خبر عن الاعصاب القوية ودموع التماسيح / هآرتس

الساعة 11:51 ص|13 يناير 2009

بقلم: يوئيل ماركوس

        (المضمون: هذه حرب دفاعية لا ينبغي لنا فيها ان نكون ضعفاء النفوس فنبكي على اطفال كان ينبغي لمسؤوليهم ان يحرصوا عليهم وطالما لم تحقق الحملة هدفها فينبغي ان نتحلى باعصاب قوية. فلا نضغط على الحكومة حتى تحقق اهدافها -  المصدر).

        اشفق على سكان غزة ولكن اكثر من ذلك اشفق على السكان المدنيين عندنا في الجنوب، الذين يتلقون ضربات الصواريخ منذ ثماني سنوات. على الاطفال الذين يبللون فراشهم في الليالي. بسبب "اللون الاحمر"، الذي يبعث بالسكان نحو الركض السريع الى الملاجىء التي لم تكن معظم السنين قائمة في غضون 15 ثانية؛ بسبب المنازل التي هدمت، المدن التي غادرها الكثير من سكانها، والمدارس التي قصفت، وبمعجزة كانت فارغة من التلاميذ.

        في البداية لم يتعاطوا بجدية مع القسام البدائي. الرئيس اسحاق بن سفي قال في حينه اننا انتصرنا في صفد بفضل قوتنا وبفضل المعجزة. قوتنا كانت في انهم قرأوا المزامير، والمعجزة كانت بفضل "دافيدكا". "دافيدكا" في حرب التحرير كان مرادفا للقسام. ولكن هذا البدائي اصبح مع الوقت صاروخا بعيد المدى.

        ينبغي اذن الترحيب بقرار الخروج الى حملة "رصاص مصهور"، وان كان فقط لان الهجوم كشف عن قوة الصواريخ والترسانة الهائلة من الصواريخ التي تصل حتى بئر السبع. ولو لم تعمل اسرائيل الان، لاستيقظنا ذات صباح مع صواريخ في تل ابيب.

        "رصاص مصهور" ليست عملية رد فعل، بل حرب دفاعية، هدفها قص اظافر حماس قبل ان نفاجأ بصيغة فلسطينية من حرب يوم الغفران. نحن لسنا مذنبين في ان لدينا جيشا قويا ومرتبا وسلاحا متطورا. ما الذي ظنوه في حماس، ان نتجلد الى الابد؟

        اقرأ مقالات زميلي الكفؤ جدعون ليفي واتفجر. في ايام الانتفاضة واعمال الجيش ضد الفلسطينيين اشتبهت به في ان يكون عطفه الانفعالي في ضوء مرارة مصير الفلسطينيين هو مثابة "انسانية صالونية". ولكن ردوده البكاءة على مقتل الاطفال في غزة، حين نكون في حرب دفاعية، تجاوزت برأيي كل حدود.

        ليس جنودنا هم الذين يوجهون الى الاطفال. بل زعماء حماس الذين يستخدمونهم كدروع ودمى تمويه، بينما هم انفسهم يختبئون في اماكن اعدوها مسبقا. لا اقول لا سمح الله ان زميلي يذرف دموع التماسيح – عنده هذا يأتي حقا من القلب.

        قتل الاطفال هو موضوع سياسة، ايدي بعض من الدول التي تديننا الان ملطخة بدماء الابرياء. اين كان الرأي العام، الذي يميل ضدنا بعد 17 يوما من الحرب في الثماني سنوات، التي قصفوا فيها بلدات الجنوب كـ "جائزة" على اننا اخلينا غوش قطيف؟

        حملة "رصاص مصهور" هي على حد تعبير اريئيل شارون، من اكثر حروب اسرائيل عدلا. الهدف العسكري، كما اسلفنا، هو وقف نار الصواريخ وطرق التهريب، وبالتوازي خلق تسوية سياسية تقرر انجازات المعركة العسكرية.

        في هذه الاثناء لا يوجد نجاح زائد في الجانب السياسي لوضع حد للحرب. ومع اليوم الثامن عشر من الحملة، يوجد نفاد صبر ما في البيت ايضا. هناك من يطالب بان تعلن اسرائيل من جانبها عن 48 ساعة لوقف النار بدون شروط، واذا لم نتوصل في هذه الفترة الزمنية الى اتفاق، سنواصل المعركة. ضغط العالم واضح فهو دوما الى جانب الضعيف، ولكن لا يوجد مبرر ان يكون هناك ضغط داخلي لوقف القتال قبل ان تحقق الاهداف السياسية ويعود الهدوء الى الجنوب.

        لقد اديرت الحملة بعقل كبير، في ظل التوفير الاقصى لدماء شبابنا والكشف عن قدرة حماس في المجال الصاروخي. وانطلاقا من الامل في ان تقول حماس كفى، او بسبب الخطر في ان يضغطوا على اسرائيل من الخارج للتوقف، يكثرون من الحديث عن المرحلة الثالثة – اي الدخول الى عمق القطاع والى قلب المدن. ولكن الحكيم في هذا الوقت لا ينبغي له ان يستسلم للاعصاب الضعيفة لطيبي النفوس، بل ان يسير في الطريق الاكثر صحة والاكثر اتزانا من ناحية عسكرية. لا تدمير غزة ولا تحويل الحرب الى احصاء جثث.

        بغير هذه الواسطة فان كل رموز حكم حماس تبددت، وقد ظهر كاداة فارغة في نظر السكان الذين اختاروهم. زعماؤهم يختبئون ويتركون السكان لحالهم – لا ريب عندي في ان ابناء شعبهم سيطالبونهم بالحساب على كل ذلك.

        اما بالنسبة لنا – فليس لنا في هذا الاوان سببا موضوعيا للضغط على الحكومة. وحتى لو كان وزير الدفاع ارتعدت فرائسه، فان الاعصاب القوية هي أ – ب المعركة، التي تدخل الان جنود الاحتياط الى القطاع كي لا تقوم بخطوات غير محسوبة واخطاء لا عودة عنها.