تحليل هل ستفضي انتخابات "إسرائيل" لتصعيد قادم على قطاع غزة؟

الساعة 12:20 م|18 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

مُنيت "إسرائيل" بهزيمة ساحقة في قطاع غزة، اكتملت فصولها بعد أن قدم وزير الحرب الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، استقالته، مما وضع حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في مأزق حقيبة وزارة الحرب، وتبكير موعد الانتخابات.

ومن المقرر، أن يعقد رئيس الحكومة "الإسرائيلية" بنيامين نتنياهو اجتماعاً وصف بالحاسم، مع وزير المالية موشي كحلون في محاولة لإقناعه بعدم التسبب بإجراء انتخابات مبكرة، وذلك على خلفية نية حزب "إسرائيل بيتينو" الانسحاب من الحكومة بعد استقالة زعيمه من منصبه وزيراً للأمن احتجاجا على وقف إطلاق النار الذي جرى مؤخراً بين المقاومة الفلسطينية و"إسرائيل".

وكان أحد أقطاب الائتلاف الحكومي الحالي موشي كحلون زعيم حزب "كولانو"، قد دعا في وقت سابق الى إجراء انتخابات تشريعية مبكرة "في أقرب وقت ممكن"، مع العلم أن الولاية الحالية لمجلس النواب تمتد حتى تشرين الثاني/نوفمبر من العام المقبل.

ولم تحسم بعد نتائج اللقاءات، التي ستعقد وهل ما إذا كانت نتائجها ستؤثر على قطاع غزة، خاصةً أن بعض المحللين العسكريين ذهبوا إلى أن تبكير الانتخابات العامة للكنيست من شأنها أن تؤثر على جبهة "إسرائيل" مع قطاع غزة، خاصة وأن الرأي العام الإسرائيلي يؤيد شن عدوان على القطاع وليس راضيا من أداء رئيس الحكومة الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بسبب عدم توسيعه العدوان في الأسبوع الماضي، حسبما أظهرت استطلاعات نُشرت في وسائل إعلام "إسرائيلية" مؤخراً.

عبد الرحمن شهاب، مدير مركز أطلس للدراسات، رأى في حديث لــ"وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أنه سواء بتبكير موعد الانتخابات "الإسرائيلية"، أو تأخيرها لن يكون هناك تفكير بالعدوان "الإسرائيلي" على قطاع غزة بعد الذي حدث معهم في "تصعيد الكورنيت الأخير".

وأضاف شهاب، أن "الإسرائيليين" في هذا التصعيد وجدوا أنفسهم كدولة قوية غير قادرة على استخدام القوة المطلوبة، لتحقيق مصالحها، وذلك كونها وجدت لا مصالح سياسية تتحقق ولا أي تغيير واقع سياسي على الأرض سيتحقق نتيجة هذه الحرب، فاليمين "الإسرائيلي" جرب 3 حروب على غزة، فكانت النتيجة بعد الحرب هي نفسها قبل الحرب، فتستقر المقاومة الفلسطينية لسنوات لتعد نفسها ثم تعود لجولات التصعيد مرة أخرى.

وتابع: نتنياهو أدرك أنه لا أمل ولا حل، وهو ماصرح به قبل التصعيد من فرنسا أن لا حل لديه مع قطاع غزة، مع "متطرفين" مازالوا يؤمنون بإبادة "إسرائيل"، فهو لن يتخذ خطوة فيها دفع ثمن، ولا يجدي أي ثمن.

وبين شهاب، أن الثمن الذي يمكن دفعه نتيجة التصعيد المفتوح الواسع على قطاع غزة، كبير، أوله الاقتصادي الذي ستدفعه "إسرائيل" نتيجة شل عاصمتهم "تل أبيب"، والثمن الآخر بتمثل شل المدخل الجوي لإسرائيل وهو مطار اللد، وتحويل الطيران لمجال جوي آخر كقبرص.

أما الثمن الآخر وفقاً لشهاب، فيتمثل في الثمن البشري، من خلال اضطرار لدخول قوات برية على الأرض، أو من خلال استهداف المقاومة للقوات المتمركزة على حدود قطاع غزة، لذا "إسرائيل" لا تفكر في حرب على قطاع غزة.

وأضاف، أن نتنياهو لا يوجد لديه وزير للدفاع يمكن أن يثق فيه، ولا يوجد وزير دفاع في الأفق، لأن جميع الوزراء المرشحين والمحتملين هم ذوي أجندة خاصة، يمكنهم تحريك الاتجاهات ليس ضمن رغبة نتنياهو.

وأوضح شهاب، أن الفكرة هي طرح البدائل التي تعزز فكرة وأيدلوجية صاحب الأجندة الذي هو وزير الحرب، لذا نتنياهو لن يذهب لتصعيد دون وزير دفاع يثق فيه، وإذا استمر في الحكم سيحتفظ بوزارة الحرب، ولن يعطيها لأحد.

