قاطع الاشجار تغلب عليهم- هآرتس
اذا قطعت شجرة زيتون ولم يُعتقل أحد فمن يهمه الامر
بقلم: عميره هاس
(المضمون: الصورة تتكرر: اسرائيليون يأتون من البؤرة الاستيطانية المجاورة، يرشقون الحجارة لجعل اصحاب الاراضي يهربون، ويقطعون الاشجار، الاضرار المالية كبيرة والاضرار النفسية لا تقدر والفلسطينيون يعرفون أن شكاواهم ستنتهي بدون شيء - المصدر).
يبدو أن الفيلم القصير في 4 تشرين الاول يظهر موسم قطف الزيتون. فهذا هو الموسم. شابان على الاقل احدهما قاصر يمسكان بشرشف كبير والقاصر يمسك بعصا ويضرب. إلا أن الضربات تكسر الاغصان. الاشجار التي في ارض احد سكان قرية بورين لا تعود للشابين، ولم يسمح لهما أحد بالمجيء وقطف الزيتون من الحقل الذي يقع غرب حاجز حوارة. كذلك لا يمكن أن يكون خطأ في تشخيصهما: القبعات المنسوجة البيضاء، السوالف والاهداب التي تتدلى من قمصانهم تصرخ وتبين هويتهما.
ن. الذي هو أحد سكان بورين استدعي كي يوقف بكاميرته ما يحدث. لقد نجح في الوصول بعد نحو عشرين دقيقة. اتصل بشرطة اسرائيل، والى أن وصلت الشرطة بعد نحو ربع ساعة الى عشرين دقيقة، حسب تقديره، استطاع أن يصور الشبان وهم يضربون اغصان ثلاثة اشجار. عندما شاهدوا سيارة الشرطة تركوا العمل وهربوا. ثلاثة اكياس مليئة بالزيتون وجدها رجال الشرطة بعد ذلك وراءهم في احد البيوت المهجورة في الحقل. أحد البيوت يعود لصاحب الحقل، البيت الثاني لعائلة من نابلس التي قام اسرائيليون بطردهم منه ورموا خارجا كل الاثاث والاغراض في بداية الانتفاضة الثانية، قال ن. ومنذ ذلك الحين لم ترجع العائلة للسكن هناك.
البيتان وحولهما مئات الدونمات من الاراضي الخاصة يوجدان في منطقة خطرة، ودخول الفلسطينيين اليها يحتاج الى تنسيق مع الجيش، وهو مسموح فقط لمرتين أو ثلاث مرات في السنة. لماذا خطير؟ لأنه يوجد فيه نبع باسم المحنيه، الذي خدم حقول بورين على مدى سنوات والاسرائيليون حولوه الى مكان استجمام ونبع للتطهر. ولأنه في أعلى الجبل الذي تقع فيه مستوطنة هار براخا يوجد ايضا بؤرة استيطانية باسم جفعات رونين. ومن أجل أن لا يكون احتكاك تحظر السلطات على اصحاب الارض الشرعيين الوصول الى الاراضي.
رجال الشرطة الذين استدعوا عثروا على الشبان ذوي السوالف الذين اختبأوا تحت شجرة كبيرة. ن. رآهم وهم ينقلون في سيارات الشرطة. بعد ذلك جاء صاحب الحقل واكتشف أن اشجار اخرى له ضربت بصورة مشابهة، كما يبدو قبل يومين أو ثلاثة، وأن جزء كبير من ثمارها اختفى. المتحدثة باسم منطقة يهودا والسامرة (شاي) قالت إنه: "بفضل العمل الجاد لشرطة اسرائيل اعتقل للتحقيق ثلاثة متهمين قاصرين بتهمة سرقة زراعية ومخالفات لدوافع عنصرية. التحقيق ما زال جاريا ومع انتهائه سيتم نقل الملف للتدقيق واتخاذ قرار بشأنه من قبل النيابة العامة".
