشديد الذي يكمن فيه بحقوق الملكية والصعوبات القانونية التي يطرحها في سياق المساواة امام القانون وسلطات القانون. المستشار كان محقا عندما حذر، بواسطة نائبه المحامي راز نزري، اللجنة الوزارية من التداعيات الدولية لهذا القانون والأخطار الكبيرة التي يعرض اسرائيل لها في هذا المجال.

 

الحديث يدور عن تحد كبير لكل من يهمه القانون الدولي. ايضا في الواقع السياسي الحالي الذي فيه ضعفت قوة القانون الدولي، فانه لم يضعف ويمكنه أن يعض. إلا أن آذان الوزراء صماء أمام مستشار قانوني مسؤول وموضوعي. كما أن البديل الذي اقترحه المستشار – استخدام الانتقائية اكثر في قانون السوق (بديل مشكوك فيه) – لم يرض الوزراء. ولكن هناك أمر اكثر دواما من الوضع المؤقت الذي يتحدث عنه القانون، حيث أنه اذا تحول مشروع القانون الى قانون فهو سيؤدي الى أن كل ما بني خلافا للقانون، بما في ذلك ما بني على اراض خاصة، ستتم شرعنته في نهاية الامر – إلا اذا تدخلت المحكمة العليا.

 

الواقع الذي تريد التسوية تشجيعه وخلقه سيكون فعليا غير قابل للرجعة. رغم الاستهانة برأي المستشار فان الانطباع الذي ولد هو أن البيت اليهودي واليمين المتطرف في الليكود يدفعون بصورة متعمدة الى وضع تحد أمام المحكمة العليا من خلال رفع طوال الوقت الوزن الموضوع على كفة الميزان. الفكرة هي تخويف القضاة من اجل عدم الجرأة على الوقوف ضد قوانين السلب، واذا وقفوا فستتم شرعنة الاراضي للمس بصلاحيات المحكمة باسم الولاء لارض اسرائيل.

 

منذ عشرات السنين، على الاقل منذ تقرير يهوديتك يرف الاول، يوجد شك كبير في أن سلطة اسرائيل في الضفة هي سلطة قانون. مشروع القانون الذي تمت المصادقة عليه الآن يوضح مرة اخرى أنه بالنسبة للحكومة الحالية فان الحديث لا يدور عن سلطة قانون بل عن سلطة سلب. من الواضح ايضا أن شرعنة خرق القانون السابق تدعو وتستدعي حقا خرق قانون مستقبلي، أي أنه بدلا من القانون فان الشرعنة ستزيد الصفقات اليهودية بواسطة القوة. بدلا من استخدام القانون للدفاع عن الحقوق الاساسية فقد اصبح أداة للمس بها على قاعدة التمييز بين اليهود والعرب، بل بين من يعتبرون انفسهم سادة البلاد كلها وبين من يعتبرون في نظرهم معتدين حتى فوق اراضيهم.

 

ما الذي يريده الارهابي؟ اخراج من يحاربه عن توازنه وجعله يتخذ خطوات ستؤدي الى زيادة الارهاب. قرار اللجنة الوزارية يدل على فقدان البصيرة. وهو سيولد ارهاب آخر. كاذب هو الادعاء بأن التحريض هو التفسير الوحيد للارهاب. سيطرة اسرائيل على الاراضي الفلسطينية من خلال المس بحقوق الملكية الخاصة والغاء احتمالية اقامة الدولة الفلسطينية، هي سبب واضح لتشجيع الارهاب. هكذا ايضا هدم البيوت ووسائل اخرى، بقدر ما تمس بمن لا يتعاون مع الارهاب. الوزراء يعملون اذا في خدمة الارهاب.

 

الحكومة تتنازل عن القواعد الاساسية لسلوك الحكومة في مجال لا مثيل له في أهميته وهو أمن الدولة: اعضاء الكابنت السياسي الامني الذين يسعون الى تقويض دوره ويخرجون علنا ضد قراراته، لكنهم يواصلون التواجد فيه بدون تقديم الاستقالة أو الاقالة، والذين يهاجمون رئيس الاركان والنائب العام العسكري، لأنهما يتمسكان بالقانون وشرف المهنة، ومؤخرا – وزراء يتظاهرون ضد الحكومة التي هم اعضاء فيها. ماذا بقي كي نفهم أن هذه الحكومة وصلت الى نهاية الطريق.