لنمتنع عن حرب زائدة- هآرتس

الساعة 12:22 م|13 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

بقلم: أسرة التحرير

          ومرة أخرى، مثلما في الدورات المحتمة، صواريخ تتطاير نحو بلدات غلاف غزة، سكان يختبئون في المجالات المحصنة، بطاريات القبة الحديدية تعترض أهدافا قدر وسعها، طائرات سلاح الجو تطلق في طلعات قصف، سحب دخان تتصاعد من فوق قطاع غزة، في الكريا يجتمعون لتشاورات دراماتيكية، تبجحات فارغة تطلق في الطرفين، تقارير عن جرحى وقتلى تبدأ بالتراكم.

          ومثلما هو الحال دوما، فان الاشتعال الحالي ايضا يوجد له تفسير موضعي: هذه المرة عملية للجيش الاسرائيلي في غزة تعقدت وفي اعقابها قتل ضابط اسرائيلي وسبعة فلسطينيين. رد الفعل الشرطي من الطرفين لم يتأخر في المجيء: نار صاروخية نحو اسرائيل وردا على ذلك قصف اسرائيلي واسع النطاق.

          دائرة الدمار هذه يجب أن تتوقف في اقرب وقت. ليس من خلال التهديدات بتخريب غزة وبالتأكيد ليس باقوال عديمة الجدوى كالتي قالها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو اول امس في مؤتمر صحفي في باريس. فقد قال: "لا حلا سياسيا مع غزة مثلما لا حلا مع داعش".

          يعرف نتنياهو جيدا بان حماس ليست داعش، والدليل هو المفاوضات التي تجري بين الطرفين، حتى وان كان بشكل غير مباشر من اجل الوصول الى تسوية. ولكن الاهم من ذلك هو انه محظور على رئيس وزراء اسرائيل أن يتعاطى مع مليوني من بني البشر يعيشون في ظروف متردية تحت حصار وكأنهم عصبة ارهابيين لا صلاح لها. هذا انعدام واضح للمسؤولية القيادية. يفهم نتنياهو جيدا بان المواجهات في غزة لم تولد من فراغ، بل هي وليدة يأس عميق، سابقة كبرى، فقر مدقع وانعدام افق اقتصادي. وعليه، فان الحل ليس عسكريا بل سياسي: سكان غزة بحاجة في اقرب وقت ممكن الى مصادر الدخل، الكهرباء من اجل المستشفيات، الوقود من اجل تشغيل المصانع، استثمارات سخية وخطة طواريء لاعمار سريع. فضلا عن الجانب الانساني، فان المصلحة الامنية لاسرائيل والهدوء في غلاف غزة يفترضان تنفيذ هذه الشروط. كلما رفضت اسرائيل الاعتراف بهذا الواقع، هكذا تستمر المأساة بل وتتعمق.

غير أنه بينما تنطوي خطط اعمار غزة على اتفاق مركب، في المدى القصير مطالبة اسرائيل بان تحافظ على كبح جماح في ردها والا تنجرف الى حملة عسكرية واسعة النطاق. فحرب في غزة ستضر الطرفين. ستتسبب بموت زائد، ستمس شديد المساس بسريان الحياة العادية وستجلب دمارا وخرابا سيدهوران غزة فقط الى وضع لا يطاق حتى اكثر.

رغم أنه يجلس حوله بضعة وزراء يمينيين متطرفين يدقون طبول الحرب، يطالبون بحسم عسكري مدوٍ و "صور نصر" فارغة، فان على نتنياهو ان يصر على تتنفيذ اقواله قبل يومين: "انا افعل كل ما في وسعي كي امتنع عن حرب زائدة. كل حرب تجبي ضحايا، انا لا اخاف الحروب اذا كانت ضرورية، ولكن احاول أن امنعها اذا لم تكن ضرورية. الحرب في غزة ليست ضرورية.