ن. الذي استدعى الشرطة تم استدعاءه لتقديم شهادته في شرطة اريئيل. "ليس في داخلها، بل خارج البوابة الشرقية للمستوطنة"، قال. "الشرطي سجل شهادتي على سيارته". ن. لا يتذكر عدد المرات التي شهد فيها في شرطة اسرائيل بشأن اعمال مهاجمة مشابهة في قريته والتي لم تنتج عنها لوائح اتهام أو ادانات تردع الآخرين.
حسب بيانات الامم المتحدة والمعلومات التي قدمها ن. فان سرقة ثمار الزيتون هي واحدة من بين 48 عملية تخريب ومهاجمة نفذها اسرائيليون فقط ضد سكان بورين في السنوات الثلاثة الاخيرة، 6 في 2016، و18 في 2017، و24 فقط هذا العام. الهجمات متنوعة: اقتحام اسرائيليين للقرية بمرافقة الجنود الذين يدافعون عنهم ورشق حجارة على الناس وعلى بيوتهم، احراق حقول وكروم، رشق حجارة على الرعاة، سرقة ثمار الزيتوت، قطع اشجار زيتون أو تكسير الاشجار، مهاجمة مزارعين اثناء عملهم، هكذا حدث على سبيل المثال يوم السبت في 20 تشرين الاول. المزارعون مسموح لهم الوصول الى اراضيهم قرب يتسهار فقط لقطف الزيتون وحراثة الارض، وذلك بتنسيق مسبق مع الجيش الاسرائيلي. حقل أحدهم، قال ن، يوجد في الوادي. عندما جاء كان هناك جيب عسكري. أمام أعين الجنود في الجيب نزل عدد من الاسرائيليين من احدى البؤر الاستيطانية في يتسهار ورشقوه بالحجارة. ولكن شخص ما استدعى شرطة حرس الحدود وقدومهم هو الذي جعل الاسرائيليين يهربون. بسبب الازعاج حصل المزارع على ترتيب خاص كي يعمل يوم آخر في ارضه – يوم ثالث.
قبل اسبوع في 13 تشرين الاول انضم ن. لموسم قطف الزيتون في بورين وحوارة جنوب جفعات رونين. ومرة اخرى نفس الصورة، اسرائيليون نزلوا من البؤرة الاستيطانية ورشقوا الحجارة، وقاطفو الزيتون الفلسطينيين هربوا. بعد ذلك تقدم اسرائيلي من الشراشف التي جمع عليها الزيتون ونثر الثمار بين الاشواك وأخذ الشراشف. "كل ذلك موثق"، اضاف ن.
من العام 2016 وحتى الآن هاجموا الاسرائيليون 16 مرة القرية المجاورة عوريف، و35 مرة قرية حوارة. حسب بيانات الامم المتحدة من بين مجمل 99 هجوم وثقت في القرى الثلاثة المجاورة، 13 منها كان اشعال النار، على الاقل 1700 ومحصولها في القرى الثلاثة تضررت في هذه السنين الثلاثة. مادما وعصيرة القبلية وعينبوس ايضا هي ضمن قائمة القرى المهاجمة والتي توجد في نفس دائرة الـ 25 كم. هذا فقط 0.5 في المئة من اراضي الضفة الغربية. اشار تقرير لـ "يوجد حكم" من شهر آب. والذي يركز على موجة العنف هذه. "اسم التقرير دراسة حالة: يتسهار. عنف مستوطنين كوسيلة للسيطرة على اراضي فلسطينية تحت رعاية الدولة والجيش".
