أوسلو المشؤوم أسس للقضاء على حق العودة

الساعة 10:01 ص|13 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

تمر اليوم الذكرى الـ 25 لاتفاق أوسلو الذي وقعته منظمة التحرير الفلسطينية مع "إسرائيل" حين صافح رئيس المنظمة آنذاك ياسر عرفات رئيس الوزراء الإسرائيلي إسحاق رابين يتوسطهما الرئيس الأمريكي بيل كلينتون عام 1993، وتم بمقتضاه اعتراف المنظمة بإسرائيل على 78% من فلسطين التاريخية دون اعتراف إسرائيل بالحقوق الفلسطينية على أن يكون الاتفاق مرحلياً لمدة خمسة أعوام ومن ثم يتم البت في القضايا النهائية، الأمر الذي لم يتم حتى الآن، واتخذ الاحتلال من الاتفاقية وسيلة للتوغل الاستيطاني والقضاء على حل الدولتين، وكبل الفلسطينيين ووصف مقاومتهم المشروعة بالإرهاب، وصولاً إلى إقدام المنظمة بإلغاء ميثاق تحرير فلسطين خلال زيارة كلينتون لقطاع غزة عام 1998.

ومن أبرز القضايا التي تم التوافق عليها في الاتفاقية التي رفضتها معظم الفصائل الفلسطينية من داخل وخارج منظمة التحرير، تسليم الفلسطينيين بأن قرار العودة إلى الأراضي المحتلة مرهون بقرار إسرائيلي، وصولاً إلى عدم اعتراف إسرائيل بأي فلسطيني جديد لا تسجل بياناته الأساسية منذ ولادته لديهم، وهو ما عدها البعض بأنها خطيئة جسيمة من قبل الموقعين على الاتفاق بحق أنفسهم، وهو ما عبر عنه أحد كبار المفاوضين في الاتفاقية نبيل شعت عندما قال في اليوم التالي لتوقيع الاتفاقية عندما سئل عن شعوره قال:" أستطيع القول أن 80% من فلسطين التاريخية أصبحت لليهود، ولا أستطيع أن أعد أولادي بإقامة دولة لهم على ما تبقى من فلسطين 20%.

محطات كثيرة مرت بها القضية الفلسطينية منذ ذلك التاريخ وحتى يومنا هذا، اعتبرها البعض أن أوسلو هي سبب الوضع العصيب الذي تمر به القضية، والتي أعطت الاحتلال فرصة للتوسع وفرض سياسة الأمر الواقع، ورفض حق العودة مطلقاً، وأن إصرار الإسرائيليين على رهن حق العودة بموافقتهم يأتي في إطار التسويف وإضاعة الوقت على الفلسطينيين تمهيداً للقضاء على هذا الحق وهو ما أثبتته الإجراءات الإسرائيلية لاحقاً لهذا الاتفاق، حيث تعمل بالتعاون مع الولايات المتحدة على توطين اللاجئين الفلسطينيين في أماكن تواجدهم للقضاء على هذا الحق الذي يعد أحد الثوابت الرئيسية للشعب الفلسطيني، كذلك تسبب هذا البند من الاتفاقية بكوارث إنسانية لدى آلاف الفلسطينيين الذين تقطعت بهم السبل ولم يصدر لهم الاحتلال ما يعرف بجمع الشمل.

عضو المكتب السياسي لحركة الجهاد الإسلامي الشيخ نافذ عزام، أكد في حديث خاص لـ "فلسطين اليوم"، أن أوسلو كان يهدف إلى تحقيق ما هو أكثر من إلغاء حق عودة اللاجئين الفلسطينيين عندما رهن قرار عودتهم بموافقته، وأن أعداؤنا حاولوا إلغاء حق العودة طوال الوقت لأنه من العناصر الأساسية في هذا الصراع ويذكر دائما بالمأساة التي حدثت منذ 70 عاماً. وأوضح أن أوسلو يهدف إلى إدخال إسرائيل لنسيج المنطقة، وتكون جسراً للتطبيع مع المنطقة العربية والحوض الإسلامي، وأن يكون تدشينيا لمرحلة جديدة تصبح إسرائيل شريكا حقيقا في هذه المنطقة، وصولاً إلى كسر إرادة الشعب الفلسطيني واغتيال الأمل بالعودة واستعادة ما ضاع.

وشدد القيادي عزام أن أوسلو بعد ربع قرن قد فشل في كل أهدافه، وأوسلو لم يحول "إسرائيل" لصديق على المستوى الشعب والجماهيري، ولا في نظر الشعوب العربية والإسلامية حتى ولو وجدت علاقات سرية وأحيانا في العلن مع بعض الدول؛ لكن على المستوى الشعبي والجماهيري لم تصبح إسرائيل صديقاً على الاطلاق وشريكا حقيقا في هذه المنطقة، ولم تتصرف ككيان طبيعي وبالتالي فشل أوسلو في تحقيق أهم وأخطر مهماته وهو إدخال إسرائيل لنسيج المنطقة وتحويلها من عدو إلى صديق، كما فشلت أوسلو في كسر إرادة الفلسطينيين، بل ظل الفلسطينيون متمسكون بحقوقهم سواء حق العودة أو كامل الأحلام التي حملها الآباء والاجداد وناضلوا من أجل تحقيقها.

وحول تمسك السلطة بالعملية السلمية في ظل هذا الواقع المرير الذي سببه اتفاق أوسلو للقضية الفلسطينية، قال القيادي عزام:" نحن نتصور أن السلطة تدرك تماما الوضع الخطر الذي تمر به القضية الفلسطينية، ومعظم أركان السلطة يدركون أن الاتفاق كان وهماً كبيراً وفشل في تحقيق أي من أهدافه بالنسبة للفلسطينيين.

وأشار إلى من وقع الاتفاق وناصره، كانوا يقولون أن هذا الاتفاق يمكن أن يمثل نقطة ليبدأ الفلسطينيون رحلة جديدة لاستعادة حقوقهم، يمثل موطئ قدم بدل التشتت في العواصم العربية.

وقال:" اليوم نظن أن معظم أركان السلطة يدركون الآن عدم استطاعتهم تحقيق أي من تلك الأهداف، وأدركوا أن أوسلو لم يعطهم أي شيء، بل جعلهم رهينة في أيدي الاحتلال، والكيان الذي حلموا به لم يتحقق على الاطلاق، (كيان مستقل يمثل تواصلاً مع الشعب والأمة وتاريخها وهويتها)، وإسرائيل لم تسمح ولن تسمح به على الاطلاق.

وأضاف أن أركان السلطة يدركون فشل أوسلو تماما، وما تقوم به الإدارة الامريكية يمثل عدوانا جديدا على الشعب، وكأن أوسلو لم يكن على الاطلاق، والخيارات أمام السلطة محدودة طالما أنها تعلن تمسكها بما يسمى مسيرة السلام والحلول التي تتردد كثيرا في وسائل الاعلام.

وأوضح أن خيارات السلطة محدودة طالما أنها لا تريد أن تعلن صراحة أن التسوية قد فشلت وأن أي محاولة للوصول لاتفاق جديد سيكتب له الفشل.

وينادي الفلسطينيون اليوم بالتخلص من اتفاق أوسلو الذي قبره الاحتلال الإسرائيلي في مهده ولم يلتزم بشيء منه، إضافة إلى أن الاحتلال اتخذه وسيلة للانقضاض على الحقوق والثوابت الفلسطينية، والاعلان بالتمسك بخيار المقاومة لاسترداد الحقوق وما مثلته أوسلو من كارثة على القضية الفلسطينية.

كلمات دلالية