سياسيون في الاحتياط - معاريف

الساعة 05:37 م|17 ديسمبر 2018

بقلم: يوسي احيمئير

(المضمون: رجال جهاز الامن السابقون الذين وقعوا على اعلان "الطلاق من الفلسطينيين" يخدمون رواية العدو. يجدر بنا أن نتعلم من درس الانفصال البشع عن جنوب لبنان وعن غزة - المصدر).

 

في ذروة موجة ارهاب قاسية في يهودا والسامرة، حين نشيع موتانا الى مثواهم الاخير، ضحايا الارهاب الفلسطيني الذي يخرج من رام الله ويحرض من غزة، حظينا باعلان يقع في صفحة كاملة موقع من "قادة من أجل أمن اسرائيل".

 

أنت تمر على الاسماء: الوية واعمدة، الوية شرطة واعمدة شرطة، رؤساء شعب ونواب رؤساء شعب. كثيرون منهم معروفون، آخرون معروفون اقل، وكلهم ساهموا على مدى السنين والحروب في أمن اسرائيل. قادوا المقاتلين في ميادين القتال، صدوا الاعداء، عرضوا حياتهم للخطر، رأوا الموت امام عيونهم، رفاقهم سقطوا امامهم وهم فعلوا اكثر من أي مواطن آخر في الدولة. نحن مدينون لهم بوجودنا.

 

وها هم حين يكونوا في مكانة الاحتياط، تكتلوا جميعهم في اعلان واحد، في صحيفة اليسار ("هآرتس") وفي صحيفة اليمين ("اسرائيل اليوم") كي يدعوا الكنيست والحكومة "لمبادرتي الى الانفصال عن الفلسطينيين، لوقف اجراءات الضم التي تؤدي الى مصيبة وطنية وللتأكد من أن تبقى اسرائيل يهودية وديمقراطية. لطلاق الفلسطينيين". امام قادة كهؤلاء، من أنا الصغير، بالاجمال رائد في الاحتياط، لاقف امامهم؟

 

يوجد بالطبع جنرالات كثيرون آخرون، وفي رتب أدنى ايضا، لم يوقعوا على هذا الاعلان السياسي. والموقعون عليه، ماذا يعرفون بشكل افضل ممن هم مطلعون على الامور ويقودون الدولة اليوم بشكل ديمقراطي؟ وماذا تغير في وضع النزاع الاسرائيلي الفلسطيني في المئة سنة الاخيرة وعلى الاقل منذ ان كانوا في الخدمة الفاعلة وحتى اليوم؟

 

تجربتهم ورتبهم تضعهم – برأيهم على الاقل – عاليا في الفهم العسكري – السياسي فوق المواطن العادي. يبرز هنا موقف سياسي يمكن تحديد حدوده بين اليسار واليسار المتطرف. يدور الحديث عن اعلان سياسي تحت غطاء مثير للانطباع من "قادة" مطلعين زعما. كيف يختلف هذا الاعلان "الامني"، لنقل، عن اعلان كان وقع عليه بضع عشرات سائقي السيارات العمومية؟

 

"طلاق الفلسطينيين"؟ ألم نجرب الفرارين من جنوب لبنان ومن قطاع غزة دون اتفاقات؟ وما الذي حصلنا عليه؟ تهديد متعاظم في الشمال، ارهاب وتحريض في الجنوب. "تطلقنا" من القطاع، فهل القطاع "تطلق" منا؟ أولم يتصاعد التهديد من هناك بالذات بعد الطلاق الذي اعطيناه لهم؟

 

ما العمل بمواطني اسرائيل واعضاء الكنيست الذين يعرفون انفسهم كفلسطينيين؟ كيف "نطلق" هؤلاء الفلسطينيين؟ لعلنا نمرر خط الفصل في داخل حيفا او بين يافا وتل أبيب؟ هل "لنبادر الى الانفصال" هي لغة مغسولة للعودة الى خطوط 67 الكارثية؟ الانسحاب لن يجلب لنا الراحة والهناء. فمنظمة م.ت.ف اقيمت في 1964، قبل ثلاث سنوات من الاحتلال، ولا تزال تحرض وتعمل ضدنا.

 

من ناحية العدو، لا فرق بين شيلو المحتلة وبين جفعتايم المحتلة. لا فرق بين احتلال 67 وبين احتلال 48. العودة الى خطوط 67 هي مرحلة في خطة المراحل لتدمير اسرائيل. اذا لم يكن لنا حق في مكان الهيكل الاول، فما هو حقنا في كل مكان آخر في هذه البلاد؟ اذا لم تكن الخليل مدينة الآباء، فأي حق يوجد لنا في رمات أفيف؟

 

يتبنى الاعلان، بلغة نقية وغير مباشرة، انطلاقا من المصلحة الاسرائيلية، الرواية الفلسطينية بالذات. وهو نقيض فكرة الحائط الحديدي الواقعية جدا في الواقع الشرق اوسطي ذي نزعة القوة. ان مطالبة "القادة" الحكومة والكنيست تخدم الفلسطينيين. حين تكون المرحلة الاولى في مطالبة م.ت.ف وحماس ستتحقق، فانهم لن يكتفوا بذلك؛ وهم سيرتفعون درجة في كفاحهم متعدد المراحل: سيطالبون ايضا بتسهالى، يفنه، يافا، حيفا والرملة.

 

خسارة أنه في هذه الايام الدموية ينشر هذا الاعلان، وبالتأكيد من جانب افضل قادتنا، من الماضي القريب والبعيد. هذا كما أسلفنا اعلان سياسي، وليس امنيا، وهو ليس واقعيا ايضا. فالاعلان يقوض حقنا في الاستيطان في كل مواقع وطننا وهو يخدم اهدافا مغايرة لتلك التي قصدها الموقعون، بحكم براءتهم.