الجبهة الشمالية -يديعوت

الساعة 12:47 م|06 سبتمبر 2018

فلسطين اليوم

الحرب التي بين الحربين

بقلم: عاموس يدلين

(المضمون: في اعمال القصف الاسرائيلية في سوريا من الحيوي ان يراجع بشكل متواصل اذا كان مبنى القوة الايرانية قد تضرر بشكل ذي مغزى، وان نتذكر بان ليس عدد اعمال القصف هو الهام بل هل حققت هذه الاثر الاستراتيجي الذي استهدفته. فضلا عن ذلك، علينا ان نسأل هل الحرب القادمة تبتعد أم اننا نسارع نحوها - المصدر).

البندول بين التهديدات العسكرية في الشمال وفي الجنوب يواصل الحركة. فبعد أن كانت المواجهة مع حماس في غزة في مركز الاهتمام في الصيف الماضي، اعادت الاحداث في الايام الاولى الساحة الشمالية الى جدول الاعمال وذكرت بان التحديات الامنية فيها أشد وأكثر خطورة من كل جبهة اخرى.

لقد كان الهدوء في النشاط الاسرائيلي في سوريا تحصيل حاصل لمحاولة السماح لمجال عمل سياسي لروسيا لمحاولاتها لايجاد صيغة للتوسط بين المصالح المتضاربة لاسرائيل وايران. لم يعط الجهد ثماره، وهكذا تحدث مصدر عسكري رفيع المستوى هذا الاسبوع عن حجم النشاط الواسع الذي يقوم به الجيش الاسرائيلي لمنع تثبيت الوجود الايراني في سوريا – وفي نفس المساء هوجمت اهداف عسكرية في شمال سوريا، نسبها السوريون لاسرائيل، على مسافة غير بعيدة عن قوات النظام السوري وشركائه الذين يستعدون للهجوم على محافظة ادلب (الاخيرة المتبقية تحت سيطرة الثوار).

 

وفي وقت مبكر من هذا الاسبوع علم عن هجوم على قافلة سلاح على الحدود العراقية – السورية، عن توريد صواريخ ايرانية لميليشيات شيعية في العراق وعن نقل قطع سلاح متطور لحزب الله.

 

بالنسبة لاسرائيل من الصواب التركيز على حدثين يرتباط الواحد بالاخر. في المدى الزمني الفوري على العيون ان تتطلع الى المعركة المرتقبة في ادلب. وفي المستوى المبدئي يجب العمل باسم الهدف الاستراتيجي الاعلى: منع تثبيت وجود ايراني في سوريا وفي لبنان.

 

يحتشد في ادلب نحو 100 الف مقاتل للمنظمة السلفية الجهادية هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقا) المتفرعة عن القاعدة. والى جانبهم توجد أيضا منظمات معارضة سنية اخرى، تخضع للنفوذ التركي. يسكن في ادلب نحو مليونين ونصف مواطن، بمن فيهم عشرات الاف اللاجئين الذين جاءوا من مناطق اخرى في سوريا تعرضت للقصف من نظام الاسد، ايران وروسيا. لهذه المواجهة امكانية كامنة للصدام بين القوى العظمى وتقديم "الحلف غير المقدس" لتركيا مع ايران وروسيا. الرئيس ترامب، الذي قيد حتى الان التدخل الامريكي في حالة الهجوم الكيميائي، حذر هذا الاسبوع من أن "مئات الاف قد يقتلون". وانه لن يسمح لهذا ان يحصل. بالطبع لا يمكن للتغريدة أن تكون خطة تنفيذية، ولكن في ضوء نية ترامب اغتيال الاسد- حسب الكتاب الجديد لبوب وود وورد – لا يمكن تجاهل هذه الامكانية.

ثلاث معضلات تقف امام ترامب: هل وضع خطوط حمراء تتجاوز استخدام السلاح ا لكيميائي؟ هل سيهاجم قوات اخرى لا تتماثل بوضوح بانها تنتمي لنظام الاسد، مثل حزب الله؟ وفوق كل شيء – كيف ستعمل آلية منع التصعيد بين الولايات المتحدة وروسيا؟ الروس، الذين بدأوا منذ الان بالقصف، سيشددونه اغلب الظن في اعقاب اللقاء المخطط له في نهاية الاسبوع في طهران بين مندوبيهم ومندوبي تركيا وايران. اسرائيل تنظر من بعيد الى ما يجري في ادلب، فيما سياستها الثابتة في عدم اتدخل في سوريا – حتى في ضوء مذبحة جماعية للمواطنين. قد تكون هذه السياسة صحيحة بمقايس الواقعية السياسية، ولكن من المهم القول انها تلقي على اسرائيل بوصمة اخلاقية.

على المستوى العملي ستواصل اسرائيل التركيز على المعركة بين الحربين والتي تديرها ضد المحاولة الايرانية لبناء قوة عسكرية متطورة في سوريا، في لبنان وربما في العراق. للمعركة هدفان: منع التعاظم والمس بالقدرة وبالاسلحة المتطورة، وتأجيل الحرب القادمة من خلال الاثر الردعي. حتى الان نجحت اسرائيل في ضرب عناصر قوة هامة للايرانيين دون الانزلاق الى مواجهة واسعة. معركة اسرائيل، التي تقوم على اساس معلومات استخبارية ممتازة وسلاح جو متفوق، لا توجد الا في جولتها الاولى. من الحيوي ان يراجع بشكل متواصل اذا كان مبنى القوة الايرانية قد تضرر بشكل ذي مغزى، وان نتذكر بان ليس عدد اعمال القصف هو الهام بل هل حققت هذه الاثر الاستراتيجي الذي استهدفته. فضلا عن ذلك، علينا ان نسأل هل الحرب القادمة تبتعد أم اننا نسارع نحوها.