لا يجب ان نخدم خطة حزب الله.. اسرائيل اليوم

الساعة 09:00 م|10 ديسمبر 2018

بقلم

(المضمون: فبدلا من بث القوة والتصميم وفرض الرعب على حزب الله الذي خرق بقدم فظة سيادتها، اختارت اسرائيل تعظيم صورته المهددة والرادعة في نظر الجمهور الاسرائيلي، وهكذا خدمته. خسارة).

إن تصفية أنفاق الارهاب لحزب الله، والتي بدأت اسرائيل بها الاسبوع الماضي، هي دليل آخر على التفوق التكنولوجي والاستخباري للجيش الاسرائيلي، الذي لا يغيب عن ناظريه أي شيء في لبنان. فالحديث يدور عن ضربة لحزب الله ايضا، ليس فقط لانه فوجي واحرج بل واساسا لان الانفاق كان يفترض بها أن تكون "سلاح يوم الدين"، الذي أمل من خلاله أن يحقق حسما في المعركة.

مثلما في الماضي، فان الانتصار في جولة المواجهة التالية سيكون أولا وقبل كل شيء في الوعي. من ينجح في عرض صورة نصر ويحطم معنويات الطرف المقابل، سيتوج كمنتصر وسينجح في فرض وقف النار بشروط مريحة له. لقد أمل حزب الله في أن تكون السيطرة المفاجئة عبر الانفاق على مستحكم عسكري او بلدة، هي الورقة المنتصرة. اما اسرائيل فسحبتها من يده.

بالذات لان المواجهة هي في قسمها الاكبر على الوعي، مؤسف ان نكشف انه في هذه الساحة، بخلاف تام مع ساحة التكنولوجيا والاستخبارات، لم تحسن اسرائيل اللعب. فبدلا من بث القوة والتصميم وفرض الرعب على حزب الله الذي خرق بقدم فظة سيادتها، اختارت اسرائيل تعظيم صورته المهددة والرادعة في نظر الجمهور الاسرائيلي، وهكذا خدمته. خسارة.

ان الحملة الهندسية للجيش الاسرائيلي تمت كلها في الاراضي السيادية لاسرائيل. لا حاجة للمرء أن يكون خبيرا كي يقدر بانه في هذه الظروف سيمتنع حزب الله عن كل رد، وسيحرص على الا يجتاز خط الحدود، كما حرص على عمل ذلك منذ حرب لبنان الثانية. ورغم ذلك، فان التقارير في وسائل الاعلام بثت خوفا ورعبا من رد محتمل لحزب الله، وغرست في الجمهور احساسا بان الحرب على الابواب. وهكذا، بدلا من أن تشعر المنظمة بانها مهددة، لخرقها سيادة اسرائيل، اصبحت اسرائيل هي التي في موقف الدفاع.

من أثبت قدراته كان بالذات الجيش الاسرائيلي، بينما حزب الله ظهر كمنظمة "مخترقة" ومكشوفة وبالاساس مهددة ومردوعة. وبدلا من ان تلعق المنظمة جراحها، منحوها نقاط تفوق في الصراع على الصورة.

الحقيقة هي ان الحديث يدور عن عدو ضربته لاسرائيل كفيلة بان تكون اليمة، ولا ينبغي الاستخفاف به. ولكن ليس صدفة أن حزب الله هو المردوع والمفزوع من اسرائيل، وزعيمه حسن نصرالله لا يتجرأ على أن يظهر وجهه علنا منذ اكثر من عقد.

ان المنظمة كفيلة بان تحاول ان يخترق بضع عشرات من رجالها الاراضي الاسرائيلية بل والسيطرة على استحكام او عدد من المنازل؛ كما يمكنها أن تمطر الصواريخ على اسرائيل. ولكن اسرائيل، ان ارادت ان تكون مصممة بما يكفي، فيمكنها أن تحتل لبنان كله والا تترك فيه حجرا على حجر. كل طفل في لبنان يعرف هذا؛ ومن هنا الخوف في لبنان، بما في ذلك في داخل منظمة حزب الله، حرب اخرى، خوفا في الغالب ليسوا في اسرائيل على وعي به.

هذا الموضوع هام، لان التحدي مع حزب الله لا يزال امامنا. ومنذ وقت غير بعيد كشف رئيس الوزراء نتنياهو النقاب عن ان حزب الله يسعى الى أن يقيم في بيروت مصانع لتحسين دقة الصواريخ التي لديه. وقد اوضح بانه بالنسبة لاسرائيل، فان بداية العمل في هذه المصانع هي خط احمر لا يجب اجتيازه. غير أنه في هذه الحالة لا تكفي أعمال الحفر والتنقيب في الجانب الاسرائيلي، وواضح انه ستكون حاجة الى خطوة عسكرية من شأنها أن تؤدي بالمنطقة الى جولة عنف لم يشهد لها مثيل منذ صيف 2006.

نحو جولة مواجهة كهذه – على أمل ان يردع حزب الله والا تكون حاجة لها – مطلوب حصانة جماهيرية وبالاساس رأي عام متحفز ويقظ، ولكن ليس رأي عام يعيش في فزع دائم. هذا هو السر الذي سيؤدي الى الحسم والى تقصير المواجهة التالية. في اللحظة التي يتضح لحزب الله بان مساعيه لاخافة الرأي العام في اسرائيل من أجل الضغط على الحكومة بان تتنازل، لم تنجح، سيتحقق الحسم.