حتى بعد أن اصبح كلي القدرة في بلاده العالم ايضا يدق باب اردوغان - هآرتس

الساعة 04:49 م|30 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

حتى بعد أن اصبح كلي القدرة في بلاده العالم ايضا يدق باب اردوغان - هآرتس

بقلم: تسفي برئيل

(المضمون: الرئيس ترامب بحاجة الى الرئيس اردوغان من اجل اعطاء الأهلية لولي العهد السعودي. وبوتين حسن علاقاته معه والاتحاد الاوروبي يبحث معه بشأن انضمام بلاده للاتحاد - المصدر).

في شهر آذار 2015 وبفارق يوم واحد، هبط زعيمان في السعودية، الاول هو رجب طيب اردوغان الذي هبط في مطار جدة واستقبل من قبل حاكم المنطقة وعدد من مساعديه. الثاني هو الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي الذي هبط في الرياض واستقبل استقبال الملوك من قبل الملك الجديد سلمان. كلاهما وصلا من اجل تهنئة الملك على تعيينه، لكن الرسالة السعودية كانت واضحة.

السيسي الذي هو خصم اردوغان كان الضيف المحتفى به. اردوغان كان فقط المرشح للعضوية في النادي السعودي. ولكن من ناحية اردوغان هذه الزيارة شكلت الى انعطافة تاريخية. بعد فترة طويلة من العلاقات المتوترة مع السعودية، لا سيما في ظل حكم الملك عبد الله، وبعد الشرخ مع مصر، حصل اردوغان على شهادة أهلية سعودية. تركيا دخلت الى الشرق الاوسط العربي برأس مرفوع.

ثلاث سنوات ونصف بعد ذلك، صعد القطار الجبلي لاردوغان الى اعلى نقطة. الآن جاء دور ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، في أن يطلب لقاء مع اردوغان، وهذا ليس متسرعا في الرد. يبدو وكأن بوينس آيريس التي ستستضيف اليوم قمة "جي 20" تمد عنقها فقط من اجل رؤية هل هذان الزعيمان سيلتقيان. بهذا سيحصل إبن سلمان على تطهير دولي، أو أن ولي العهد السعودي "سيضطر الى الاكتفاء" بلقاء مع الرئيس الامريكي ترامب.

ترامب كان مسرورا في القاء قضية الصحافي من وراء ظهره ومواصلة علاقته مع السعودية وكأن شيئا لم يحدث. لقد ابعد عن نفسه استنتاجات الـ سي.آي.ايه التي تقول إن ولي العهد علم وأمر بقتل الخاشقجي. لقد سبق وأعطى مباركته للجهاز القضائي السعودي، وجند اسرائيل كمحامي لولي العهد، والآن هو يريد مواصلة معالجة الصفقة الضخمة للمشتريات الامنية السعودية بمبلغ 110 مليارات دولار. ولكن ليس هناك أي شيء ملح لدى اردوغان. الشرطة والمخابرات في تركيا ما زالت تبحث عن أشلاء جثة الخاشقجي والمتعاون الذي قام بابعاد الجثة. ولم يتم تسريب كل التسريبات للجمهور. ويبدو أنه يوجد لاردوغان المزيد من الذخيرة المتفجرة ضد إبن سلمان، أو على الأقل هو لا يصادق على أن كل المواد قد نشرت.

ترامب سيفعل كل ما في استطاعته

منافسة لي الاذرع الحقيقية التي يريد اردوغان القيام بها ليست مع ابن سلمان أو السعودية، بل مع الادارة الامريكية. تركيا توصلت الى استنتاج يقول إن ترامب سيبذل كل ما في استطاعته لانقاذ ابن سلمان من الازمة التي تورط فيها، وسيدافع عن المملكة من الهزة الارضية التي يمكن أن تحدث فيها اذا ثبت أن ابن سلمان مسؤول بشكل مباشر على عملية القتل.

في هذه الحالة فان المطالبة بتقديم الامير السعودي للمحاكمة امام مؤسسات القضاء الدولية، ستكون الضائقة الاصغر لترامب. اردوغان سيكون مستعد لمساعدة ترامب، ولكن ليس بدون مقابل. الموضوع الرئيسي الذي يشغل الرئيس التركي هو التعاون الوثيق بين الادارة الامريكية وبين "وحدات الدفاع الشعبي" الكردية التي تعمل في شمال سوريا، والتي يعتبرها اردوغان ليس فقط نشطاء ارهاب بل خطر ملموس على تركيا. "الذين يسمون انفسهم حلفاء وشركاء استراتيجيين توجد فرصة لتحسين علاقاتنا ايضا معهم في المستقبل اذا امتنعوا عن الدفاع عن الارهابيين الذين حولوا الدولة الى هدف"، هكذا وجه هذا الاسبوع اردوغان الاتهام مباشرة للادارة الامريكية.

قرار الولايات المتحدة اغراق نقاط مراقبة تضم اشخاص لقوات امريكية على طول الجزء الغربي للحدود بين سوريا وتركيا "من اجل تحذير تركيا من أي خطر يمكن أن يمس بها"، كما اوضح وزير الدفاع جيمس ماتيس، هذا القرار غير مقبول في تركيا. هي لا تخفي شكوكها بأن هدف نقاط المراقبة هذه هو بالتحديد الدفاع عن المقاتلين الاكراد من هجوم تركي. "اليوم الذي سنقضي فيه على الارهابيين آخذ في الاقتراب"، هدد اردوغان في هذا الاسبوع، قبل وقت قصير من عقد مجلس الامن القومي التركي من اجل أجراء نقاش، والذي استمر اربع ساعات.

