نجحت غرفة عمليات المقاومة المشتركة واخفق السياسيون

الساعة 11:35 ص|17 نوفمبر 2018

الكاتب: اياد الدريملي

حازت تجربة غرفة العمليات المشتركة للمقاومة الفلسطينية (والتي تمثل معظم الاجنحة العسكرية المسلحة) التابعة للفصائل الفلسطينية العاملة في قطاع غزة احتراماً وتأييداً كبيراً لدى أوساط واسعة في الشارع الفلسطيني بعد ما قدمته من نموذجاً ناجحاً وأداء متقدم هذه المرة في ادارة المواجهة مع جيش الاحتلال.

فإن تطور أسلوب عمل غرفة العمليات المشتركة نجح في تشكل حاضنة شعبية (جبهة داخلية) مساندة لها عزز من قوتها ومكانتها في مواجهة أي عدوان يستهدف المدنيين معتمدة بذلك على الدعم الشعبي والجماهيري لهم على ما بذلوه من جهد وقدرة في جولات القتال الاخيرة وما تميزت به من إنضباط وحنكة إضافة للفعالية والذكاء والإبداع في خلق الأدوات والتعامل والتصدي للهجمات الإسرائيلية التي أبهرت القريب قبل البعيد والتي أجبرت المؤسسة الامنية و العسكرية الإسرائيلية إلى التراجع والتسليم وإعادة حساباتها بعد أن استطاعت خلق حالة من التوازن و كسر مفهوم قوة الردع وفرض قواعد جديدة للعبة في جولات الصراع الدائرة في مواجهة أعتى جيوش المنطقة قوة وفتكاُ بالمدنيين.

فالعمل العسكري المشترك بات يحتل موقعاً متقدّماً في تكتيكات الفعل العسكري للفصائل الفلسطينيّة، وتكمن أهميّته في دمج كلّ القوى فيها بما يعنيه ذلك من مفهوم لتجسيد الوحدة والشراكة الذى يسعى الىتنسيق المواقف بين فصائل العمل المسلح لوضع الاستراتيجيات العسكرية وتوحيد عمل المقاومة الفلسطينية الميدانية اليومية في مواجهة انتهاكات اسرائيل وعدوانها وكسر الحصار الذى تفرضه الاخيرة ضد الابرياء.

نموذج غرفة العمليات المشتركة حظى باهتمام كبير من المراقبين الذين رأوا بضرورة  دارسته وتعميمه في مجتمع يعاني من انقسام سياسي وفصائلي معيب طال أمده لشعب يحظى بأكبر تأييد دولي وعالمي اختلف ساسته على السلطة وتراجعت قضيتهم, وأرهق انقسامهم تلك الجبهة الداخلية التي لازالت تنادى و تعول على تحقيق الاستقرار السياسي في نهاية المطاف عبر ترسيخ مرحلة شراكة سياسية فلسطينية جديدة و حقيقية تعيد الامل باستعادة الحقوق والاهتمام بالإنسان وتعزيز صموده على ارضه.

مما يجعلنا نطرح سؤال في هذا السياق, لماذا نجحت الاجنحة العسكرية في تشكيل حالة جديدة تجسد الشراكة و وحدة العمل وعملية صناعة و اتخاذ القرار في الميدان والذى ظهر جلياً في المواجهة الاخيرة؟؟

نعم نجح المقاتلون وفشل السياسيون في ترسيخ وتحقيق هذا الانسجام والشراكة والتنسيق والاتفاق على صناعة القرار الوطني المشترك في مواجهة اسرائيل وحلفائها.

فقد استطاعت الاجنحة المسلحة ايصال رسالة للجميع ان الدروس المستفادة من النموذج المقدم من قبلها انتصاراَ لجهة الحقوق الفلسطينية المسلوبة وصمام امان للحفاظ على كرامة المواطن ورد الاعتبار للشهداء والجرحى, والتعالي عن الفردية والاستئثار بالقرار والتفرد بالسلطة, والغرق ببراثيين الفساد السياسي والسعي خلف السلطة.

 فإن ما قدمته غرفة العمليات المشتركة لقوى المقاومة الفلسطينية اشاع مزاجاً إيجابياً عاماً أعاد الروح و الثقة للكفاح المسلح بعد ان ازداد بطش اسرائيل وفتكها للأمنين والاطفال ومحاولات سرقة وتهويد القدس وطمس قضية اللاجئين دون تحقيق اي منجزات سياسية فلسطينية وانحسار معسكر السلام وموت العملية السلمية والاستمرار في استفزاز مشاعر الفلسطينيين ومحاولات شطب حقوقهم التاريخية التي لم يقتنع الاحتلال  حتى الان بانها لا تسقط بالتقادم.

ونرى أن المقاومة الفلسطينية المسلحة قد تكون امام مسؤوليات مطلبية جديدة يطلبها الشارع الفلسطيني منها بضرورة اللعب اكثر في تعميم وفرض تجربتهم على قادة الفصائل الذين يعملون في كنفههم  بضرورة الانحياز لإرادة الشارع  (جبهتهم الداخلية) في الضغط عليهم ومطالبتهم بالوفاء لجماهيرهم التي وقفت معهم في كل مرة يخضون فيها معاركهم و جولاتهم السياسية, وذلك عبر التدخل فورا لتعظيم وتمكين هذه الجبهة الجماهيرية من خلال تحقيق المصالحة الفلسطينية وانهاء الانقسام السياسي وحالة التشرذم الخطير الذى اضاع من عمر القضية الفلسطينية والاجيال اكثر من عقد من الزمن مع تعزيز حالة التلاحم الشعبي مع المقاومة الباسل, لأنها تريد مصالحة تكفل الاحتفاظ بالمقاومة الفلسطينية لدورها ومكانتها وتعزيزها وتوفير كل الامكانيات  اللازمة لها

نعم نجح المقاتلون في كسب ثقة الشارع من خلال كبح جماح اسرائيل وتراجع السياسيون في تحقيق نموذجاَ ينال رضي الجماهير المتعطشة للمصالحة الداخلية والشراكة السياسية وتعزيز صموده على ارضه ومنحه دورا اكبر في عملية صنع قرار, هل سينجح السياسيين والعسكرين معاً يوماً بتحقيق ارادة ومتطلبات الجماهير؟؟