وكان المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، كتب أن "رصيد حماس انتهى. هكذا هي الأجواء اليوم في هيئة الأركان العامة على الأقل. وإذا اختارت حماس أن تُدهور مرة أخرى، لأي سبب كان، الوضع الأمني على طول حدود القطاع، فإن الجيش جاهز للهجوم خلال دقائق معدودة، ليس ساعات ولا أيام. كما أنه لن تكون هناك "استيضاحات" مطولة لقضايا مثل من أطلق النار وأين: خطة الجيش الإسرائيلي التي أصبحت جاهزة واستعرضت أمام الكابينيت في الأسابيع الأخيرة – ستنفذ".

وأضاف فيشمان أن "هذه هي التعليمات التي تبثها قيادة الجيش الإسرائيلي للجيش، وهذه هي على ما يبدو توصياتها للحكومة". وحول دواعي نشر هذه التهديدات الآن، أشار فيشمان إلى أنه على حماس "ألا تستمع إلى القيادة الإسرائيلية وإنما إلى مزاج الجمهور الإسرائيلي: القوانين تغيرت وليس بسبب مصالحنا، وإنما لأن إسرائيل ذاهبة إلى انتخابات. وفترة الانتخابات لا تستدعي مفرقعات كلامية فقط وإنما  مفرقعات عسكرية أيضا. وليس في جبهة غزة وحسب".

وأدت الجولة القتالية الأخيرة بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية في النصف الأول من الأسبوع الماضي، وما تبعها من تفاهمات وقف إطلاق نار واستئناف المحادثات حول تهدئة، إلى تسريع عجلة الانتخابات المبكرة في إسرائيل، خلافا لرغبة نتنياهو، مثلما تبدو الآن. فقد استقال وزير الأمن، افيغدور ليبرمان، بسبب معارضته وقف إطلاق النار والتهدئة، ووضع الوزير نفتالي بينيت إنذارا أمام نتنياهو: إما تولي وزارة الأمن أو الذهاب إلى انتخابات. ورفض نتنياهو إعطاء هذه الحقيبة الوزارية لبينيت. كما أظهرت استطلاعات أن شعبية نتنياهو تراجعت، وأن أغلبية الإسرائيليين ليسوا راضين من أدائه وخاصة موافقته على وقف إطلاق النار، بينما نظم سكان "غلاف غزة" مظاهرات، جرت آخرها في تل أبيب، وحظيت بتغطية إعلامية واسعة، رغم أن المشاركين فيها لم يتجاوزوا الألف شخص. 

وفي أجواء الانتخابات تتصاعد حدة تصريحات السياسيين في إسرائيل، لتصبح متجانسة مع الرأي العام الظاهر في الاستطلاعات.

وعلى هذه الخلفية كتب فيشمان ما يلي: "عندما يتحدثون عن حلول وسطية، تتراوح بين قصف عقارات وحرب شاملة، تظهر على الفور قضية اغتيال قيادة حماس. وأوصى الجيش في اجتماع الحكومة السابق بالتريث، إذ أن القيادة السياسية تريد استمرار حكم حماس في القطاع وهي ضعيفة، وهنا يطرح السؤال: ما هو المنطق في تصفية القيادة والمخاطرة بنشوء فوضى؟ فالاغتيالات ليست خطوة رادعة فقط وإنما هي نوع من الدعوة إلى مواجهة شاملة".  

كذلك رأى المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس"، عاموس هرئيل، أن تبكير موعد الانتخابات "يقلص حيز المناورة بأيدي نتنياهو. وفخ غزة، الذي يلاحق نتنياهو منذ فترة طويلة وتسبب الآن بتفكيك مبكر لائتلافه، من شأنه أن يزيد خطورة الوضع على خلفية الانتخابات".    

وأضاف هرئيل أن الفخ الذي وقع فيه نتنياهو "يزداد خطورة لأن ضبط النفس الذي كان يسمح به لنفسه، بصعوبة، عندما كانت حكومته مستقرة نسبيا، بات أصعب للتطبيق في فترة المنافسة في الانتخابات، بينما يطوقه منافسوه، من اليمين واليسار، ويوجهون إليه انتقادات. وتسوية كاملة مع حماس سيصفها معارضوه أنها استسلام آخر للإرهاب. واستمرار الوضع القائم يعني هجمات صاروخية، بحجج متنوعة، مرة كل بضعة أسابيع، وفيما صورة الهلع والغضب في بلدات غلاف غزة تلاحقه طوال المعركة الانتخابية. بينما نتنياهو يتحفظ من حرب مع حماس، خشية أن تطول، وتسبب خسائر بشرية ولن تحقق أهدافها المعلنة".

كلمات دلالية