الاتفاقية باعت سكان القدس

أوسلو أطلقت يد إسرائيل لتضاعف الاستيطان وتسيطر على القدس بالكامل

الساعة 06:57 م|13 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

في الحديث عن هدم تجمع الخان الأحمر، لا يقف الأمر عند تهجير 35 عائلة تسكن التجمع وإنما 43 تجمعاً بدوياً مماثلا تتواجد في سفوح جبال القدس المحتلة، والتي جرى تهجير أول تجمع منها بعد أشهر فقط من توقيع اتفاقية أوسلو التي كانت بداية العمل الصهيوني للسيطرة على الأراضي الفلسطينية وضمها إليها.

وهذه التجمعات البدوية تقع على المناطق التي صنفتها الاتفاقية على أنها مناطق (جيم) أي أنها تخضع لسيطرة إسرائيلية كاملة سيتم العمل على تسليمها للجانب الفلسطيني في مراحل متقدمة من الاتفاق (في نهاية الخمس سنوات الانتقالية)، ولكن ما جرى على الأرض أن الاحتلال أستغلها لمزيد من الاستيطان والتوسع عليها.

ففي العام 1996 كان أول هدم لتجمع بدوي في منطقة الخان الأحمر عندما تم ترحيل 200 عائلة بدوية بالقوة وترحيلهم إلى منطقة العيزرية وهدم كل التجمع في حينه، ومنذ ذلك الحين بدأت التضييقيات على هذه التجمعات، في سبيل تهجيرهم وتجميعهم فيما يسمى بالقرية البدوية في العيزرية، لنشر المستوطنات على الأراضي التي كانوا يسكنوها.

الأهالي يتحدثوا بشكل واضح عن خطوات ملموسة للاحتلال بعد توقيع الاتفاقية بملاحقتهم ومحاولة تهجيرهم حتى ذهب البعض للقول أن "الموقعين على الاتفاق تخلوا عنهم".

وليس فقط التجمعات البدوية، فإعلان اتفاقية أوسلو أطلق يد الاحتلال للالتزام أراضي الضفة الغربية بالكامل، وتوسيع الاستيطان عليها، وتحديدا في المناطق المصنفة جيم والتي تشكل 62.1% من أراضي الضفة الغربية إلى جانب السيطرة على القدس بالكامل.

ووفقاً لإحصاءات رسمية فلسطينية، ضاعفت إسرائيل عدد المستوطنين منذ الاتفاق والذين كانت أعدادهم لا تزيد (في كل الضفة الغربية والقطاع والقدس وحتى مرتفعات الجولات) عن 280 ألف مستوطنا، ليصل عددهم الأن وبعد 25 عاما على هذا الاتفاق إلى700 ألف مستوطن، في الضفة الغربية فقط.

وفي تقرير مفصل لمركز أبحاث الأراضي صادر في عام 2017 فإن الاحتلال صادر (9784) دونما من الأراضي الفلسطينية في الضفة الغربية بما فيها القدس، وهدم حوالي (500) مسكناً ومنشأة، وهدد بالهدم حوالي (855) مسكناً ومنشأة، وقام بإنشاء (8) بؤر استيطانية جديدة، وقام بإنشاء حوالي (3122) وحدة سكنية جديدة، داخل وتوسيعاً لحوالي (60) مستعمرة صهيونية.

يقول منسق الحملة الشعبية لمقاومة الاستيطان والجدار جمال جمعة إن الاحتلال أستغل الخطيئة الفلسطينية بالموافقة على أتفاق أوسلو بثغراته، (تأجيل بحث القضايا المهمة والحساسة ومن بينها الاستيطان، وعدم نصه على وقف الاحتلال أو حتى الاستيطان في الضفة والقطاع)، وقام منذ اللحظة الأولى بتحويل وضع المستوطنات من مشروع يمكن أنهائه إلى مشروع مستدام.

فبعد الاتفاقية بأقل من شهرين بدأت عمليات الاستيطان بشق شبكة الطرق الالتفافية والتي تربط كل المستوطنات مع بعضها البعض وتربطها بمخارج مع الداخل الفلسطيني (فلسطين المحتلة عام 1948) على مساحة (1400 كم) أي 1.5 % من مساحة الضفة الغربية، والتي أسست لنظام الفصل العنصري وبدأت عليه ببناء المستوطنات، وبدأت ببناء البؤر الاستيطانية التي وصل عددها إلى 150 بؤرة التي بدأ نتانياهو منذ 2014 بشرعنتها.

وعمل منذ اللحظة الأولى على عزل القدس، فقبل أوسلو كانت القدس مركز الضفة الغربية الاقتصادي الاجتماعي والسياسي، وبالتالي كل المرافق الاقتصادية والشركات نقلت إلى الضفة (رام الله) مما تسبب بخراب وضع المدينة.

وبالتوازي أيضا كان العمل على ضم مناطق (سي) وتجميد لأي عملية تنمية فيها وبالمقابل بدأت بعمليات استيطانية وتهجير وتضييق على السكان عليها فيما بعد ذلك.

وقال جمعة:" لم يعد الحديث عن مشاريع استراتيجية تمس الشعب الفلسطيني وإمكانية أقامه دولة، ولكن هناك مشاريع ضخمة تم الإعلان عنها هذا العام لأعاده هندسة الضفة الغربية والقدس والسيطرة الكاملة عليها، وصولا إلى ضمها".

وأشار جمعة إلى إن اللافت في هذه المشاريع إن معظمها خارج الكتل الاستيطانية التي كان الاحتلال في السابق يصر على ضمها إليه، ويقول إن "كل التوسعات داخل هذه الكتل، على العكس، فإن مشاريع ضخمة تستهدف البناء خارجها وبشكل معلن".

وفيما يتعلق بالأغوار، والتي تشكل أكثر من 30% من مساحة الضفة الغربية، قال جمعة إن الاستيطان يسير باتجاهين، الأول البناء الجديد حيث الإعلان عن ثلاثة مستوطنات جديدة، والاتجاه الثاني عبر تطوير الاستيطان الزراعي حيث يتم الحديث عن مشاريع لتطوير زراعة النخيل هناك بشكل هائل، بحدود 5 ملايين نخلة سيتم زراعتها، وإنشاء محطات تنقية للمياه هناك لاستخدامها في عمليات الري.

وأشار جمعة إلى قضية خطيرة أخرى، وهي الاستيطان في مناطق البحر الميت، حيث يفقد سنويا من منسوبة 90 سم، وكل الأراضي التي جفت تم تحويلها إلى أراضي دولة ووضع اليد عليها وتحويلها للاستيطان.

وأحكمت إسرائيلُ في السنوات الأخيرة قبضتها على الضفة بالاستيطان من خلال جملة من القوانين الداعمة، بدأت بسنها قبل عامين بهدف منها ضم الضفة الغربية، بمعنى ضم تدريجي للمستوطنات عبر تحويلها للقانون المدني الإسرائيلي. ولعل القانون الأخطر هو قانون "تبيض المستوطنات" والذي يعني تغير الحالة القانونية لمستوطنات الضفة الغربية التي كانت تعتبر تابعة للحكم العسكري، وبهذا القانون يتم تطبيق القوانين المدنية على هذه المستوطنات، وعدم وجود مناطق احتلالية، تابعة للقانون المدني الإسرائيلي.