رصاصة اخترقت جسد الطفل "مصبح" الحافظ لكتاب الله وحرمته من تحقيق حلمه

الساعة 01:28 م|30 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

بحزن عميق والدموع، تلقي أم الطفل ناصر مصبح، نظرة الوداع على ابنها البالغ من العمر 12 عاماً، الذي استشهد برصاص قناص إسرائيلي، يوم الجمعة، في غزة، دون أن تقوى على الوقوف على قدميها، وتنثر الورود على جثمان طفلها قبل لحظات من تشييعه إلى مثواه الأخير.

وأوردت قناة الجزيرة قصة وداع الأم لفلذة كبدها، وقالت في تقرير إن ” الأم تتلمس كانت ملابس صغيرها وتتفحص تفاصيل جسده وتطيل النظر في وجهه فتهز رأسها يمنة ويسرة، ثم تضع يديها على جسد فلذة كبدها وتنطق كلمات موجعات “قتلوك يما قتلوك، مين بدو يكمل الحلم يما، قلت لي بدك تصير دكتور”.

ويتابع التقرير: “تواصل الأم الغارقة في الحزن حديثها مع شهيدها الصغير غير عابئة بنداءات والده للاستعجال بنقله من منزله للصلاة عليه ومواراة جثمانه الثرى”.

تقول الأم وهي تبكي بحرقة: “حفظت القرآن كامل وقلت بدك تروح الجنة، روح يما عالجنة، حسبي الله ونعم الوكيل في القتلة المجرمين”.

بعدها بدقائق، حمل المشيعون جثمان الشهيد من داخل منزل عائلته، وخرجوا به إلى المسجد الكبير في بلدة عبسان بخان يونس جنوبي القطاع، بينما تتابعه الأم وأبناءها من شرفة المنزل حتى توارى المشيعون وهم يكبرون وينادون بالانتقام للشهيد.

تقلب الأم المكلومة بلوعة مقتنيا ابنها الشهيد، ككتبه وألعابه وكراساته التي زينها ببعض كلماته، وتكاد شقيقته دعاء لا تصدق أنها لن تراه مجددا، بعد أن كان يرافقها في كل جمعة إلى الحدود لتعمل مسعفة متطوعة منذ بدأت مسيرات العودة قبل ستة أشهر.

 تشاهد دعاء بحزن تسجيلا مصورا قصيرا لشقيقها وهو يبدع خلال مشاركته في مسابقة للخطابة حيث يرتدي الجلابية، والعمامة تزين رأسه لتستذكر لحظاتها الأخيرة معه.

ويضيف: “لم تغادر وجهه ابتسامته بينما كان يحمل قنينة محلول ملحي لمساعدة الجرحى، قبل أن يختفي من أمامها وسط جموع المتظاهرين في مسيرة العودة على حدود خان يونس الشرقية مع الاحتلال كما تروي”.

وتروي شقيقته قصة استشهاد ناصر، قائلة إنها لم تكن تأبه كثيرا خصوصا أنه بعيد إلى حد ما عن الحدود ولا يشكل خطراً على جنود الاحتلال المتحصنين بالأبراج العسكرية وخلف السواتر الترابية، وتضيف: “لكنهم أرادوا قنصه بطريقة مميتة دون ذنب اقترفه ليضيفوا إلى جرائهم عملية قتل متكاملة”.

وذكرت الجزيرة أن أصدقاء الشهيد ورفاقه كانوا يجلسون على الأرض وهم يبكون بشكل متواصل ولا يريدون تخيل أن صديقهم أصبح شهيدا، فمن سيعلم إبراهيم القرآن الكريم؟ ومن سيشارك أحمد لعبة الكاراتيه؟ ومع من سيذهب نائل في عطلة نهاية الأسبوع لتناول البوظة؟

بيد أن الطفل بلال أبو إسماعيل كان الأقرب إلى الشهيد والأكثر تأثرا بفقدانه بين رفاقه، حيث كان يضع رأسه بين قدميه وهو جالس على الأرض وتختلط كلماته بأنين صوته الحزين، وقلبه يغلي كالمرجل قهرا وغضبا. متسائلاً: “ليش قتلوه ليش، ما عمل إلهم شي”، ويتابع وهو يلتقط أنفاسه بصعوبة: “هرب مرات كثيرة من القناصة وكان بيقول لا يمكن يطخوني، لكن الجنود ملاعين طخوه، وممكن يطخوني أنا لو رحت كمان مرة على الحدود”.

 

كلمات دلالية