قانون الضمان الاجتماعي بين التطبيق والرفض والواقع

الساعة 11:02 ص|07 نوفمبر 2018

فلسطين اليوم

د. ماهر تيسير الطباع

خبير ومحلل اقتصادي

صدر قانون الضمان الاجتماعي رقم 19 لسنة 2016 بمدينة رام الله في ظل انقسام فلسطيني و أوضاع اقتصادية متدهورة أدت إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة في فلسطين.

ويعتمد قانون الضمان الاجتماعي بشكل كبير على تطبيق الحد الأدنى للأجور الذي تم إقراره بقرار صادرة من مجلس الوزراء برقم (11) لسنة 2012م ، بهدف اعتماد وتطبيق الحد الأدنى للأجور في جميع مناطق السلطة الوطنية الفلسطينية، و تبعه قرارات تنفيذية لوزير العمل لتحديد الاجر على الأقل (1450) شيكل شهريا , وهو دون خط الفقر الذي بلغ للأسرة الفلسطينية المكونة من 5 افراد (2 بالغين و3 اطفال) 2470 شيكل، و خط الفقر المدقع  الذي بلغ 1974 شيكل لنفس الاسرة , وتم العمل على تطبيق القرار منذ بدء العام 2013 بالضفة الغربية , وحتى هذه اللحظة فهو غير مطبق بالشكل التام حيث أن نسبة تطبيقه في الضفة الغربية لا تتجاوز 60% وفي قطاع غزة غير مطبق كليا , فكيف لنا أن نطبق قانون الضمان الاجتماعي دون تطبيق الحد الأدنى للأجور.

و بموجب قانون الضمان الاجتماعي تنشأ ثلاثة صناديق كل منها مستقل عن الآخر:

صندوق التقاعد: يمول باشتراكات العامل بنسبة 7% من راتبه الشهري، يقابلها 9% من صاحب العمل،

صندوق اصابات العمل : يمول من صاحب العمل بنسبة 1.6% دون تحميل العامل اية اعباء.

صندوق الامومة: يمول باشتراكات بنسبة 0.003% من صاحب العمل و0.002% من العامل، وتشمل الاشتراكات في هذا الصندوق الذكور والاناث على حد سواء، متزوجين وغير متزوجين.

وبذلك يصبح إجمالي ما سوف يتحمله الموظف الموظف 7.2% من راتبه الشهري النهائي، بينما يتحمل رب العمل 10.9% لتكون النسبة الإجمالية عن كل موظف 18.1%. , وهذه النسبة سوف تضيف أعباء مالية على الموظفين والعمال كذلك على أصحاب الأعمال في ظل أوضاع اقتصادية متدهورة.

و في اعتقادي بأن الكل الفلسطيني ليس ضد قانون الضمان الاجتماعي , وليس ضد توفير حياة كريمة وتأمين متطلبات عيش كريم للعمال نظير جهودهم المبذولة في العمل وتحقيق عدالة اجتماعية , لكن المطلوب هو تعديل القانون بما يتوائم مع الظروف والواقع الاقتصادي في فلسطين حيث أنه يوجد العديد من الملاحظات والتساؤلات حول القانون ومن أهمها :

 

لم يتطرق القانون إلى الجهة المسئولة المكلفة بتوفير حياه كريمة للعاطلين عن العمل وتوفير شبكة أمان اجتماعي لهم و لأسرهم تحميهم من الفقر؟؟؟؟

من سوف يتحمل المصاريف التشغيلية لمؤسسة الضمان الاجتماعي والتي تقدر بحوالي نصف مليون دولار سنويا.

لا يوجد عدالة جغرافية في توزيع أعضاء مجلس إدارة مؤسسة الضمان والبالغ عددهم 18 عضو حيث تم اختيار 3 أعضاء فقط من قطاع غزة بمن فيهم وزير العمل.

إحدى مواد القانون تنص على أنه يجب ألا يقل راتب التقاعد الإلزامي للمؤمن علية المستحق لراتب التقاعد عن 75% من الحد الأدنى للأجر , أو قيمة خط الفقر الفردي أيهما أعلى , وهذا يتعارض مع تطبيق الحد الأدنى للأجور المفروض في فلسطين.

ربط استحقاق راتب التقاعد ببلوغ سن 60  سنة و الا يقل مجموع اشتراكاته عن 180  اشتركا.

لا يوفر أي حماية للعمال والموظفين.

التوصيات

ضرورة تأجيل العمل بقرار بقانون الضمان الاجتماعي، وعرضه فوراً للحوار المجتمعي , على أرضية احترام سيادة القانون والمعايير الدولية لحقوق الإنسان , خصوصا وأنه لم يتم مناقشته في قطاع غزة قبل صدوره.

يجب مراجعة العقوبات المشمولة بالقانون حيث تضمنت مبالغ مرتفعة يتكبدها منظمات أصحاب العمل، والأصل في العقوبات التوجيه والتوعية وليس الانتقام أو القضاء على المنشآت المتناهية الصغر والصغيرة صاحبة الانتشار الأوسع في فلسطين.

ضرورة العمل وصب جهد الأطراف (مجتمعين ومنفردين) في اتجاه التوعية والترغيب في الانضمام لمنظومة الضمان الاجتماعي، وخاصة من خلال تقديم نظام واقعي ينسجم مع قدرات المنشآت من أصحاب العمل لتنفيذه والالتزام به، وهو ما يعتبر الأساس الأول والأخير في نجاح هذه المنظومة الهامة.