خبر كتب أيمن خالد .. ما قبل غـزّة ..ما بعد غـزّة..؟

الساعة 10:05 ص|10 يناير 2009

سوف تصبح غزة بمثابة تقويم( روزنامة) يتم عد الأيام السياسية بعدها، فما بعد غزة، سيكون مختلفا عما قبلها، والعالم بحراكه السياسي، لا يستطيع أن يمر بعيداً عن هذا التقويم الجديد، الذي سيعيد بكل تأكيد، إعادة رسم الخطوط السياسية في المنطقة، بحيث ستكون المقاومة طرفا فاعلاً فيه، تعززها حقائق عدة، باتت ثابتة على الأرض، أن هذه الكيان المجرم لا مجال لأن يكون جزءا من المنطقة، ولا مجال لغير ذلك.

تماماً كما هو 11ايلول كان الروزنامة الأمريكية الجديدة التي أعادت تصنيف العالم على أساسها، فإن غزّة ستعيد تصنيف هذا العالم ولكن بشكل مختلف، وهو أنها ستجعله في صورة أكثر وضوحا، فهي صورة الحق والعدل، التي ستعني اصطفاف العالم الحر إلى جانب جرح غزة وكل المستضعفين، خلاف 11ايلول الذي كان وسيلة التعبير الشره عن الظلم وقواه.

وإذا كانت أمريكا استخدمت عصا الأمم المتحدة، وقامت بتجييرها وتجيير قواها بغاية تحقيق أهدافها الاستعمارية، فان عصر الأمم المتحدة بعد غزة، سيكون مختلفا عما قبل غزة، لأن هذه المنظمة، لم تعد مقنعة للرأي العام، ولم تعد سوى مؤسسة تحمل ملفات الدول العظمى، وتعمل على خدمة مشاريعها الاستعمارية، وبالتالي أمام حالة الصعود لقوى إقليمية جديدة مثل تركيا وإيران، فالعالم سيتجه من جديد إلى سياسة المحاور، لأنه لا شيء يطمئن هذه الدول من قبل الأمم المتحدة، التي باتت واضحة العيان أنها لا تخدم الأمم والبشر أبدا بمقدار ما تخدم المستعمرين وسياساتهم.

إن أبرز إفرازات الحرب على المستوى الإقليمي هي شعور العديد من الدول بالخطر الصهيوني ومساسه بأمنها القومي، ولو بشكل غير مباشر، فبعض الدول التي ترغب بالاستقرار، والتنمية مثل تركيا، باتت تدرك أن الكيان الصهيوني يعيش عمليا على نقيض هذه الفكرة، وسينتقل بالمنطقة من حرب إلى حرب، وهو ما لا تستطيع استيعابه، ناهيك عن بعض الدول العربية، التي اكتشفت أن وظيفتها انتهت، وأن التغيير الصهيوني قادم عليها، فالوعود الأمريكية وغيرها لم تعد مطمئنة للعديد من العائلات المالكة، التي تدرك اليوم، أنها كانت وقود مرحلة مضت، قمعت به شعوبها لصالح هذا الكيان، لكن عين الكيان على هذه العروش.

على المستوى السياسي أيضا فان فكرة التسوية انتهت، وأصبح من المخجل الحديث فيها عبر وسائل الإعلام، ناهيك أن حالة الإحباط في الشارع العربي، ستدفع بالغضب الفردي إلى أعلى مستوياته، ما يعني أننا أمام رد فعل شعبي لن يكون مسبوقا من قبل.

لكن الأهم من ذلك كله، أن ما بعد غزة، هي روزنامة المقاومة التي بدأت بعد أيامها من جديد، لكنها هذه المرة تحمل راية إسلامية، ومن خلال بعدها الإسلامي ستعيد إحياء الحضور الإسلامي، في هذه القضية، ما يعني تلاشي دور الأمم المتحدة، وتشكيل محور إسلامي جديد تفرضه ضرورات المرحلة وليس باختيار أصحابه، فالخطر الصهيوني، لم يعد بمقدور احد أن لا يراه.