واشنطن حذرت من جانبها أن توسيع سيطرة القوات التركية باتجاه غرب سوريا من شأنه أن يحدث مصادمات بينهم وبين القوات الامريكية. ولكن اردوغان لا يظهر أي اشارات على التراجع. القصة الكردية في سوريا هي الموضوع الامني الاهم من ناحية تركيا، وهي ايضا تخدم الحملة الانتخابية للسلطات المحلية التي يتوقع اجراءها في شهر آذار القادم. إن خطاب متشدد ازاء الولايات المتحدة، موقف قوي تجاه الاكراد، وحماية الحدود – هي المواضيع الاكثر تفضيلا كي يتم بواسطتها تحقيق الفوز لحزبه في الانتخابات التي ستشكل نوع من الاستطلاع العام بشأن حجم دعم الجمهور له.

الموقف الصلب لاردوغان يضع، ليس للمرة الاولى، معضلة شديدة امام ترامب – هل يجب عليه تفضيل تركيا على الاكراد أم يواصل تأييده الحيوي للقوات التي اظهرت نجاعة كبيرة في الحرب ضد داعش، والآن الدفاع عنها يمكن أن يستخدم كذريعة لمواصلة تواجد القوات الامريكية في سوريا.

ولكن في هذه المرة تمت اضافة عامل آخر يخدم اردوغان. عندما تكون مكانة ابن سلمان موضوعة على كفة الميزان، ومعه النضال ضد ايران، فان ترامب من شأنه أن يقرر أن الاكراد يجب عليهم أن يدفعوا ثمن علاقات الولايات المتحدة مع السعودية. هذه ليست المشكلة الوحيدة لترامب مع اردوغان. ترامب لا يعرف كيف يبلع صفقة شراء الصواريخ من طراز اس.400 التي وقعت عليها تركيا وروسيا، رغم الضغوط الامريكية وضغوط اعضاء الناتو الآخرين، فان اردوغان لم يتنازل. اضافة الى ذلك، في هذا الاسبوع أعلن الرئيس الروسي فلادمير بوتين بأن روسيا وتركيا قررتا عدم استخدام الدولار كوسيلة دفع في الصفقات، بل ستبحثان عن وسيلة تمويل اخرى. "يجب عدم استخدام العملة التي تستخدم كوسيلة للعقاب"، قال بوتين وهو يقصد العقوبات الامريكية على ايران والتي لا تسمح لها بعقد صفقات بالدولار بسبب العلاقة مع البنوك الامريكية.

هذا التصريح جاء بعد بضعة ايام من قيام بوتين واردوغان بتدشين المرحلة تحت المائية لانبوب الغاز الجديد الذي يتم انشاءه بين روسيا وتركيا، والذي بواسطته تستطيع روسيا بيع الغاز لاوروبا من خلال تجاوز اوكرانيا. ليس من نافل القول أن نذكر أنه فقط قبل سنتين ونصف تقريبا كانت العلاقة بين تركيا وسوريا تشبه ساحة حرب بدون نار، في اعقاب اسقاط الطائرة الروسية من قبل سلاح الجو التركي. اردوغان تلقى في حينه ضربة اقتصادية شديدة شلت السياحة الهامة من روسيا، وجمدت التصدير الزراعي من تركيا، وأدت الى اغلاق مصانع تركية في روسيا. في اعقاب الحادثة، فهم الرئيس التركي، واعتذر وتوصل الى اتفاقات غير مسبوقة مع روسيا، سواء في موضوع معالجة الازمة في سوريا أو بالطابع الجديد للعلاقات الثنائية – الى درجة أن العلاقة مع روسيا اليوم تخدم اردوغان كرافعة للضغط على واشنطن.

تركيا ايضا حظيت بالثناء لأنها أوفت بالـ 66 شرطا من أصل 72 شرط وضعت عليها من اجل أن يستطيع المواطنون الاتراك دخول دول الاتحاد الاوروبي بدون تأشيرات. المطالبة بالاعفاء من التأشيرات كانت شرط اساسي لاتفاق اللاجئين الذي وقعت عليه تركيا مع الاتحاد والذي بحسبه توقف تركيا تدفق تيار اللاجئين من اراضيها الى اوروبا، وفي المقابل تحصل على 6 مليارات دولار اضافة الى الاعفاء.

فعليا، تركيا أوفت بمعظم الشروط بعد وقت قصير من التوقيع على الاتفاق، ولكن الشروط الستة التي بقيت، والتي منها تغيير قانون الارهاب الفظيع والتوقيع على اتفاق لتنسيق التعاون الشرطي والقانوني مع كل واحدة من دول الاتحاد، ما زالت تشكل صعوبة كبيرة، حيث أن تركيا ترى في قانون الارهاب وسيلة ضرورية للحرب ضد الاكراد، وقاعدة قانونية لمحاربة خصوم سياسيين بذريعة محاربة الارهاب. في حين أن اتفاق التعاون سيجبر تركيا على الاعتراف بقبرص اليونانية. ولكن في هذه الاثناء اردوغان يمكنه أن يطرح البيانات الاوروبية كانجاز.

اردوغان يمكنه الاستمتاع بموقفه في قمة "قطار الجبال"، ولكن نوعية هذا القطار، كما تعلم ايضا اردوغان، التي اساس المتعة فيها أنها تبدأ بالتدهور بسرعة، هكذا خلف الزاوية تكمن الازمة الاقتصادية الشديدة، تضخم مالي عال يبلغ حوالي 25 في المئة، البطالة التي ترفض الانخفاض، وتردد المستثمرين الاجانب في العودة الى تركيا. هذه اعمال شيطانية لا تتأثر من الهالة الدولية التي يحظى بها الرئيس التركي.

كلمات دلالية