بؤرة الصراع بين اسرائيل وايران تنتقل الى لبنان - هآرتس

الساعة 04:46 م|02 ديسمبر 2018

بقلم: عاموس هرئيل

(المضمون
: شحذ قدرات حزب الله الهجومية في الحرب الاهلية السورية وعودة عدد من وحداته الى لبنان، تقلق اسرائيل - المصدر).

الحادثة التي وقعت في سماء سوريا مساء يوم الخميس والتي وصفت باقوال دراماتيكية في وسائل الاعلام العربية تبدو بأثر رجعي حدث صغير نسبيا. نظام الدفاع الجوي السوري شخص ما وصف بحركة غير عادية لطائرات اسرائيلية في جنوب سوريا. السوريون اطلقوا نحو 20 صاروخ مضاد للطائرات، وخلافا لادعاءاتهم لم يصيبوا أي طائرة اسرائيلية أو أي صاروخ اسرائيلي. من سوريا لم يتم تلقي أي تقرير موثوق عن اضرار تم التسبب بها في الهجوم الاسرائيلي – حتى روسيا لم تهتم اطلاقا بالادانة أو التطرق بصورة رسمية للحادثة.

بقايا أحد الصواريخ المضادة للطائرات السورية سقطن في هضبة الجولان في الجانب الاسرائيلي، ولكنها لم تتسبب بأضرار. ومثلما هي الحال في حالات اخرى مؤخرا، هذا يبدو كرد زائد وغير مراقب من جانب السوريين الذين في مرة سابقة في 17 ايلول ادت الى اسقاط طائرة استخبارات سورية بالخطأ.

الحادثة وقعت بعد ساعات معدودة من تصريح استثنائي لرئيس المخابرات السابق عاموس يادلين. الجنرال (احتياط) يادلين الذي يترأس الآن معهد بحوث الامن القومي، قال في مقابلة مع قناة الاذاعة 103 إنه في الاسابيع الاخيرة حدث تغيير في سلوك ايران في المنطقة. "اضافة الى أن الروس غاضبين منا ويديرون ظهرهم لنا، أنا أقدر أنهم نقلوا رسائل شديدة ايضا للايرانيين، التي تقول إنه بتمركزهم العسكري وبمصانع الصواريخ في سوريا هم يتسببون بالضرر لمحاولة الاستقرار في سوريا"، قال يادلين واضاف "سوريا غير مستقرة لا تلائم الروس. الهجمات الاسرائيلية انخفضت تقريبا الى الصفر، وأنا أقدر أن هذا ليس بسبب أننا لا نريد، بل لأن الايرانيين غيروا التكتيك. هم ينقلون كل شيء الى لبنان".

يادلين صرح علنا بما سبق ورمز اليه كبار الشخصيات الاسرائيلية مؤخرا: بسبب التغييرات التي فرضتها روسيا، فان معظم الصراع بين اسرائيل وايران انتقل الى دول اخرى. واسرائيل، كما قال رئيس الحكومة نتنياهو في خطابه في الامم المتحدة في ايلول الماضي، قلق من جهود ايران وحزب الله لاقامة خطوط انتاج للسلاح الدقيق في لبنان. في جزء من الطلعات الجوية المتواترة من طهران الى بيروت يتم تهريب هذه الوسائل القتالية جوا، بدلا من الانتقال على الارض عبر سوريا.

هكذا يتراكم في لبنان عدد من التغييرات التي تشغل متخذي القرارات في اسرائيل: محاولة اقامة مصانع سلاح دقيق؛ اهتمام روسي متزايد لما يحدث في سوريا، بعد استكمال تعزيز المظلة الجوية لنظام مضادات الطائرات الروسية في سوريا؛ عودة جزء من مقاتلي حزب الله من سوريا الى لبنان مع ذويان الحرب الاهلية السورية والتغييرات في انتشارهم في لبنان؛ استمرار تحسين العائق الاسرائيلي في اجزاء من الحدود مع لبنان الذي سيصل قريبا الى المناطق المختلف عليها بين الطرفين، قرب رأس الناقورة ومنطقة المنارة. اسرائيل سبق واعلنت أنها تنوي مواصلة بناء العائق والجدار هناك، رغم التحذيرات اللبنانية. هناك شك كبير بأن حزب الله يريد الآن حرب مع اسرائيل، ولكن شحذ القدرات الهجومية لحزب الله في الحرب الاهلية السورية ومع عودة جزء من وحداته الى لبنان يقلق الجيش الاسرائيلي.

وفقا لذلك، يتزايد ايضا الشك في الجانب اللبناني بخصوص مخططات اسرائيل التي تترجم الى تهديدات ضدها. حزب الله نشر في نهاية الاسبوع فيلم قصير تهديدي، فيه تظهر صور جوية لمواقع في اسرائيل، منها قاعدة وزارة الدفاع في تل ابيب. الحزب ارفق بالفيلم القصير كتابة بالعبرية: "اذا تجرأتم على الهجوم فستندمون". المتحدث بلسان الجيش الاسرائيلي رد بصورة لاذعة بالعربية في الشبكات الاجتماعية: "من يعيش في بيت من الزجاج عليه عدم القاء الحجارة على الناس". وهو بهذا يقتبس الرئيس الليبي معمر القذافي.

كل هذه الاقوال قيلت بعد اقل من اسبوعين على خطاب نتنياهو الذي حذر فيه من فترة امنية عاصفة. اقواله هذه كانت لها خلفية سياسية – محاولة، نجحت حقا، لابقاء وزراء البيت اليهودي في الحكومة، بعد استقالة "اسرائيل بيتنا" – ولكنها اثارت تساؤلات ايضا بخصوص نوايا هجومية محتملة لاسرائيل. لأنه حول غزة موقف نتنياهو واضح نسبيا – هو يريد الامتناع بقدر الامكان عن حرب مع حماس. فقد وجه معظم الاهتمام لحزب الله.

في هذه الاثناء صادقت الحكومة على تمديد فترة ولاية رئيس الاركان غادي آيزنكوت بأسبوعين، أكثر من المخطط له، حتى منتصف شهر كانون الثاني. بعد وقت قصير من ذلك نشر اعلان عن الغاء زيارة حددت لرئيس الاركان الى المانيا، ولكن يبدو أن من يشدون خط مباشر بين كل هذه النقاط، يقربون قليلا ما سيأتي لاحقا. لا يطيلون فترة رئيس الاركان بأسبوعين فقط بسبب أن من المتوقع حدوث حرب، ومن المعقول أنه لو خطط لحرب كهذه فان الجيش الاسرائيلي لم يكن ليعلن أي شيء عن اطالة فترة ولاية رئيس الاركان.

التفسير الاكثر معقولية هو أنه حقا يتوقع مجيء فترة متوترة، على خلفية التغييرات في الشمال وجهود التسلح لحزب الله، ولكن ما زال لا يوجد هنا عملية حتمية تقود بالضرورة الى حرب. يجدر القول ايضا إن اسرائيل وحزب الله سبق لهما وجربا فترات توتر مشابهة في السنوات الاخيرة، ومع ذلك، نجحتا في الحفاظ على أكثر من 12 سنة من الهدوء شبه المطلق بعد انتهاء حرب لبنان الثانية.

كلمات دلالية