انتهت بعد ظهر اليوم الأحد في مدينة جرش شمالي الأردن، مظاهر دفن الجثة رقم 21 من ضحايا حادثة البحر الميت تاركة واحدة من أغرب المفارقات الإنسانية والبيروقراطية، ثم عاصفة من الجدل السياسي والشعبي.
الجثة 21 تبين أنها لطالبة صغيرة ثبت أن اسمها هند العزة، فقط بعد فحص العامل الوراثي لها ولعائلتها.
قبل ذلك بقيت الجثة في ثلاجة الموتى خمسة أيام على الأقل تحت عنوان “لم يتعرف عليها أحد”.
عائلة العزة وفي تلك المفارقة دفنت ابنتها مرتين بعد إبلاغها بأنها وشقيقتها غرقتا في حادثة العاصفة المطرية الأخيرة.
وبدأ هذا الفصل المأساوي لعائلتين هما العزة وعائلة أبو سيدو عندما تبين أن الأولى استلمت مساء الجمعة الماضية جثتين ودفنتهما على أساس أنهما شقيقتان، ومع استمرار عائلة أبو سيدو في البحث عن ابنتها المفقودة، تبين أنها دُفنت مع زميلتها من عائلة العزة قبل عدة أيام.
حصل خطأ مثير جدا للقلق والانتقاد، بتسليم جثة وأعلن الطب الشرعي رسميا حصول هذا الخطأ، ودخلت العائلتان في حادثة نادرة وغير مسبوقة، لكنهما وتحت ضغط السلطات اتفقتا على دفن الجثة الأخيرة إلى جانب الجثتين وفي نفس المقبرة ومن خلال العائلتين.
يواجه الأردنيون مثل هذا الموقف لأول مرة.
بالنسبة لعائلة ابو سيدو اضطر الخطأ البيروقراطي القاتل إلى عدم استلام جثة ابنتها وعدم وداعها والقبول بفكرة أن عائلة أخرى دفنتها.
وبالنسبة لعائلة العزة اضطرت لدفن ابنتيها مرتين بما يتطلبه ذلك من حزن وألم.
لافت جداً في السياق أن مزاج الشارع تعامل مع هذا الخطأ والخلط في تسليم الجثة بشكل حاد جدا بسبب فداحة الخطأ وندرته، لأن الطب الشرعي لم يُجرِ أصلا فحوصات العامل الوراثي للجثث وسارع إلى تسليمها لأهلها.
برزت أخطاء كثيرة على هامش التعاطي الرسمي مع حادثة البحر الميت.
لكن قصة لغز الجثة 21 بقيت الأكثر إثارة لمشاعر القهر والإحباط، والأهم، الأكثر إنتاجا للقلق العام من أخطاء مؤسسات وانهيار المنظومة.