هل تطال الإجراءات الأمريكية الجهاز المصرفي الفلسطيني ؟

الساعة 08:18 ص|23 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

مع تدحرج الاجراءات الأمريكية ضد منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية، تزداد المخاوف من أن تمس تلك الإجراءات القطاع المصرفي الفلسطيني في حال أعادت الولايات المتحدة تصنيف المنظمة على أنها "إرهابية"، وهو ما سيربك الجهاز المصرفي الفلسطيني في كيفية التعامل مع حسابات المنظمة لتفادي أية عقوبات امريكية في حال تم خرق حظر التعامل مع "المنظمات الارهابية"؟ حسب التصنيف الامريكي.

المحللون السياسيون لا يستبعدون إقدام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على اتخاذ مثل هذه الخطوة باعادة وصف منظمة التحرير على انها "ارهابية" ، في ظل احتدام حدة المواجهة الفلسطينية مع "اسرائيل" والولايات المتحدة على ضوء رفض الفلسطينيين للتوجهات الامريكية غير الملبية للحقوق الفلسطينية لحل الصراع الفلسطيني "الاسرائيلي"، وعلى ضوء التحرك الفلسطيني نحو محكمة الجنايات الدولية، وما قد يترتب على ذلك من عقوبات اقتصادية وسياسية ضد من يتعامل مع "منظمة ارهابية" وفق القوانين والانظمة واللوائح الامريكية.

هذه المخاوف تجد صداها لدى خبراء الاقتصاد، حول كيفية تعامل الجهاز المصرفي الفلسطيني مع حسابات المنظمة في حال أعادت الولايات المتحدة وصف المنظمة بانها "ارهابية"، بالمقابل ما زال الخبراء يستبعدون في هذه المرحلة أن تمس الاجراءات الامريكية الجهاز المصرفي الفلسطيني باعتبار ان ذلك يعني انهيارا شاملا للاقتصاد الفلسطيني.

وقال محافظة سلطة النقد، عزام الشوا، في حديث مع "القدس": إن الاجراءات الامريكية ضد السلطة الفلسطينية لم تؤثر بعد على القطاع المصرفي الفلسطيني، مضيفا: "قد يكون هناك تأثيرات في المستقبل وهذا يدفعنا للنظر في القوانين والانظمة الامريكية لمعرفة كيفية التعامل معها حتى نحمي قطاعنا المصرفي، وكي نطمئن جمهورنا بان القطاع المصرفي محمي في ظل ظروف سياسية صعبة".

وأوضح الشوا، بأنه حتى الآن لا توجد تأثيرات بشكل مباشر على القطاع المصرفي الفلسطيني بالرغم من السجال السياسي الصعب جدا مع الولايات المتحدة الامريكية، وبالرغم من ذلك فإننا نبحث عن زاوية اخرى لتعزيز المصداقية المصرفية الفلسطينية كي تكون تلك المصداقية العنوان لأية علاقة مصرفية امريكية وغيرها من العلاقات المصرفية.

من جهته، استبعد الخبير الاقتصادي الدكتور نصر عبد الكريم في حديث مع "القدس"، أن تطال الاجراءات الامريكية الجهاز المصرفي الفلسطيني بشكل مباشر، لكنه يرى بإمكانية المس غير المباشر بالجهاز المصرفي في حال قررت الولايات المتحدة الامريكية اعتبار منظمة التحرير منظمة ارهابية، وبالتالي سيترتب على ذلك مخاوف كبيرة حول كيفية تعامل هذا الجهاز مع حسابات المنظمة واموالها.

واستبعد عبد الكريم ان تطال لاجراءات الامريكية الجهاز المصرفي الفلسطيني بشكل مباشر لعدة اسباب باعتبار ان معظم البنوك العاملة في فلسطين هي بنوك اردنية ومحمية ضمن اتفاقيات ثنائية مع الولايات المتحدة والبنك المركزي الاسرائيلي، والاردني، وسلطة النقد الفلسطينية، اضافة الى ان هذه البنوك تلتزم بشكل جيد جدا بما يسمى عمليات الامتثال والانضباط الامريكية في ادارة حسابات عملائها، وتعمل جاهدة بأن لا تمارس اجراءات قد تشكل خرقا للقوانين الامريكية، وان مصلحتها الاقتصادية تقتضي ان تمارس هذا الامتثال، وسلطة النقد الفلسطينية تمارس رقابة مشددة وقامت بتطبيق الامتثال على اكمل وجه، والبنوك الفلسطينية اصبحت احد اهم اعمدة الاستقرار الاقتصادي الفلسطيني واي مس في هذا الوضع المصرفي الفلسطيني يعني نسف المشهد الاقتصادي برمته، وبالتالي المس بمصالح كثر، حيث تقدم البنوك 60% من التسهيلات، وسجلت 100% من الودائع، لذلك فإن المس بهذا القطاع مستبعد في هذه المرحلة.