هجمات وقطع اشجار في تشرين الاول
بين الاعوام 2008 – 2018 وثقت "يوجد حكم" 275 هجوم ضد الست قرى هذه، التي نفذها حسب الاتهام مواطنون اسرائيليون. هذه ليست كل الهجمات، بل فقط الهجمات التي وثقتها المنظمة نفسها. في 167 من الهجمات الموثقة، المهاجمون الفلسطينيون قدموا شكاوى في الشرطة. وهذا صحيح حتى أيار 2018، فقد استكمل التحقيق في 152 شكوى: 5 منها (3 في المئة) انتهت بتقديم لائحة اتهام، 117 (77 في المئة) اغلقت الملفات بذريعة مجرم مجهول، 22 (14 في المئة) اغلقت بسبب نقص البينات الكافية. هذه معطيات تشبه نتائج التحقيقات في الجرائم القومية المتطرفة ضد فلسطينيين في كل الضفة الغربية. فقط هذا الشهر وثقت "بتسيلم" و"يوجد حكم" 12 هجمة على قاطفي الزيتون وتكسير للاشجار في وسط الضفة الغربية.
كل البساتين التي هوجمت معروفة للجيش والشرطة على اعتبار انها موجودة في مناطق مستهدفة لاعمال مهاجمة اسرائيلية، التي سبق وأن هوجمت في السابق. بشكل عام وصول الفلسطينيين اليها محدود منذ بداية الانتفاضة الثانية، احيانا مرتين – ثلاث مرات في السنة. بشكل عام يدور الحديث عن عشرات الاشجار التي تضررت في كل مرة، أي كان مطلوب عدة اشخاص من اجل تنفيذ عملية التخريب. عندما تكون اشجار صغيرة، فان قطعها كان كافيا. الاشجار الكبيرة أكثر كانت تحتاج الى منشار كهربائي، أي ان الحديث يدور عن تخطيط مسبق، وحتى لو كان هناك منشارين فان القطع يأخذ وقت طويل ويحدث ضجة كبيرة. أي أن المخربين في الحقول والكروم يشعرون بثقة كبيرة بأنهم لن يعاقبوا حتى لو تم القاء القبض عليهم. المناطق مليئة بكاميرات المراقبة للجيش. احيانا التخريب (في الاساس اشعال النار ومهاجمة قاطفي الزيتون) تتم بوجود الجنود.
الضرر المادي كبير، الضرر النفسي لا يمكن قياسه. محمد عواد من سكان قرية ترمس عيا (80 سنة)، الزراعة هي اساس مصدر رزقه وهو يعتبر أحد المزارعين الكبار في المنطقة. وهو تحدث للباحث اياد حداد من بتسيلم عن الصدمة عندما جاء 7 من الشهر الحالي الى ارضه، في اطار التنسيق مع الجيش. لقد اكتشف عشرات اشجار الزيتون التي تم تخريبها، اغصانها مقطوعة من نقطة تفرعها عن الجذع. "اعتقدت أنني أهذي"، قال. هذه اشجار بلدية محسنة، غرسها قبل اربعين سنة. ضابط التنسيق والارتباط وشرطي وجندي جاءوا الى المكان، لكن عواد قال بصورة قاطعة لحداد: "ليست لدي رغبة في اضاعة الوقت في تقديم شكوى لا تستحق، ونتائجها معروفة مسبقا". هكذا، احد الامور البارزة الاخرى في الشهادات على هجمات كهذه وغيرها في السنوات الاخيرة التي لاحظها الباحثون في بتسيلم وفي يوجد حكم: انخفاض واضح في نسبة الفلسطينيين المتضررين من هجمات المواطنين الاسرائيليين الذين يقدمون شكاوى في شرطة اسرائيل.
أبو عطا من قرية عورتا قدم شكوى على سرقة زيتونه في تشرين الاول 2017. احتمالات أن يتم التحقيق في الشكوى والوصول الى تطبيق القانون، كاشارة لآخرين، كانت عالية: لأنه كان هو نفسه ضابط في لجنة الارتباط والتنسيق الاسرائيلية، لا اكثر ولا أقل، والذي ألقى القبض على مواطن اسرائيلي متلبسا وهو يسرق الزيتون من الارض التي تقع قرب مدخل مستوطنة ايتمار. ايضا القى القبض في حالة تلبس ووثقه وبحث عن صاحب القطعة لابلاغه وتوجيهه عن كيفية تقديم شكوى.
