خليط استراتيجي.. إسرائيل اليوم

الساعة 03:15 م|07 ديسمبر 2018

بقلم

(في ضوء التعاظم المتصاعد لقوة حزب الله، في انتشاره الهجومي والدفاعي ضد اسرائيل في كل الاراضي اللبنانية، بحجم لم يشهد له مثيل حتى الان، فان دولة اسرائيل مطالبة بالاعلان عن مفهوم حربي جديد ضد لبنان).

ان مسؤولية حكومة لبنان عن الاعمال الهجومية ضد دولة اسرائيل والتي تتم في اراضيها، هي مسألة مركزية ومحتمة. فقد برزت المسألة في صيف 2006 لتكون في مركز الخلاف بين رئيس الاركان دان حلوتس ورئيس وزراء اسرائيل ايهود اولمرت في ادارة حرب لبنان الثانية.

في اعتبار دولة لبنان كمسؤولة عن الاعمال الهجومية لحزب الله والتي تتم من اراضيها، طالب رئيس الاركان حلوتس بمهاجمة البنى التحتية الوطنية لدولة لبنان. اما رئيس الوزراء اولمرت فمنع هذا الهجوم، وذلك ضمن امور اخرى كنتيجة للضغط الذي مارسه عليه قادة دول الاتحاد الاوروبي.

لقد عبر انتهاء هذه الحرب بقرار الامم المتحدة 1701 عن توقع لاعادة سيادة حكومة لبنان على ما يجري على الحدود الاسرائيلية. ولهذا الغرض، فقد فرضت في قرار الامم المتحدة قيود على نشاط حزب الله في جنوب لبنان، ودعي الجيش اللبناني لان ينتشر في المنطقة من جديد.

ولم يتحقق هذا التوقع الا ظاهرا. فما نشأ منذ نهاية الحرب ليس فقط أن حزب الله تعاظم من كل النواحي وفي كل الاراضي اللبنانية بل ان الجيش اللبناني اصبح بقدر كبير شريكا في مساعي التنظيم والتعاظم لحزب الله.

وبالذات من داخل قيود قرار الامم المتحدة 1701، تطورت انماط التعاون بين الجيش اللبناني وبين حزب الله. فالشرعية السياسية لجيش لبنان منحته فضائل تسمح بتمثيل رسمي وعلني في الساحة الدولية للمصالح اللبنانية، مثلما يتم في اللقاءات الشهرية التي تجرى بين ضباط الجيش اللبناني وضباط الجيش الاسرائيلي، بتوجيه وادارة قيادة القوة الدولية للامم المتحدة.

من هو مسؤول عن تمثيل الخلاف على مسار خط الحدود اللبنانية بين اسرائيل ولبنان – رغم قرار الامم المتحدة في الموضوع من خلال قرار 425، الذي اتخذ قبل انسحاب الجيش الاسرائيلي من لبنان – هو الجيش اللبناني، وهو الذي يهدد اسرائيل بالمساعي لمنع اقامة الجدار الجديد على الحدود اللبنانية.

بين دولة لبنان الرسمية وبين حزب الله نشأ واقع جديد يعبر عن خليط نافع وتقسيم استراتيجي للعمل. جنود الجيش اللبناني في التمثيل السياسي هم المسؤولون عن الفحص الامني والحراسة في بوابات حي الضاحية في بيروت حيث تقع قيادة حزب الله.

اما مقاتلو حزب الله من الجهة الاخرى، فهم الذين قادوا الجهود القتالية في سوريا في مساعدة حكم الاسد كتمثيل للمصلحة اللبنانية. درجة عالية من التعاون العملياتي بين حزب الله والجيش اللبناني وجدت تعبيرها في قتال مشترك كتفا بكتف ضد قوات داعي في جبال قلمون على الحدود السورية – اللبنانية.

في هذه الظروف لا يمكن استبعاد امكانية أنه في حرب بين الجيش الاسرائيلي وحزب الله، من شأن قوات الجيش اللبناني أن تتخذ دورا نشطا في مساعدة حزب الله في الجهود لصد هجوم الجيش الاسرائيلي في عمق لبنان. في هذه الاثناء، في السنوات الاخيرة، يحظى جيش لبنان بدعم امريكي بالسلام وبالتوجيه المهني.

دولة لبنان، كمخلوق مميز، تلخص بذلك الفضائل الكامنة في قدرتها على السلوك الذكي وشق الطريق بين قطبين متعارضين: بين الصلة بالدول الغربية، ولا سيما فرنسا والولايات المتحدة، في تعاون عسكري واقتصادي سعيا الى الاستقرار، وبين الصلة الوثيقة بايران وسوريا من خلال منظمة حزب الله – التي تجسد ميل الصراع والتآمر. وهنا يكمن بقدر كبير سر نجاح لبنان في الحفاظ على وجوده كجزيرة استقرار في الهزة الشرق اوسطية في العقد الاخير.

في نمط السلوك هذا، حققت دولة لبنان حصانة من تشخيصها في الساحة الدولية كشريك لنشاط حزب الله. وفي ضوء التعاظم المتصاعد لقوة حزب الله، في انتشاره الهجومي والدفاعي ضد اسرائيل في كل الاراضي اللبنانية، بحجم لم يشهد له مثيل حتى الان، فان دولة اسرائيل مطالبة بالاعلان عن مفهوم حربي جديد ضد لبنان.

صحيح فعل رئيس الوزراء نتنياهو – باعلانه عن المسؤولية السيادية للبنان عما يجري في اراضيها ضد اسرائيل. هذا لا يكفي. على حكومة اسرائيل أن تقود جهدا سياسيا لايضاح جملة المعاني النابعة من ذلك على لبنان في نتائج الحرب التالية، اذا ما نشبت بين اسرائيل وحزب الله.