خبر حرب اللا انبعاث.. معاريف

الساعة 10:43 ص|12 يناير 2009

بقلم: كوبي نيف

قبل نهاية حملة الثأر المدعية، الهدامة والفتاكة التي نقوم بها في غزة وقبل أن يتحقق "اتفاق" لوقف النار، يمكن منذ الان الاعلان عن نصر واحد ساحق – نصر العقيدة. العقيدة التي تصبح أكثر فأكثر مفعمة بالحماسة الدينية، بان "الحل" للنزاع بيننا وبين الفلسطينيين لن يتحقق الا بالقوة، بمعنى ازالة شعب واحد من الشعبين من على وجه هذه الارض. وعليه، فان بقايا العقيدة وامكانية الحل الذي سيكون فيها عيش مشترك ما للشعبين المتنازعين في ذات قطعة الارض، لفظت في هذه الحرب انفاسها الهزيلة على أي حال، وقضت نحبها دون أن يكون لها أي فرصة للاصلاح او الانبعاث.

إذ في هذه الحرب اثبتت اسرائيل نهائيا ما قالته عمليا في كل سنوات وجودها – في أنها غير قادرة على أن تقبل أو تستوعب أي شكل من العلاقات الاخرى بينها وبين الشعب الفلسطيني، غير العلاقات التي تكون فيها اسرائيل الحاكم الذي كل القوة في يده. اما الفلسطينيون فهم الشعب المحكوم، المقموع، المحبوس والمهان، كل الذي كل حقوقه الانسانية الاساس هي – في نيل الرزق، في التعلم، في السكن، في الحركة، في الغذاء وفي التنفس – لا تتم الا بفضل النية الطيبة للسيد الاسرائيلي السخي، الاخلاقي، الديمقراطي هذا.

وعلى كل خروج من الفلسطينيين عن منظومة "العلاقات" هذه، نسارع الى الوقوف، كرجل واحد، غاضبين على خرق الاتفاقات التي فرضناها عليهم وواثقين بعدالة طريقنا بفضل نظريتنا المقدسة، مع كل ابنائنا، جنودنا ومع افضل وسائل القتال الامريكية، "لمعاقبة" الاطفال المشاغبين، "لتلقينهم الدرس"، "لنريهم من هو هنا رب البيت"، "لنحطم لهم عظامهم"، "لنشرخ لهم مؤخرتهم" وكل التعبيرات هذه التي تحسن في تعريفنا أي شعب نحن وما هي علاقاتنا مع الشعب الفلسطيني.

الاجتياح عديم التوازن وغير المبرر الى سجن قطاع غزة المحاصر، يعلم الان القلة من الفلسطينيين واليهود الذين كانوا لا يزالون يؤمنون بحل ما من الحياة المشتركة، ان هذه الامكانية لفظت انفاسها. اسرائيل لا تؤمن بامكانية السلام انطلاقا من الشراكة بين الشعوب، لا تريد امكانية السلام انطلاقا من المساواة بين الاسرائيليين والفلسطينيين ولا يمكنها أن تتصور امكانية لا نكون نحن فيها الاسياد وهم العبيد، ولن تسمح بالتالي لاي بارقة تعايش، اتفاق، مساواة، شراكة، أن توجد ولو لدقيقة واحدة.

من الان فصاعدا لن يعود الحال نحن وهم. من الان فصاعدا هذا هو إما نحن أو هم. والقوي ينتصر. وبالفعل، كثيرون في اوساطنا يفرحون هذه الايام في ان هكذا سنكون، في أن عقيدتهم، القائلة انه من أجل وجود وخلاص شعب اسرائيل يجب طرد وضياع الفلسطينيين، نالت الان مجدا كهذا واصبحت الامكانية الوحيدة المتبقية لنا، والتي ستصبح ايضا، بسرعة في عصرنا، السياسة الرسمية وليس فقط العملية لاسرائيل.

غير أن تنفيذ هذه السياسة يفترض، أولا، وجود دولة من نوع جد معين، وثانيا - ليس مؤكدا فيها ان نكون فيها نحن بالذات في المدى البعيد، ذاك القوي الذي ينتصر ويطرد ويضيع الشعب الاخر . واذا ما عشنا – فسنرى.