مصير التهدئة

الساعة 02:18 م|18 نوفمبر 2018

كتب: خالد صادق

 

في أعقاب جولة التصعيد الأخيرة التي أقدم عليها الاحتلال الصهيوني ضد غزة, وقدرة المقاومة الفلسطينية على الصمود والثبات وصد العدوان, بل وتكبيد الاحتلال خسائر كبيرة, يتساءل الكثيرون عن مصير التهدئة التي ترعاها مصر بين غزة والاحتلال الصهيوني, وهل انتهت ام ما زالت قائمة, الوفد المصري ابلغ حماس ان التهدئة لا زالت قائمة, وان الاحتلال لم يتراجع عنها, والدليل على ذلك حسب الأشقاء المصريين استمرار دخول الوقود القطري إلى قطاع غزة دون توقف, وطلب المصريين من «حماس» الاستمرار في ضبط مسيرات العودة بما لا يسمح بالمساس بالسياج الفاصل ووقف إطلاق البالونات الحارقة وعمليات الإرباك الليلي لمدة لا تقل عن ثلاثة أسابيع. وهو ما أكده نائب رئيس اللجنة الدولية لمسيرة العودة الكبرى عصام حماد بقوله: الوفد المصري طلب منا الابتعاد عن السياج الفاصل لـ 3 أسابيع، ونحن ملتزمون بتنفيذ مطلب الوفد الذي قال إنه يريد استكمال مشاوراته, أي ان مصر لا زالت تحاور الاحتلال وتسعى لإقرار التهدئة في أسرع وقت. انتهاك «إسرائيل» لحرمة التهدئة من خلال «عملية خانيونس» والتصعيد العسكري الذي تلاها, أوحى للأشقاء المصريين ان هذا الاحتلال لا يحترم الاتفاقات, وربما يريد إحراج الوفد المصري في حواره مع فصائل المقاومة الفلسطينية , لذلك جاء حضور الوفد المصري لحفل تأبين شهداء خانيونس السبعة الذين استشهدوا على يد الاحتلال ليصفع الإسرائيليين على وجوههم ويؤكد وحدة الموقف الفلسطيني والمصري في مواجهة تغول الاحتلال الصهيوني على شعبنا وانتهاكه للاتفاقية, حتى خرجت الصحافة العبرية لتتساءل عن معنى مشاركة الوفد المصري في حفل تأبين الشهداء السبعة, والجواب تعلمه «إسرائيل» جيدا ولعل الرسالة تكون قد فهمت, وأدرك الاحتلال ان عليه ان يحترم الوسطاء, ولا ينتهك حرمة الاتفاقيات التي ترعاها الدول, لأن هذا لن يكون في صالحة, وسيخلق فجوة كبيرة بينه وبين الجميع, فمصر لن تقف صامته أمام انتهاكات الاحتلال لحرمة الاتفاقات, ومن الممكن ان يؤدي هذا إلى نتائج سيئة ضد الاحتلال الصهيوني ويكون ثمنه باهظا.

بنيامين نتنياهو أراد ان يجمل صورته أمام الإسرائيليين, فخرج ليقول ان الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي اتصل به أثناء المعركة مع غزة ليخبره برغبة حركة حماس في الوصول إلى تهدئة بشروط «إسرائيل» وإننا إذ نؤكد كذب رواية نتنياهو فإننا نتساءل إذا كان نتنياهو يحترم دور مصر فلماذا انتهك الاتفاق الذي رعته, ولماذا لا يحترم الاتفاقيات السابقة التي وقعها الاحتلال مع فصائل المقاومة الفلسطينية برعاية مصر, كاتفاقية 2011م واتفاقية 2014م, لكن يبدو ان نتنياهو الذي يعاني من زلزال داخلي يكاد يطيح به وبحكومته يبحث عن مبررات لفشله واخفاقاته المتكررة في غزة, وربما يكون قد وصل إلى قناعة انه لن يستطيع ان يحقق نصرا في غزة, وان العمليات العسكرية على القطاع لن تكسر المقاومة أو تدفعها للقبول باملاءات «إسرائيل» والاستجابة لشروطها, فالحال في غزة مختلف تماما عن أي حال أخرى, فستبقى غزة مقبرة للغزاة ولن تستسلم للاحتلال أبدا حتى لو شن كل يوم عدواناً جديد على غزة.

الوفد المصري استأنف جهود التهدئة من حيث توقفت, وربما يتم الانتقال سريعا إلى المرحلة الثانية منها, والبدء بخطوات سريعة لإشعار المواطنين في غزة بالتحول نحو الأفضل في مستوى حياتهم ومعيشتهم, وحماس كانت واضحة في حديثها مع الاشقاء المصريين, بان هناك شعورا باتجاه «إسرائيل» لتوجيه ضربة مباغته إلى غزة بفعل الضغوطات الداخلية على حكومة نتنياهو, وتوجيه اتهامات لها بالإخفاق والتراجع أمام المقاومة, حتى ان ضابط احتياط كبيراً بالجيش الصهيوني قال لصحيفة «معاريف» إن «إسرائيل» تعيش في أرذل المراحل الأمنية، وفي حالة لم يسبق لها مثيل منذ «حرب الغفران» أبان العام 1973. مضيفا لقد تسببت لنا هذه القيادة السياسية، بفقدان قدرة الردع أمام حماس بغزة، لأن كراسيهم أهم من مستقبلنا الأمني» حسب قوله, وهذا يوحي بمدى المأزق الذي تعيشه الآن حكومة نتنياهو المتطرفة, وانه قد يدفعها لحماقة جديدة, لكن هذا سيكون الرد عليه من قبل المقاومة موجعا للاحتلال, والمقاومة لم تستخدم بعد إلا جزءا بسيطا من قدراتها العسكرية, ولديها مفاجآت كبيرة, وعلى الاحتلال ان يعيد حساباته جيدا قبل ان يقدم على أي حماقة.