قائمة الموقع

حماس محدودة الضمان- اسرائيل اليوم

2018-11-16T14:24:00+02:00
باص مستوطنين
فلسطين اليوم

حماس محدودة الضمان- اسرائيل اليوم

بقلم: يوآف ليمور

          (المضمون: في قطاع غزة انتصروا بانتصار في الوعي على اسرائيل رغم ان الضرر الذي لحق بحماس اكبر بكثير من 15 مليون دولار تلقتها قبل ايام من ذلك.  - المصدر).

          كان هذا اسبوعا مجنونا حتى بتعابير الاخبار  التاريخية لاسرائيل. اسبوع بدأ مع هدوء في غزة، استمر في عملية كان بينها وبين الخلل الاستراتيجي خطوة واحدة وتدحرج الى تبادل للضربات توقف خطفا في صالح هدوء متجدد وادى الى استقالة وزير الدفاع وربما الى تقديم موعد الانتخابات للكنيست.

          الرابح الاساس من هذا الاسبوع هو بلا شك حماس. فبخلاف الاحساس الغريزي لكل اسرائيل، فقد تلقت حماس ضربات اكثر مما اوقعت من ضربات. وكما هو الحال، من الافضل للمرء ان يكون في غلاف غزة المتعرضة للاعتداء من أن يكون في غزة المتعرضة للقصف. ولكن ما منحته جولة القتال للمنظمة هو اسبوع من المجد هو الابرز مما كان لها منذ زمن بعيد. مشكوك أن يكون هذا من حيث الوضع الاقتصادي في غزة يعطيها هواء للتنفس، ولكن في الشرق الاوسط فان للصورة ايضا اهمية. وفي المعركة على الصورة انتصرت حماس. وليس صدفة ان نشرت حماس في وسائل اعلامها شعارا بالعبرية جاء فيه "الكورنت انتصر على الكابنت".

          ان الانجاز الاكثر اهمية لحماس هو استقالة ليبرمان. فالمدة الزمنية القصيرة بين وقف القتال ومغادرته وزارة الدفاع لم تترك مجالا للشك حول الصلة بين الفعل (وفي هذه الحالة غياب الفعل) وبين النتيجة. على اي حال فان ليبرمان نفسه ربط استقالته بالسياسة في القطاع – السياسة التي كان شريكا لها حتى وقت اخير مضى.

          ليس واضحا متى انقلب ليبرمان. فهل حصل هذا بسبب استطلاعات قرأها أم ان ليبرمانه انقلب عليه. سبعة اشهر ونصف استمرت الفوضى في غزة. وفي معظم الوقت كان وزير الدفاع هو المحامي الاكبر للسياسة الاسرائيلية العاقلة والمعتدلة. فقد شرح لكل سامعيه لماذا يحظر الجنون والانجرار الى معركة لن تعطي شيئا ولماذا يجب الحفاظ على جنوب هاديء لتركيز الاهتمام على الشمال.

          في الاسابيع الاخيرة غير وزير الدفاع المنصرف نبرته. فلم يبدأ فقط في تأييد رد اكثر حدة بل وسوق اراءه بوحشية. فالمعارك مع نفتالي بينيت على من هو اقوى حيال حماس كانت دليلا واحدا فقط على التغيير. كما أن بياناته عن أنه لم يؤيد القرارات التي اتخذت في الكابنت اوضحت بانه اصبح مناكفا لرئيس الوزراء ولسياسة الحكومة.

          وزير الدفاع لا يمكنه ان يوجد في مثل هذه الوضعية لزمن طويل. فالكل حوله مدربون على شم الدماء. العسكريون فهموا بانه لم يعد ذات صلة وعملوا مع رئيس الوزراء. الوزراء شعروا بانه هش، وهاجموه في وسائل الاعلام. اما هو فشعر بانه يفقد السيطرة بسرعة، ومثلما في الكازينو قرر الانسحاب منعا للخسائر.

          مشكوك ان يكون ليبرمان فهم حجم الهدية التي منحها لحماس. حزب الله بعث الى بيته وزير دفاع ورئيس اركان في حرب لبنان الثانية. ولكن هذا حصل بعد 35 يوما من القتال و 144 قتيلا. بل وليس فورا. اما هذه المرة فقد حصل هذا بعد اقل من يومين وقتيلين، واحد هو ضابط في عملية بادر اليها الجيش والثاني فلسطيني قتل بصاروخ في عسقلان.

          في النهاية، المال يتكلم

          العملية التي قتل فيها المقدم م كانت الانجاز الثاني لحماس هذا الاسبوع. كان يمكن لهذا ان يكون اسوأ بكثير. مع عدد اعلى من القتلى او المخطوفين، منع بفضل يقظة القوة التي انقذت نفسها بجسارة استثنائية – ولا يزال، فانها عملية سرية انكشفت، وفي نهايتها قتيل وجريح، لا يمكن ان تعتبر نجاحا. صحيح ان حماس فقدت قائد كتيبة وضابطين آخرين، ولكنها أوقعت بالجيش الاسرائيلي اخفاقا لاذعا، وتلقت بالاساس الشرعية للعربدة لان  اسرائيل هي التي خرقت الهدوء الذي تحقق قبل يومين فقط بكد شديد.

