كتب د. وليد القططي: خلّي السلاح صاحي

الساعة 12:10 م|12 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

"خلّي السلاح صاحي صاحي صاحي، لو نامت الدنيا صاحي مع سلاحي، سلاحي في ايديه نهار وليل صاحي، ينادي يا ثوار عدونا غدّار، خلّي السلاح صاحي صاحي صاحي". كلمات أُغنية مصرية للشاعر أحمد شفيق كامل، لحنّها الموسيقار كمال الطويل، وغنّاها الفنان عبدالحليم حافظ، تاريخ الأُغنية عام 1968م في بداية حرب الاستنزاف التي استمرت ثلاث سنوات، بين مصر و(إسرائيل) بعد هزيمة حزيران 1967م، وهو اسم يُطلق على العمليات العسكرية شرق قناة السويس التي قام بها الجيش المصري بأوامر من الزعيم جمال عبدالناصر، وعلى العمليات العسكرية الإسرائيلية المُضادة في العمق المصري، وكان للحرب دورٌ مهم في رفع الروح المعنوية للشعب والجيش المصري، والتي مهدّت لحرب أكتوبر 1973م.

كلمات الأُغنية تدعو إلى الحذر وعدم الغفلة أمام عدوٍ غدّار، وأهم مظاهر الحذر وعدم الغفلة هو يقظة المُقاتلين، واستمرار جهوزيتهم لاستخدام السلاح، والاستعداد لأي طارئ يفرضهُ الميدان، وأي مفاجأة يقوم بها العدو، ووفقاً لهذا المعنى فقد حذّرنا اللهُ تعالى عن الغفلةِ عن أسلحتنا " وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ " وأمرنا باليقظة والحذر وجهوزية سلاحنا "وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ" وشدّد اللهُ تعالى على أخذ الحيطة والحذر " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ"، ولم يغفل الرسول عليه الصلاة والسلام عن أهمية الحذر واليقظة والتمسك بالسلاح في كل مراحل جهاده مع الأعداء.

وما حدث بالأمس من اكتشاف المقاومين الفلسطينيين لوحدة إرهابية من جيش العدوان الإسرائيلي، وسرعة التعامل معها بالسلاح، وإحباط هدف العملية، هو تطبيق عملي لآيات القرآن الكريم الداعية إلى عدم الغفلة عن السلاح، وتجسيد فعلي لنهج السُنّة النبوية في الحذر الدائم، واستلهام لمضمون وروح أُغنية (خلّي السلاح صاحي)، ليس هذا وحسب؛ بل ويثبت أن المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة لم تُلقِ السلاح، ولم تغفل عن أسلحتها، ولم تُخدع بأوهام التهدئة الخادعة، ولم تسترخِ وتركن إلى الدعةِ تحت تأثير التحسينات الجزئية التي أحدثت خرقاً محدوداً في جدار الحصار، ولم تقع في فخ الخداع الإسرائيلي وتخلد إلى السكينة تحت ستار من سراب الهدوء الوهمي... فأدرك ثوارنا الأبطال أن عدونا غدّار، فحضروا سلاحهم كما يحضن الجسدُ الروحَ، ولم يفارقوه إلاّ بعد أن فارقت الروحُ الجسدَ، ليس قبل أن عُمِدَ بدمهم الزكي، وعُبِقَ برائحتهم الطيبة، فتركهم حزيناً إلى أن يلتقي بهم يوم التلاقِ ليشهد عليهم بأنهم قدموا أرواحهم وسفكوا دماءهم في سبيل الله ومن أجل الوطن.

خلّي السلاح صاحي أمام عدوٍ غدّار لا يفهم إلاّ لغة القوة، ولا يخشى إلاّ الأقوياء، ولا يحترم إلا الأنداد، وبالمقابل لا يهتم بلغة الاستجداء، ويستقوي على الضعفاء، ويحتقر المهزومين نفسياً. فلغة القوة ونهج المقاومة هي التي جعلت العدو الصهيوني يهرب من لبنان عام 2000م بدون قيود ولا شروط أمام ضربات المقاومة اللبنانية ممثلة في مجاهدي حزب الله، وهي التي أخرجت الجيش والمستوطنين من قطاع غزة عام 2005م تحت ضغط المقاومة الفلسطينية ممثلة في سرايا القدس وكتائب الشهيد عزالدين القسام وكافة فصائل المقاومة. سلاح المقاومة اليقظ الصاحي هو الذي يردع الاحتلال عن استباحة الدم الفلسطيني وقتما وكيفما شاء في غزة، وهو الكفيل برفع كُلفة الاحتلال في الضفة، والقادر على تحويل المشروع الاستيطاني فيها مشروعاً خاسراً، ليتفكك المستوطنات كما تفككت في قطاع غزة، لنُراكم خطوة أخرى في تفكيك المشروع الصهيوني برمته.

خلّي السلاح صاحي أيها المقاوم الجسور الشجاع، ولا يُضرّك تُرهات أصحاب السلطة من أولي السطوة، وعباقرة نظرية التمكين، وفلاسفة الدعوة لعدم شرعية سلاح المقاومين، والمطالبين بنزع سلاح المقاومة، ولا يهمك المُهددين بمزيدٍ من العقوبات على أهل غزة الصامدين، من علّيه القوم (الأشراف)، وصفوه النخبة السلطوية الحاكمة، وليكن شعار المقاومين الأحرار والمجاهدين الأخيار مواصلة درب النضال والكفاح حتى يأذن اللهُ تعالي بالنصر المبين.

وفي الختام سلام على أرواح شهداء كتائب الشهيد عزالدين القسام وكل أرواح المقاومين، الذين اثبتوا أن سلاحهم صاحي وروحهم يقظة، ولنردد سوياً كلمات من الزمن الجميل " طول ما أملى معايا معايا وفى ايدي سلاح حافضل اجاهد وامشى وامشى من كفاح لكفاح".