تحليق الى اللامكان -يديعوت

الساعة 12:24 م|13 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

بقلم: اليكس فيشمان

(المضمون: لقد وقف اصحاب القرار الاسرائيلي امس امام معضلة غير بسيطة. فقد كان اسهل بكثير لو ان النار اندلعت كنتيجة استفزاز من حماس. اما هذه المرة فقد اندلعت على خلفية عملية ميدانية سرائيلية - المصدر).

ابتداء من يوم أمس تجد اسرائيل وحماس مرة أخرى نفسيهما في تحقيق خطير الى اللامكان. حتى بعد أن ننهض في الصباح لن نعرف اذا كانت هذه الطائرة ستهبط في نهاية المطاف ام ستتحطم. لقد حشرت اسرائيل في وضع تجد نفسها فيه ملزمة بان توجه ضربة قاسية – بما في ذلك لاسباب عملياتية ولاسباب سياسية داخلية. فهجمة حماس والجهاد التي بدأت امس في الرابعة ما بعد العصر لم تترك للقيادة الاسرائيلية مفرا. جولة القتال الحالية – وفقا للسيناريو "المعقول" والمريح للطرفين – يفترض ان يستمر يوما أو يومين. غير أن هذا السيناريو "المعقول" من شأنه ان يتدهور بسهولة الى معركة شاملة.

في 27 تشرين الاول، عندما اطلق الجهاد الاسلامي 47 صاروخا نحو اسرائيل، كانت بطانة الكوابح لدى القيادة السياسية اسمك فمنعت الحرب في اللحظة الاخيرة. اما احداث اليوم الاخير فقد وجدت القيادة السياسة مع قدرة كبح اضعف بكثير. فليس يحيى السنوار فقط كان عرضة لانتقاد داخلي شديد في ضوء شروط الهدوء واتهم بانه باع المصلحة الوطنية مقابل الدولارات، بل ان نتنياهو هو الاخر كان عرضة لانتقاد داخلي ألزمه على حد قوله بان يستعمل جزءا من احتياطاته من المكانة الجماهيرية وان يتخذ قرارات غير شعبية. وعززت هجمة حماس امس ضلع ليبرمان في مثلث رئيس الوزراء - وزير الدفاع – رئيس الاركان. اذ ان الشعار الذي يكرره وزير الدفاع منذ اشهر في انه لن تكون اي تهدئة على الجدار الى ان تتلقى حماس ضربة شديدة – يتحقق.

الجولة الاخيرة هي جولة اخطر بكثير. اذ ان كل طرف من الاطراف مقتنع بان الطرف الاخر جن جنونه. فقد شرح السنوار في مصر بان اسرائيل نزلت عن الخطوط: ففي اليوم الذي بدأ يتحقق فيه الهدوء ظهرت في خانيونس قوات خاصة، مروحيات هبطت في القطاع، وحماس فقدت 7 من رجالها. اما اسرائيل، من جهتها، فتدعي بان حماس جن جنونها وتنفد اطلاق نار مجنون على المواطنين بحجم لم يشهده منذ الجرف الصامد بنية التسبب بقتل جماعي. لقد علق الطرفان في وضع يحتاجان فيه لان يقدما تفسيرات لجمهورهما وان يعيدا بناء الردع. في هذه الاثناء، فان من حدد سقف العنف هي حماس، وجرت اسرائيل وراءها. وتيرة النار في الطرفين تتصاعد. ويبدو ان نتنياهو معني بان يعرض على الكابنت الذي سينعقد اليوم نتيجة كافية القوة كي لا يجد نفسه امام كابنت جدي يطالبه بان ينطلق الى خطوات عسكرية ليس هو معنيا بها.

ان الخطاب الاسرائيلي لرفع سقف الالم في الطرف الفلسطيني هو خطاب واسع. فبوسع اسرائيل أن تنفذ مخططات حربية تتضمن اعمال قصف جوي دراماتيكي في كل ارجاء القطاع – ومشكوك أن يكون اصحاب القرار يجذبون الامور الى هناك. كما ان هناك سلسلة من الاهداف العسكرية – وليست اهداف عقارية – تهاجمها اسرائيل في الاشهر الثمانية الاخيرة بهدف اضعاف قوة حماس العسكرية. وتتضمن هذه السلسلة ضربا لمصالح النخب في غزة. ليس معسكرات فارغة بعد اليوم، بل اصابة لممتلكات تعود لقادة حماس ووجهاء القطاع. وعندما يبقى هؤلاء بلا مأوى، مثلما حصل في اواخر الجرف الصامد، فان هذا يهديء بسرعة شديدة الميدان. وجاء قصف محطة حماس التلفزيونية امس ليكون مثالا عن هدف من هذا النوع.

لقد وقف اصحاب القرار الاسرائيلي امس امام معضلة غير بسيطة. فقد كان اسهل بكثير لو ان النار اندلعت كنتيجة كاستفزاز من حماس. اما هذه المرة فقد اندلعت على خلفية عملية ميدانية اسرائيلية.

اعمال من هذا النوع لها آثار سياسية بعيدة المدى، تتلقى الاذن من وزير الدفاع ورئيس الوزراء. وعند تحديد توقيت العملية تؤخذ بالاعتبار الصورة السياسية في ذاك الوقت وتدرس الجاهزية والفرصة العملياتية. في الحالة التي امامنا أملت التوقيت الحاجة العملياتية والفرصة. اغلب الظن، كانت القيادة السياسية، التي كان ينبغي ان تأخذ بالحسبان تشويش عملية التهدئة، غير مكترثة. فقد كانت على اي حال واثقة من ان هذه العملية ستمر بنجاح كامل مثلما مرت عمليات كثيرة مثلها في الماضي. وبالمناسبة فان وزير الدفاع مقتنع بان هذا لا يغير في الامر من شيء حقا. وان حماس كانت على اي حال ستحطم القواعد، ان لم يكن الان في الاسبوع القادم.