المسكوت عنه – خالد صادق

الساعة 02:03 م|26 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

ملف الاعتقال السياسي للفلسطينيين لدى أجهزة امن السلطة في الضفة الغربية من الملفات المسكوت عنها بحجة الوحدة الوطنية والمصلحة العامة, وإفساح المجال لإنجاح جهود المصالحة, وبما أننا في خضم الحديث عن المصالحة الفلسطينية والحوارات التي تجري الآن في القاهرة برعاية الأشقاء المصريين, فإننا نطرح سؤالا يراودنا ويراود كل مواطن فلسطيني حر وشريف, كيف يمكن ان نبني على المصالحة بناءا صلبا ومتينا في ظل سياسة الاعتقال التي تمارسها السلطة الفلسطينية ضد مواطنين ومواطنات فلسطينيات تم الزج بهم داخل المعتقلات الفلسطينية بحجة مناهضة الاحتلال الصهيوني, أو التخطيط لعمليات فدائية, أو التحريض على العنف, أو حتى تقديم مساعدات مادية لأسر الشهداء أو الجرحى أو الأسرى, ولا ادري متى أصبحت هذه الأفعال الوطنية جرائم يعاقب عليها قانون السلطة المعوج, إنها يا سادة أوسمة شرف يجب ان تكافؤا من يقوم بمثل هذه الأفعال الوطنية, لأنه يدرك واجباته تجاه وطنه وشعبه, ويقوم بهذا من باب الشعور بالمسؤولية . 

الغريب والعجيب ان هناك عشرات القرارات التي صدرت عن مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية واللجنة المركزية للمنظمة وحركة فتح ولجنتها المركزية والمجلس الوطني كلها الزمت السلطة بوقف كل أشكال التنسيق الأمني مع الاحتلال, لكن أجهزة امن السلطة في الضفة لا يعنيها كل هذه القرارات وتعتبرها مجرد حبر  على ورق, فتقوم بالتنسيق الأمني مع الاحتلال بكل أشكاله من اعتقال للفلسطينيين والفلسطينيات مرورا بتسليم المطلوبين للاحتلال, مرورا بتقديم المعلومات الاستخبارية له, وصولا لتصليح البناشر وتسليم المستوطنين والجنود الصهاينة الذين يخترقون المدن والقرى الفلسطينية لارتكاب مجازر ضد أهلنا في الضفة, يتم تسليمهم للاحتلال معززين مكرمين دون ان يمسهم احد بسوء, لأنه سيدفع ثمن ذلك بسحب بطاقة إل "vip" فورا, وهى بالنسبة لهم مقدسة ولا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال مهما كان الثمن.

لا ادري في مصلحة من يمكن ان يصب اعتقال السيدة سهى جبارة منذ أكثر من شهر في معتقلات السلطة بالضفة وهى سيدة لديها أسرة وأطفال وجريمتها التي وجهت إليها من امن السلطة أنها قامت بإيصال مساعدات مالية لعائلات الأسرى, يا لها من جريمة يعاقب عليها أمثال هؤلاء, ثم الشاب ليث جاسر رداد يتم اعتقاله في طولكرم وهو ابن الأسير جاسر رداد المحكوم في سجون الاحتلال مدى الحياة, هكذا يفجعون قلب أمه وأسرته, والشاب لؤي الأشقر أسير محرر من سجون الاحتلال وهو جريح يعاني من إصابة صعبة لكنهم غيبوه في الزنازين, والشاب محمد سالم وصامد سالم وعبد الستار سالم معتقلون لدى السلطة منذ تسعة أشهر وقد هددوا ببدء الإضراب المفتوح عن الطعام, وكل هؤلاء وغيرهم لم يسمع عنهم احد, ولم تتحرك مؤسسات حقوق الإنسان للدفاع عنهم, ولا يعرف مصيرهم, والى متى يمكن ان يمكثوا في سجون السلطة.

المأساة لم تتوقف عند هذا الحد فأجهزة امن السلطة تستخدم أسلوب التعذيب القاسي بحق المعتقلين الأبطال الذين يدفعون ثمن انتمائهم لهذه الأرض ودفاعهم عنها, وبدلا من ان تكافئهم السلطة على أفعالهم الوطنية وتقوم بحمايتهم من الاحتلال, تعتقلهم وتزج بهم في سجونها وتعرضهم للاعتقال لدى الاحتلال الصهيوني الذي يقوم باعتقال الفلسطينيين عقب الإفراج عنهم من سجون السلطة بعد ان تكون قد توفرت لديه معلومات عن التهم المنسوبة إليهم بفضل التنسيق الأمني, والنتيجة المأساوية يصبح الفلسطيني يخرج من سجن ليدخل اخر فهذه سياسة الغرض منها كسر إرادة الفلسطينيين, وللأسف فالمؤسسات الحقوقية والإنسانية المنتشرة في أراضينا الفلسطينية بكثافة, تخشى مجرد مساءلة السلطة عن هذه الانتهاكات لحقوق الإنسان, وتخشى ان تتابع ملف الاعتقال السياسي للأسرى الفلسطينيين في سجون السلطة خوفا من تقويض نشاطهم والتأثير عليهم, وكأن هذه المنظمات الحقوقية وجدت لتصمت وتتأمل وتنتظر.

  يجب طرق الباب والحديث عن المسكوت عنه, فالصمت جريمة, والتخاذل عن نصرة إخوانكم في سجون السلطة جريمة, فإذا أردتم مصالحة حقيقية فيجب ان تنقوا الأجواء من هذه الخطايا, أوقفوا التنسيق الأمني, والاعتقال السياسي, والتعذيب والقهر, أفرجوا عن سهي جبارة وإخوانها وإلا فان العار سيلاحقكم إلى الأبد

كلمات دلالية