خبر ماذا نريد؟ / معاريف

الساعة 11:47 ص|13 يناير 2009

بقلم: عوفر شيلح

        (المضمون: اذا كان الهدف ولا يزال الردع، كما يقولون في الجيش، فما هو النفع من يوم آخر من القتال المحدود مثلما هو الحال الان - المصدر).

        1. أين حماس؟

        هذه هي الحقائق كما نقلتها محافل في الجيش الاسرائيلي، وهذه السطور كتبت من النقر على غابة الاشجار:

        في الايام العشرة الاولى من القتال البري لم تصطدم قوات الجيش الاسرائيلي بهجوم واحد من قوة بحجم وصل الى حظيرة، أي عشرة اشخاص معا. كما أن خمسة اشخاص منظمين لم يكونوا هناك حقا، ودفاع حماس لم يكن مكتظا او اكثر ترتيبا.

        نحو القوات لم يطلق حتى ولو صاروخ مضاد للدبابات واحد (قذيفة ار.بي.جي، رغم السمعة الاعلامية ليست صاروخا؛ ويدور الحديث ليس فقط عن انه لا يمكن اسقاطها في طيرانها، بل ايضا في المدى الذي تطلق منه، الامر الذي يغير دراماتيكيا مخاطرة مطلقها).

        صواريخ كتف ضد الطائرات؟ نحن نظن، قال ضابط كبير في سلاح الجو أول أمس، بانه كانت بضع حالات من النار. من يعرف السلاح الازرق لكان عرف بانه لو كان اطلق مثل هذا الصاروخ لكانوا في السلاح عرفوا وليس ظنوا فقط.

        في الجانب الاخر؟ 2.200 غارة لسلاح الجو على اهداف تتراوح بين منصات اطلاق للصواريخ وحتى مؤسسات الدعوة لحماس، التي هوجمت 23 مرة. 900 قتيل فلسطيني، 360 منهم من رجال حماس (منهم 250 معروفون بالاسم).

        هذه، كما أسلفنا، معطيات عسكرية اسرائيلية رسمية. الصورة الدقيقة غير معروفة لان قسما من الخرائب لم تخلى بعد، وبعض الجثث لا تزال تحتها. وعندما سنعرف، سيكون ممكنا الافتراض بان النسبة بين المسلحين والمدنيين ستكون اسوأ. لماذا؟ ضابط كبير قال امس: "نحن نعمل في قشرة غزة"، أي ان القوات لم تدخل الى عمق المنطقة المبنية. ليس واضحا اذا كانت حماس لا تقاوم إذ انها لا يمكنها أو أن نظريتها القتالية تقول انه يجب ان تنتظر الى أن يأتي الجيش الاسرائيلي الى الاماكن المريحة لها. "نحن نعمل مع الكثير من الاستخبارات والكثير من النار"، قال الضابط وما كان ينبغي له أن يضيف، في ضوء المعطيات، ان ليس حيال كثير من العدو. ذات مرة، في الايام التي لا يرغب احد في أن يتذكرها، تحدثوا في الجيش في سياق آخر عن "ميدان قتالي فارغ". بقدر كبير، هذا ما يوجد في غزة.

 

        2. بدون ساعة ضبط الوقت

        لا ينبغي الوقوع في الخطأ، كل شخص سوي العقل يفضل ان تكون حروبه هكذا. ولم يأسف أي جندي، وبالتأكيد أي رجل احتياط لم يسمم أكثر مما ينبغي بالافلام، على قتال تتم فيه كل المهمات، على أن كل رفاقه عادوا بسلام وعلى أن احدا لم يطلق رصاصة من أجل الوطن. هذه الحقائق تطرح علامات استفهام حول ما رشح لنا على مدى السنة الاخيرة، عن فرقة حماس المنظمة على نحو رائع التي تنتظر الجيش الاسرائيلي في القطاع. كما أنها تلقي بعض الضوء الساخر على حماسة الجيش الاسرائيلي في أن يكشف لنا كم تغير في السنتين والنصف الاخيرة، بما في ذلك صور الضباط الكبار الذين ينزلون الى القوات في الميدان وحتى قائد سلاح الجو الذي يهاجم غزة بنفسه.

        الامر الاساس الذي تغير هو العدو، وحاجة الجيش الى التصدي الى مصادر قلق غير عقلانية – إذ ان لا شيء يتعلق بالجيش لا يقاس عندنا عقلانيا – كانت نشأت في حرب لبنان الثانية.