ويضيف عبد الكريم:" لكن السؤال هو ما إذا قررت الولايات المتحدة تصنيف منظمة التحرير منظمة ارهابية وداعمة للإرهاب قد يكون هناك مس غير مباشر بالقطاع المصرفي الفلسطيني، باعتبار ان حسابات المنظمة المالية ومعاملاتها ستكون تحت المجهر وقد تفرض عقوبات على من يتعامل معها كما هو حاصل مع العقوبات المفروضة على ايران ومنظمات وجهات مصنفة امريكيا بأنها ارهابية، لذلك سيشكل هذا القرار ارباكا للبنوك.

ويرى عبدالكريم، انه في حال الاقدام على هذه الخطوة، فإن ذلك يعني انهاء مسيرة 25 عاما من اتفاقيات "اوسلو" وتقويض السلطة الفلسطينية، لذلك من الواجب ان تكون هناك بدائل جاهزة للتطبيق، فثمة مخاوف من القيام بتنفيذ صفقة دون موافقة السلطة، وهو ما اعرب الرئيس محمود عباس عن مخاوفه منها في تصريحات له من باريس عندما قال بأن القادم غير مريح.

وقال عبد الكريم : الاقتصاد الفلسطيني يعمل في مساحات ضيقة تتيحها اسرائيل والولايات المتحدة الامريكية، واذا ما قررتا تضييق هذه المساحة وفرض المزيد من العقوبات في المستقبل لفرض تسوية مختلفة لا نقبلها، سنكون امام مواجهة، لذلك ينتظرنا مشهد مرعب اذا اغلقت اسرائيل ابوابها امام اكثر من 150 الف عامل يعيلون اكثر من 200 الف اسرة فلسطينية، واذا لم تستطع السلطة دفع رواتب موظفيها، واذا ما تم المس بالتجارة الداخلية والخارجية، في حال تقلصت الجباية الداخلية، وتم قطع المساعدات، فإن هناك اسئلة مشروعة ماذا ستفعل السلطة في حال اقدمت اسرائيل والإدارة الامريكية على مثل هذه الخطوات؟

وحول حسابات المنظمة التي تم الحديث عن اغلاقها، اشار عبد الكريم الى ان الامر ما زال غامضا فهل هي حسابات الممثلية، ام هل هي حسابات الصناديق السيادية لمنظمة التحرير من صندوق الاستثمار، وهل تم تجميد ارصدتها ام منع تعاملاتها، ما زالت المسألة غير واضحة.

وفي السياق، قال المحلل السياسي، عماد غياظة: "ان المخاوف تزداد بأن تقدم الادارة الامريكية على فرض قيود على شخصيات فلسطينية مقربة من السلطة، وان تطال اجراءاتها حساباتهم المالية، وكذلك فرض قيود على التحويلات المالية الى الاراضي الفلسطينية".

ولم يستبعد غياظة ان تقدم الولايات المتحدة على مضايقة الوفد الفلسطيني المشارك في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة، وانها "قد تمنع دخول الرئيس عباس الى الاراضي الامريكية في حال قررت اعتبار منظمة التحرير منظمة ارهابية، وذلك في حال رفض الرئيس الامريكي تمديد التجميد لقرار اعتبار منظمة التحرير "منظمة ارهابية" الذي يوقعه كل 6 اشهر، حيث نذكر بحادثة منع الرئيس الراحل ياسر عرفات من الدخول للمشاركة في جلسة الجمعية العامة عام اربعة وسبعين من القرن الماضي ونقل الجلسة الى جنيف ليتسنى له المشاركة فيها".

واشار غياظة الى ان "الولايات المتحدة ستطلب من حلفائها العرب وقف تمويل السلطة الفلسطينية، لكن لغاية الان ما زالت السعودية ترفض هذه التوجهات، بيد ان المتغيرات الاقليمية قد تفرض تغيرات في مواقف الدول العربية".

كلمات دلالية