طاقم يوجد حكم والمحامي ميخائيل سفارد طلبوا متابعة التقدم في الملف، ولكن خلال نصف سنة لم يحصلوا على أي اخبار جديدة. كم كانوا متفاجئين عندما قيل لهم في شهر آب بأنه اتخذ قرار باغلاق الملف بدون استدعاء المتهم. سفارد كتب للمحامي النقيب غيل ديشه، ضابط الارتباط والتنسيق في السامرة، وطلب معرفة سبب ذلك. وايضا طلب السماح لممثلة يوجد حكم بتصوير ملف التحقيق. في نهاية شهر ايلول اجاب ديشه أن الملف اغلق بسبب عدم وجود مصلحة للجمهور، لذلك هو ايضا لا يسمح بتصوير الملف. سفارد قدم التماس بشأن اغلاق الملف "بسبب عدم وجود مصلحة للجمهور".
"القصة لا تختلف عن مئات القصص الاخرى لاغلاق ملفات بدون وجود متهمين، بدون لائحة اتهام وحتى بدون تحقيق جدي"، قال سفارد لصحيفة "هآرتس". "الامر الجديد هذه المرة هو أنني احصل على مصادقة رسمية من جهاز انفاذ القانون عما عرفناه منذ زمن: أن الاضرار بالمزارع الفلسطيني لا يعنيهم. يوجد لدينا هنا شرطي عرف روح الفترة وروح القائد، والذي حتى نسي وضع قناع، وببساطة قال الحقيقة. الملف حفظ لأنه لا يوجد اهتمام عام".
من المتحدثة باسم قسم شرطة يهودا والسامرة (شاي) جاء أن طلب تصوير مواد التحقيق لم ينقل لسلطات النيابة، "عندما يكون المشتكي معني بذلك فعليه تقديم طلب منظم كما هو دارج". المتحدثة لم تتطرق لمسألة حفظ الملف بسبب "عدم الاهتمام العام" وفقط قالت إنه في اعقاب الالتماس "النيابة تفحص ملف التحقيق والبينات الموجودة". صباح أمس ابلغوا مكتب المحامي سفارد أنه يمكن الحضور وتصوير الملف.
كما جاء من المتحدثة باسم مركز شاي في الشرطة بأنه في الشهر الاخير تم قطف الزيتون في اراضي الضفة، ولذلك فان "قوات الامن مستعدة في المنطقة لمنع احداث الاحتكاك بين المجموعات السكانية المختلفة، وبهذا تمكين السكان الفلسطينيين من قطف الزيتون في اراضيهم".
بعد ذلك جاء أن "شرطة اسرائيل تنظر بخطورة الى كل عمل عنيف أو زعرنة مهما كانت، ووفقا لذلك عندما تتلقى الشرطة شكوى تتم معالجتها والتحقيق فيها بصورة جذرية وبمهنية من اجل الوصول الى الحقيقة، وهذا ليس له علاقة بأصل أو هوية الضحية أو مخالف القانون أو مكان تنفيذ المخالفة. المعطيات التي تم عرضها ليست معروفة للشرطة. وليس واضحا تماما ما هي درجة موثوقيتها. (بخصوص اغلاق معظم الملفات – الكاتبة). الامر الواضح هو انه في السنوات الاخيرة تعمل الشرطة على اعتقال وتقديم للمحاكمة الكثير من المشبوهين الذين تسببوا بضرر للممتلكات وسرقوا ممتلكات الفلسطينيين. هكذا ورغم النسبة المنخفضة نسبيا للشكاوى على التسبب بضرر للممتلكات الزراعية، الشرطة هي التي في الغالب تعمل بمبادرتها، تفتح تحقيق وتنفذ عملية تطبيق للقانون هي والجيش الاسرائيلي وقوات الامن. شرطة اسرائيل ستواصل العمل بتصميم، بصورة علنية وسرية، مع باقي قوات الامن في المنطقة وفي بؤر الاحتكاك المختلفة لمنع احداث كهذه، وتطبيق القانون والتحقيق وتقديم المتورطين للمحاكمة".