الجياد فرت من الاسطبل- يديعوت احرونوت

الساعة 01:08 م|23 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

الجياد فرت من الاسطبل- يديعوت احرونوت

بقلم: رونين بيرغمان

(المضمون: يمكن فهم خوف الجيش من نشر المعلومات والرغبة في منع ذلك ولكن لا يمكن لاي محاولة لمنع انتشار المعلومات التي توزعها حماس من ان تقلص الكارثة - المصدر).

في 1990 علمت الموساد بان متدربا سابقا في الجهاز، فيكتور اوستروفسكي، كان مقيلا لعدم ملاءمته، قرر ان يكتب كتابا عن حياته المهنية القصيرة في الاستخبارات الاسرائيلية. ومع أن اوستروفسكي استكمل بخياله الفاعل القليل النسبي من المعلومات عن الموساد، ولكن الحقائق التي كان يعرفها بالفعل كانت تكفي لان تحدث فوضى في الاروقة.

في نظرة الى الوراء، يفهم الجميع بان الهلع كان مبالغا فيه. ولكن مجرد حقيقة أنه رسم خريطة للوحدات المختلفة بل ودعاها باسمائها السرية أدت الى أن يفكر رئيس الموساد في حينه شبتاي شابيت في اعمال متطرفة، بما في ذلك اغتيال اوستروفسكي. اما رئيسا الوزراء شمير وبيرس فقد رفضا ذلك رفضا تاما: "نحن لا نقتل يهودا"، قالا. ومع ذلك، فقد صادقا على عمل آخر: التوجه الى ا لمحكمة في كندا وفي نيويورك وطلب أمر منع نشر الكتاب، وذلك استنادا الى تعهد السرية الذي وقع عليه اوستروفسكي عندما تجند للموساد. فاستمع القضاة بأدب الى المحامي الذي استأجرته اسرائيل – وبعدها رد كل الحجج ردا باتا بسبب اعتبارات الديمقراطية وحرية التعبير. وفي هذه الاثناء مثلما كان يتوقع كل انسان عادي (باستثناء رئيس الموساد شتباي شابيت) خدع اوستروفسكي وناشده الجهاز، واستخدما الالتماس الى المحكمة كدليل في حملة العلاقات العامة التي اداراها بحيث يؤكدا ان الكتاب هو حقيقة. بمعنى انه بفضل الغباء الاسرائيلي أصبح الكتاب الذي اراد الموساد جدا منعه واسع الانتشار على نحو مجنون واوستروفسكي نفسه رجلا غنيا جدا.

هذا مجرد مثال واحد من أمثلة عديدة على فشل أسرة الاستخبارات الاسرائيلية في منع منشورات ما ان وصلت الى اياد غير اسرائيلية. من قضية بن بركة (رئيس المعارضة المغربية الذي شارك الموساد في تصفيته)، عبر الاغتيال الفاشل في ليلهامر، مهزلة مردخاي فعنونو وقصور خالد مشعل "تبين لنا اننا نخطيء في 100 في المئة من الحالات في فهمنا عالم المعلومات والاعلام"، على حد قول رجال استخبارات كبير.

يمكن أن نفهم الخوف الاسرائيلي من نشر الاسرار والرغبة في منع ذلك بكل وسيلة، ولكن يجب النظر الى الواقع البائس في العينين: في غزة وقعت مصيبة، للمقدم م ولعائلته وللجيش الاسرائيلي على حد سواء. لا يمكن لاي محاولة لمنع انتشار المعلومات التي تنشرها حماس من أن تقلص الكارثة. فهذه الجياد فرت منذ زمن بعيد وليس هناك اي معنى لمحاولة اغلاق باب الاسطبل. ولكن ليس الجميع يفهم هذا: لسبب ما، فان الرقابة وجهاز الامن يصران على التحطم المرة تلو الاخرى على ذات الحائط والمحاولة العابثة لمنع المحتم. والمشكلة: هذه ليست فقط قصة حرية التعبير او ذرى جديدة من السخافة "تمنع" فيها الرقابة النشر في وسائل الاعلام الاسرائيلية فيما سبق ان ظهرت في موقع حماس الالكتروني – بل وتدعو الجمهور الى عدم تبادل المواد على الواتس اب. هذه المرة يدور الحديث عن ضرر حقيقي على أمن الدولة.

بداية: لان مجرد الشطب والدعوة للجمهور "للتصرف بمسؤولية" مثلها كمثل الالتماس الى المحكمة في كندا وفي الولايات المتحدة في قضية اوستروفسكي – وتعد مثابة ختم من الدولة بان كل شيء في واقع الامر هو صحيح (حتى وان كان في حالة اوستروفسكي، ليس هكذا كان في الامور). ثانيا، لانه بفضل المحاولة العقيمة لوقف النشر، فان حماس ليست فقط تتلقى المصادقة، بل وايضا نصرا هاما في الوعي.

ثالثا، وهو الاخطر منها جميعا: بسبب أن سياسة الشطب لكل شيء انطلاقا من الايمان المغلوط بان هذا سيوقف النشر حقا، فانها تمنع عن جهاز الامن الاستعداد المناسب لما نشرته حماس وللمعلومات التي لعلها نجحت في الحصول عليها. فلو كانوا يخرجون مسبقا من فرضية متشددة بان لدى حماس معلومات اخرى وانها لن تتردد في استخدامها كي تحرج اسرائيل – لكان ممكنا الاستعداد بشكل افضل تقليص الضرر الاعلامي. فمثلا: كان يمكن الزرع المسبق لمعلومات مغلوطة تخلق في قلب الجمهور الفلسطيني وربما ايضا في اوساط رجال حماس الشك بالنسبة لمصداقية المعلومات.

هناك اشخاص في اسرة الاستخبارات يعملون في هذه المواضيع كل الوقت. ولكن خدماتهم لم تطلب منهم هذه المرة. لماذا؟ بسبب الامل – الساذج جدا – في أن يكون ممكنا بواسطة الرقابة والتوجه الى مشاعر المسؤولية الوطنية – وقف البضاعة الساخنة التي توزعها حماس. خسارة انهم في جهاز الامن لم يتعلموا ما سبق ان تعلمه المشهورون منذ زمن بعيد عندما انكشفت صورهم الحميمة: فما اصبح فيروسيا – لا يمكن اعادته الى القمقم.

كلمات دلالية