        هذه كانت الافتراضات المسبقة لايهود باراك وغابي اشكنازي: فقد عرفا بان المجتمع الاسرائيلي، الذي قدس اقداسه خدش في لبنان، يحتاج الى عملية برية للجيش الاسرائيلي بقدر لا يقل عن اعتقاد حماس في أن مثل هذه العملية لن تكون. من جهة اخرى، فقد عرفا  بان مثل هذه العملية يمكنها إما أن تحقق القليل – وحتى الان لم يتحقق على الارض شيئا لا يمكن عمله من الجو – او التعرض الكثير للخطر. ليس بالذات في مقاومة اشد، بل في الاثار على المدى البعيد والتي في هذه اللحظة، حين يكون الجميع متحمسين لجيش اسرائيلي آخر، أناس مجربون مثلهما فقط واعون لها.

        اشكنازي يعرف أنه في تفجير مبنى واحد في صور، بعد خمسة اشهر من اعلان وقف النار في حرب لبنان الاولى، فقد الجيش الاسرائيلي وقوات الامن اكثر مما فقد في أي معركة منذ حرب يوم الغفران. وهو يعرف أن المرحلة التالية، التي يكثرون الحديث عنها، معناها تغيير في اهداف الحملة، وقبل كل شيء تكليف الجيش بمهمات جديدة، النجاح فيها لا يمكن ان يقاس الا بعد اشهر ن المكوث والعمل. في هذه الاشهر سيخرج من الجحور كل رجال الذراع العسكري، ممن يختبئون جيدا الان بحيث أن عددا صغيرا نسبيا منهم قد اصيب فقط، وسيحاولون ملاحقة الجيش الاسرائيلي بالضبط بهذه الطرق.

        وعليه، فقد خطط لعمليته بحذر شديد، ومع الكثير من النار. وعليه، فان تحديد هدف الجيش كان ولا يزال، حتى اشعار آخر، "الردع من خلال ضرب حماس" و "تقليص نار الصواريخ وقذائف الهاون". ليس تحطيم حماس، ليس وقف التهريب. ولا قيد زمني. "ليس لنا"، قال ضابط كبير أمس، "أي طريق بيروت – دمشق نصل اليه، لا هدف نقطعه بين أي مكان ومكان آخر. وليس لنا جدول زمني او ساعة ضبط وقت في اليد".

        رجال الاحتياط الذين ادخلوا في الاونة الاخيرة الى القطاع لا يغيرون الصورة. وابتداء من يوم أمس باتوا داخل المنطقة. يوجد حذر شديد ايضا في اماكنهم وفي المهمات التي القيت عليهم. لا يمكن لاحد ان يقول انه يجب تغيير الاهداف، او كبديل الخروج الفوري لان الوضع على الارض يفترض ذلك.

 

        3. "ماني تايم"

        دور باراك في هذا السيناريو هو الحرص على الا يصعد البول الى رأس أي شخص. الموقف الاساس لوزير الدفاع لم يتغير منذ بداية الحملة، ولكن في الايام الاخيرة يفهم بان موقف المراقب الذي يتميز بالتحليل، والذي يتخذه هو بشكل عام، لا يكفي.

        حيال رئيس وزراء لا يدري احد ما الذي يرده بالضبط – وهناك احساس بانه يتراوح بين الرغبة في ازالة كل وصمات الماضي ونشوى مشابهة لتلك التي تملكته في الايام الاولى من حرب لبنان، وبين مجرد القاء المسؤولية على آخرين (لفني فاشلة بالدبلوماسية، الجيش لا يطلب اكثر) – لم يتبقَ لباراك الا الارتباط بلفني انطلاقا من مصلحة مشتركة، وطرح موقف اكثر حزما.

        أحد لن يخرج لمؤيدي توسيع الحملة الكستناء من النار. الجيش يوضح بان ليس لديه مشكلة لابقاء الوضع الحالي قدر ما يلزم. كما أن المؤيدين للانتقال الى المرحلة التالية لا يتنكرون للزمن وللمخاطر التي تنطوي عليها.

        بعد قليل ستبدأ بالانطلاق الاسئلة ايضا، المختنقة في هذه الاثناء تحت موجة "سنسحقهم" التي تجرف الجمهور: اذا كان الهدف ولا يزال الردع، كما يقولون في الجيش الان، فكم نفع إذن يوجد في يوم آخر من القتال المحدود مثلما الحال الان؟ اذا كانت التسوية – تهدئة محسنة مع حماس او اتفاق متعدد الاطراف لمنع التهريب – ستقاس في نهاية المطاف فقط على مدى الزمن، فكم من الزمن نحتاج كي نقول اننا حققنا ما نريد؟

        وصلنا الى الـ "ماني تايم"، قال اولمرت امس، وهو يستمد تشبيها من العالم المحبب له. وفي الـ "ماني تايم" كما يعرف كل من يحب الرياضة، ينبغي للاعبين المركزيين أن يلمسوا الكرة. فلن يعود بوسعهم الاختباء خلف ظهر شخص آخر.