لماذا نشر ثقافة الحب وبُغض ثقافة الكراهية؟

الساعة 08:57 ص|26 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

بقلم: د. يوسف عبد الله

الحب أساس كل خير ، الحب طاقة متجددة ومعين لا ينضب، الحب عطاء متواصل متدفق لا يعرف الشح ولا الحسد، الحب اتصال قلب مؤمن خاشع يحب الله خالق الحب، قلبٍ رحيمٍ يرحم من حوله من خلق الله وعياله ، بلا غلو ولا استكبار ولا تعال.

  الحب  بذل وعطاء وتضحية وتسامح وعفو وإحسان، بذلك يكون المحب غافراوالمحب شفيع والمحب مضح، والمحب عاف، والمحب معط، والمحب باذل.

الحب يُطهّر النّفوس ويزكّيها ويسمو بها ؛ كي تحلق في فضاء الحب فتشع بالحب   تألقاً ونقاءً وضياءً، الحب وحده القادر على إسقاط الآثام والأحقاد ، الحب وحده القادر على محو البغضاء والشحناء والكره.

بالحب نهزم البغض، بالحب نهزم الحقد، بالحب نهزم الفُرقة بالحب تتوحد الأوطان، بالحب يُعمَر الكون، بالحب يسود الأمن في المجتمعات، بالحب يسود العدل، بالحب تُحفظ المجتمعات من الخطايا والفواحش، بالحب نواجه كل مشكلاتنا الاقتصادية والاجتماعية، بالحب يعلو الإحساس بالمسؤولية العامة، بالحب يقهر الطغاة والظلام والمستبدون، بالحب تُعاش السعادة.

الحب يصنع المعجزات، الحب يحيل قلوب القساة إلى قلوب عاشقة رقيقة، الحب يقتلع الكراهية.

هكذا هو الحب محرك الخير والإنتاج والبركة والتفاعل مع قضايا الأمة والمجتمع ، الحب طاقة متجددة فاعلة تبني ولا تهدم، توحد ولا تفرق، تعطي ولا تأخذ، تحب ولا تكره.

لقد اطلع الله تعالى على قلب حبيبه وصفيه وأمين وحيه محمد -صلى الله عليه وآله وسلم - فوجده قلباً يتسع لحب كل البشر ؛ فاختاره الله لهدايتهم والأخذ بأيديهم إلى النجاة (رحمة للعالمين).

تأمل أخي المحب من قول رسول الحب محمد -صل الله عليه وآله وسلم -:(لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه )، يقول شراح الحديث : إن المطلق على إطلاقه وأخيه هنا تعني أخوة الإنسانية، إنه الحب بمعناه الأشمل والأوسع حب البشر جميعاً كونهم أخوة في الإنسانية.

 ومن علامة الإيمان أن تحب للآخرين ما تحب لنفسك ، وأن تكره لهم ما تكره لنفسك ، المعنى يشير صراحة إلى أن تضع نفسك مكان الآخر ما ترضاه لنفسك ترضاه لأخيك، بمعنى أن تعامل الناس كما تحب منهم أن يعاملوك ، وأن  تكون إنساناً في كل تصرفاتك ومعاملاتك .

تُرى أتكون محباً عندما تستأثر بكل شيء وتعطي الآخرين الفتات؟

 تُرى أتكون محباً عندما لا تتصدق بما تحب؟

أتكون محباً حين تقدم طعاماً لا تأكله؟!

إنه درس بليغ في الحب، يحقق الحب صلابة المجتمعات والعلاقات الأسرية؛ فيقضي الحب على الفقر والتفاوت الطبقي  فبهذا الحب تواجه الأمم والشعوب والأفراد آفة المجتمعات ألا وهي الظلم والتفرقة والعدوان.

الحب يحقق الوحدة والتكامل الداخلي عندما يتحابب الناس فيما بينهم ،وعندما تتولد لديهم مشاعر الحب تتعافى المجتمعات وتتلاشى الآفات.

في رواية عن نبي الحب -صلى الله عليه وآله وسلم -  : من أحب لله ، وأبغض لله ، وأعطى لله ، ووصل لله، وقطع لله ، ورضي لله ، فقد استكمل الإيمان ).

وروى -صلى الله عليه وآله وسلم- في حديث قدسي عن الله -عز وجل- : ( دعوني وعبادي إن تابوا إلي فأنا حبيبهم ، وإن لم يتوبوا فأنا طبيبهم).

هذا الحب الأعظم في معناه وعمقه ورحمته، هذه هي الرحمة الأوسع في شموليتها ،هذا الحنان يفيض تحناناً ورحمة من الله عز وجل على عباده.

روي عن رسول الحب والرحمة -صلى الله عليه وآله وسلم - أنه قال لأصحابه : والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا ، ولا تؤمنوا حتى تحابوا ).

إنها جدلية الايمان والحب والثمن الجنة بكل ما فيها من نعيم مقيم.

أرأيتم كيف يسمو الحب بالنفس لتعيش في فضاء السعادة والجمال والرحمة، انظر كيف مان نبي الحب يفيض حباً على أصحابه ،كيف يعلمهم الحب، عن معاذ بن جبل - رضي الله عنه-  أن رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - أخذ بيده يوماً ثم قال: "يا معاذ والله إني لأحبك ".

وعنه -صلى الله عليه وآله وسلم- قال: ( إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه )

وعن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً كان عند النبي - صلى الله عليه وآله وسلم -فمر به رجل فقال: يا رسول الله إني أحب هذا فقال له نبي الحب - صلى الله عليه وآله وسلم-: (أأعلمته) فقال :لا فقال (أعلمه ) .

يا الله كم هي روعة إسلامنا ، يا الله كم هو إنساني كم هو رحمة ، هو بلا شك دين الحب والرحمة والجمال، دين الألفة والتراحم.

الحب في الله من علامات صدق الإيمان ومن علامات القبول عند الله -عز وجل -وأساس العلاقات البشرية  سواء الشخصية (الفردية) أو الاجتماعية كالأسرة والمجتمع أو الدولة.

قال - صلى الله عليه وآله وسلم -:( أوثق عرى الإيمان الحب في الله ، والبغض في الله )، إنها منظومة روحية وأخلاقية وقانونية كاملة تقوم على الحب والتآخي والرحمة والتسامح لا على الكراهية والبغض والحسد والجشع والطمع والظلم، منظومة أرست الحب كعبادة وسلوك ومعاملة وجعلت منه سبيلاً لرضوان الله -تعالى - ورحمته والفوز بجنته.

عن أبي هريرة -رضي الله عنه - قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم - : إن الله تعالى يقول يوم القيامة ، أين المتحابون بجلالي ، اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي)

ومن السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله ( رجلان تحابا في الله ) .

انشروا ثقافة الحب واجعلوها عبادة نتقرب بها إلى الله..

واهزموا الغل والكبر بالتواضع والحب..

كلمات دلالية