حيوية وتحديات في انتخابات الجهاد الإسلامي بقلم عامر خليل

الساعة 01:58 م|01 أكتوبر 2018

فلسطين اليوم

حيوية وتحديات في انتخابات الجهاد الإسلامي

عامر خليل

رغم الانتقادات والتشكيك الذي كتبه البعض مواكبة مع العملية الانتخابية يوم الخميس الماضي لاختيار أعضاء المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي فإنها تشي بحيوية هذه الحركة وقدرتها على مواءمة نفسها مع الاتساع الأفقي والعامودي في بنيتها التنظيمية وتجاوز مرحلة مهمة في تاريخها نحو انطلاقة متجددة بضخ شخصيات من الرعيل الثاني الذي نهل من الرعيل الاول، وهي تفتح الباب أمام تغييرات وتطورات في مسار الحركة وقدرتها على مواجهة التحديات الماثلة أمام الشعب الفلسطيني.

بالتأكيد فإن العملية الانتخابية ليست بمنتهى الكمال لكنها خطوة من سلسلة خطوات قادمة تقوي بنية الجهاد الإسلامي وتصلبه في قادم الأيام وصولا إلى انجاز مشروعها الجهادي المقاوم وإن تبدى لذلك البعض المتشكك مستحيلا، فأرواح الشهداء وآلاف الأسرى والجرحى وعلى رأسهم الدكتور المعلم فتحي الشقاقي ترفرف وتحفظ وتؤكد حتمية انتصار هذا المشروع الذي يمتلك الدين والتاريخ والجغرافيا مقابل الأساطير والتزييف والإرهاب المتمثل في الكيان الإسرائيلي وحلفائه.

لا شك ان حركة الجهاد الاسلامي تقف اليوم مع قيادة أمينها العام الثالث الاستاذ ابوطارق النخالة امام تحديات كبيرة في ظل المعطيات التي يمر بها المشهد الفلسطيني واستفراد الاحتلال بالشعب الفلسطيني وأرضه في ظل صمت عربي ودولي والمحاولات المبذولة لفرض الاستسلام على غزة كي ترفع الراية البيضاء وتتخلى عن المقاومة، ومن هنا فإن المهام الملقاة على عاتق القيادة توجب بلورة سياسات ومواقف أكثر فعالية لتجاوز حالة المراوحة في المكان في المشهد الفلسطيني والتصدي للتغول الاسرائيلي في كل مكان واذا كانت غزة تتمتع بادوات القوة القادرة على التصدي لمحاولات عزلها فإن ساحة الضفة والقدس تعيش حالة غير مسبوقة من التهويد والاستيطان وحصار أي شكل مقاوم بملاحقة متواصلة ومستمرة لكوادر الجهاد الاسلامي والعمل على احباط أي جهد مقاوم ما يتطلب وضع رؤية لتجاوز القيود الأمنية وتغيير الحالة المريحة التي يعيشها الاحتلال في الضفة والقدس المحتلة فيما يسمى احتلال «ديلوكس».

في غزة فإن حركة الجهاد الإسلامي تقف امام تحدي الانقسام وانسداد افق المصالحة والحصار المشدد عليها وفرض مزيد من عقوبات السلطة عليها وفي ظل الاوضاع الحياتية المعقدة الناتجة عن ذلك فإن المهام تبدو ثقيلة ومع ان الجهاد حافظت على مسافة من السلطة فواجبها ان تستمر في جهدها لإنهاء الانقسام والعمل على رأب الصدع والتقدم برؤية أكثر وضوحا للخروج من المأزق الداخلي رغم التعقيدات الناجمة عن مواقف السلطة الاخيرة فذلك لا يعني اليأس من المصالحة فمواصلة البحث عن صيغ جديدة يفرضها كل ما نجم عن الانقسام وسبب في تراجع الاهتمام بالقضية الفلسطينية فالوحدة عنوان الانتصار ومواجهة الاحتلال وتغيير الواقع الحياتي البائس في غزة ومن البديهي ان حركة الجهاد الإسلامي لا تتحمل أي مسئولية عن ذلك لكنها تعيش بين الناس وتتألم وتعاني معهم جراء تلك الأوضاع وواجبها الأخلاقي يفرض عليها ان تبذل ما أمكنها من جهد للتخفيف من معاناة الناس سواء على صعيد رأب الصدع وتقديم ما تستطيع من مساعدات الاسناد لهم.

تقف حركة الجهاد الاسلامي أمام تحد مهم على صعيد البناء الداخلي بتمتين بنيتها التنظيمية وتأصيل رؤيتها الفكرية للصراع مع الاحتلال بنفي كل المواقف التي تحاول ترسيخ مفاهيم اخرى من التهادن مع الاحتلال او التنازل عن فلسطين باعتبارها وقفاً إسلامياً يحرم التفريط فيه ففلسطين من البحر الى النهر ارض العرب والمسلمين وقضيتهم المركزية وبها اولى القبليتن ومنها اعرج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم الى السماء والصراع مع الاحتلال وهو الاصل في العلاقة معه، وبفهم القرآن والتاريخ فإن زوال اسرائيل حتمية قرآنية « فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا «ولا يمكن لمرحلة عابرة في التاريخ مهما اشتد واقع الانحطاط فيها ان يغير هذه الحقائق لتكون حركة الجهاد الاسلامي الطليعة التي تحمل الراية وتعض عليها أمام محاولات حرف البوصلة والدخول في اتفاقات تحمل غير هذا المعنى.

تبقى حركة الجهاد الاسلامي مع التجديد الحاصل في قيادتها بعد استشهاد امينها ومؤسسها المعلم فتحي الشقاقي ونقل الامانة العامة من د.رمضان شلح شفاه الله الى الاستاذ زياد النخالة والتاريخ النضالي لهؤلاء القادة ودورهم في نشر مفاهيم الوعي والمعرفة بحقائق الصراع رأس حربة المشروع الوطني الفلسطيني حاملة لواء الحفاظ على ثوابته ومنع حرفه في اتجاهات غير العدو وتجربتها الغنية على امتداد العقود الماضية في تنوع أشكال النضال وابتكار الجديد يشهد بقدرتها على  الاستمرار على نفس النهج والرؤية لمشروعها الفكري المقاوم والاستمرار في البناء على ثوابت هذا المشروع تحت عناوين الإسلام – الجهاد- فلسطين.

كلمات دلالية