خبر إسرائيل: المهمة العسكرية اكتملت الإنجاز « السياسي » ينتظر آلية التهريب

الساعة 06:06 ص|13 يناير 2009

حلمي موسى

بدت إسرائيل السياسية والعسكرية، أمس، في سباق مع الزمن لتهديد وتدمير قطاع غزة إلى أبعد مدى، ربما إدراكاً لقرب خط النهاية، أو للتمهيد لتوغل ميداني لاحق. ورغم الخلافات التي طفت على السطح بين مؤيدي التوقف وداعمي الاستمرار والتصعيد، فإن الكثيرين يعتقدون أن الجيش يوفر للمستوى السياسي الوقت للعثور على مخرج مقبول. ومن المقرر أن يصل اليوم أو غداً إلى العاصمة المصرية رئيس الطاقم السياسي الأمني الجنرال عاموس جلعاد للبحث في المخرج النهائي. وثمة من يعتقد أن الحرب أنجزت أهدافها، وأن عليها أن تتوقف قبل أن تبدأ في خسارة هذه الإنجازات.

وكانت وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أوضح من سواها في تأكيد هذه النقطة، عندما أشارت إلى أن إسرائيل استعادت قدرتها الردعية، وغيرت المعادلة مع حماس وأضرت بقدرتها وبحوافزها على القتال. وشددت ليفني على أن الأهداف المركزية للحرب تحققت عن طريق ضرب حماس والعمل العسكري الشديد ضدها. وأضافت ان إسرائيل تعمل حالياً من أجل ضمان ألا تستمر حماس في التسلح بصواريخ بعيدة المدى.

واعتبرت ليفني أن أساس المشكلة تكمن في محور فيلادلفي وأن الأفضل لإسرائيل أن تسيطر على هذا المحور، لكنها أضافت أن اعتبارات كثيرة أخرى تمنع هذه السيطرة مما يستدعي بلورة صيغة أخرى في إطار المفاوضات مع مصر. وقد شدد رئيس الحكومة الإسرائيلية إيهود أولمرت هو الآخر، يوم أمس، على محور فيلادلفي وقال إنه »إذا تبين بعد كل هذا الجهد أن صواريخ بمدى يصل إلى ٨٠ كلم أو حتى ١٠٠ كلم قد وصلت إلى غزة، فكيف سننظر لأنفسنا؟ وكيف ستنظر إلينا الدول المجاورة؟ إننا نريد الانتهاء من ذلك وبشرط توفير متطلباتنا وهي وقف إطلاق النار ووقف تعاظم قوة حماس. وكل ما عدا ذلك سيصطدم بالقبضة الفولاذية لشعب إسرائيل غير المستعد بعد الآن لتحمل الصواريخ«. وألمح أولمرت إلى أن صبر القيادة الإسرائيلية ينفد قبل الدخول إلى المرحلة الثالثة من الحرب ضد غزة.

غير أن العديد من المعلقين السياسيين في إسرائيل يلحظون أن الخلافات في صفوف الترويكا الإسرائيلية تتقلص، حيث باتت الأمور متقاربة. ويعتقد هؤلاء أنه ليس بين قادة إسرائيل الثلاثة، أولمرت، ليفني وايهود باراك، من يرغب في اقتحام أحياء مدينة غزة والعودة للسيطرة عليها. كما أن الفارق القائم الآن هو بين من يدعون إلى وقف العملية من طرف واحد أو باتفاق كما هو حال ليفني وباراك، وبين من يطالبون بالاستمرار مثل أولمرت. ويشير المعلقون إلى أن موقف أولمرت قد يكون في الواقع موقف شريكيه في الائتلاف، ولكن عبر التهديد. ووصف أحد المعلقين الخلاف بأن أولمرت يهدد الفلسطينيين والطلقة في بيت النار، فيما باراك وليفني يهددان من دون إشهار المسدس.

وبالإجمال، فإن العسكريين الإسرائيليين يعتقدون أن المرحلة الثالثة إذا ما تقرر تنفيذها فليست نزهة، وهي تحتاج إلى وقت طويل. بل أن قائد الجبهة الجنوبية الجنرال يوآف غالانت الذي يؤيد دخول هذه المرحلة شدّد في لقاء مع »يديعوت أحرنوت« على أنها تحتاج وقتاً طويلاً قد يمتد إلى عام. ولهذا السبب، فإن الميل الغالب في قيادة الجيش هو مواصلة العمليات الحربية بأسلوب القضم والاستنزاف، وبشكل متعاظم لزيادة الضغط على المقاومة وتوفير الوقت للحل السياسي من موضع قوة. ويرى الجيش أن أفضل أسلوب لذلك هو تعزيز الطوق على غزة وتنفيذ عمليات محدودة المدى كثيفة النيران لتعميق الضغط.

ويعتبر الجيش الإسرائيلي جوهرياً أنه أنجز المهمة العسكرية التي كلف بها وهي استرداد قدرة الردع في مواجهة الفلسطينيين وتحميلهم ثمناً باهظاً لمواصلة إطلاق الصواريخ. وهكذا، فإن ما يبقى هو ما اعتبر أنه هدف سياسي وهو التوصل إلى آلية لمنع التهريب بالاتفاق مع مصر. ويبدو الآن بعد تراجع فرص التوصل إلى اتفاق مع مصر بشأن آلية دولية لمنع التهريب أن إسرائيل باتت تكتفي باتفاقات مع مصر بتشجيع وتمويل دولي.

وهناك أحاديث عن احتمال الاتفاق على تشكيل جهاز استخباراتي دولي تشارك فيه إسرائيل والولايات المتحدة بهدف تقديم المعلومات إلى مصر حول ما قد يدخل أراضيها من أسلحة محظورة. وفي كل الأحوال، فإن إسرائيل التي لا تريد قوات دولية في ممر فيلادلفي وتسعى إلى آلية لإحباط التهريب في الأراضي المصرية، تميل الآن إلى الاكتفاء بمشاركة دولية في هذه المساعي ولو على الصعيد الاستخباراتي. وكانت إسرائيل قد أفلحت في حشد تأييد العديد من الدول الأوروبية، خصوصاً ألمانيا وفرنسا وحلف الأطلسي لتقديم الدعم لمصر في هذا المجال.

وهنا تبقى قضية التوصل إلى اتفاقات بشأن المعابر عموماً، ومعبر رفح على وجه الخصوص. ويبدو أن هذه المسائل والتي تتعلق بحركة حماس تزداد تعقيداً في ظل تراجع التفاؤل بقرب التوصل إلى تفاهمات بشأن المبادرة المصرية.

ويبدو أن إسرائيل الرسمية الواثقة من قدرتها على تحقيق نصر عسكري، تجد نفسها اليوم في موضع العاجز عن تحقيق اختراق مع مصر حول آلية منع التهريب. ومعلوم أن هذه الآلية باتت في نظر الكثيرين عنواناً للنجاح أو الفشل الدبلوماسي الإسرائيلي، إلا إذا تمّ تعديلها وتسويقها بشكل آخر.