          حقيقة أن حماس اختارت العربدة جزئيا فقط تشهد بانها لا تريد حربا شاملا. صحيح انها اطلقت النار بجنون من ناحية الكمية – نحو 500 صاروخ في يومين – ولكنها حرصت على ان لا تخرج عن حدود الغلاف. وحتى الصاروخ على باص الجنود (انجاز آخر لحماس) كان محسوبا جدا.  فتحليل الحدث في الجيش يفيد بان المنظمة اختارت عن قصد اطلاق صاروخ الكورنيت بعد ان نزل الجنود منه وامتنعت عن اطلاق مزيد من الصواريخ على مركبات اخرى في القافلة، وذلك بهدف نقل رسالة دون الحاق عدد كبير من الاصابات يؤدي الى رد اسرائيلي قاسٍ.

          بالمقابل هاجم الجيش الاسرائيلي نحو 150 هدفا في القطاع، بينها أربعة اهداف نوعية بالنسبة لحماس (بما في ذلك تدمير ارشيفات تجمعت فيها معلومات اسخبارية وعملياتية كثيرة). صحيح أن الجيش  امتنع عن قتل الكثير من الفلسطينيين كي لا يعطي مبررا لحماس لتوسيع القتال، ولكن الضرر الذي لحق بالمنظمة اكبر بكثير من الـ 15 مليون دولار التي حصلت  عليها قبل بضعة ايام من ذلك فقط لصالح احياء نسيج الحياة في غزة.

          موضوع المال اقلق حماس كثيرا. ففي  نظر الكثير من الفلسطينيين، اعتبرت وكأن المال اشتري بسعر بخس.  صور  الحقائب وفيها المال النقدي التي وصلت من قطر لعبت دور النجم في وسائل الاعلام العربية. وكانت الرسالة ان اليهود يتحكمون بالمنظمة بواسطة المال العربي. وجاء القتال ليسمح لقيادة حماس بشطب هذه المشاعر واستعادتها بعض المجد لمقاتلي التحرير. ولكن درء للخطأ فان هذا لن يستمر طويلا. ففي الشهر القادم  ستيعين عليهم في غزة ان يدفعوا الرواتب.

          العودة الى اختبار الجدار

          الابطال الحقيقيون هم سكان الجنوب. فقد كانت لهم 14 سنة من اللظى حتى حملة الجرف الصامد التي حققت لهم 44 شهرا من الهدوء المبارك الذي سمح لهم بالازدهار والتفتح. كان يكفي ان نرى زخم البناء في سديروت او الطلب المتزايد على السكن في الكيبوتسات كي نفهم بان شيئا جيدا يحصل في الغلاف.

          كل هذا تشوش في نهاية اذار عندما بدأت المظاهرات الاسبوعية ومعها البالونات والحرائق وجولات القتال التي اعادت الصافرات. وعادت الحياة في الغلاف الى ان تكون متلظية وان لم يكن كل شيء محروقا ولكن من الصعب تربية الاطفال وخوض حياة عادية عندما لا تكون لديك اي فكرة عندما يحصل هذا مرة اخرى.

          أدارت اسرائيل حيال كل هذا سياسة محسوبة. وسيقول المعارضون سياسة مترددة. وكان الفهم ان خيرا لن يأتي من حملة اخرى من غزة، ستنتهي في افضل الاحوال مثل سابقتها بتعادل حامض وفي اسوأ الاحوال بشكل اسوأ. وحتى الوزراء الذين تحدثوا في وسائل الاعلام عن الحسم لم يؤيدوا ذلك في المداولات الداخلية، لمعرفتهم ثمن العملية الواسعة في القطاع. واتفق الوزراء على ان الوضع القائم هو اهون الشرور: إدارة محسوبة للنزاعات.

          هناك منطق في خط عمل كهذا اذا كان يترافق وتفكير استراتيجي واسع. وكانت الفكرة هي الدخول الى خطوة واسعة تؤدي الى عملية اعادة تأهيل عميقة للقطاع يرافقها الهدوء. يمكن عمل ذلك مع حماس، مع ابو مازن، مع المصريين والعالم او بتداخل من عدة اطراف. اما حكومة اسرائيل فاختارت الا تفعل، وفضلت ادارة أزمة متواصلة لعلمها بانها ستواصل انشغالها باطفاء الحرائق التي تتسع في كل مرة.

          ولا يزال التحدي سيكون اليوم. حماس لن توقف المتظاهرين والجيش لن يقتل الكثير منهم خشية أن تستأنف النار.

 

 

اخبار ذات صلة