صحيفة أمريكية: نموذج الضفة الغربية فاشل و"القومية" ستجلب الفشل لإسرائيل

الساعة 09:20 م|28 أغسطس 2018

فلسطين اليوم

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية اليوم الثلاثاء، 28 آب 2018 مقالا لمارتن بيرتز، الذي عمل كمحرر لمجلة "ذا نيو ريبابليك" لمدة 35 عاماً ودرس في جامعة هارفارد لما يقارب نصف قرن، تحت عنوان "نموذج الضفة الغربية هو نموذج فاشل، وقانون القومية الإسرائيلي سيجلب هذا الفشل إلى إسرائيل"، قال فيه بأن "إسرائيل طورت على مدار العقود السبعة الماضية نموذجاً فريداً للدولة، حيث تمثل التجربة الإسرائيلية محاولة صادقة للجمع بين هذين النوعين من التعددية، اليهودية والديمقراطية، لإقامة دولة حديثة تقدمية".

ويشرح بيرتز، وهو من أنصار إسرائيل الكبار في الاوساط الأكاديمية ان "النموذج الإسرائيلي ينطوي في كل أشكاله على دولة ذات رموز يهودية، تتبع التقويم والعطلات اليهودية، وتفتح أبوابها دوماً لأي يهودي يبحث عن ملجأ أو وطن جديد؛ وتكون حكومتها مسؤولة أمام البرلمان المنتخب وتلتزم بحدود القانون؛ ويحق لشعبها التمتع بالحد الأدنى من الحماية المدنية والقانونية التي يوفرها أي مجتمع حر حديث بغض النظر عن دينه أو عرقه".

واضاف "كان هذا النموذج هو الذي استقبل /اللاجئين/ اليهود المعدمين الوافدين من جميع أنحاء أوروبا وآسيا، والأقلية العربية التي بقيت داخل حدود إسرائيل بعد الجهود غير الناجحة من قبل الحكومات العربية لسحق إسرائيل وهي في مهدها".

وينتقل بيرتز لانتقاد إسرائيل بسبب "قانون القومية" الذي سنته إسرائيل الشهر الماضي والذي يجعل حق تقرير المصير لليهود فقط قائلا "لقد سنت الحكومة الإسرائيلية في تموز الماضي قانوناً بغيضاً حول القومية، سيحدث تغييراً جوهرياً في الواقع الإسرائيلي، من شأنه زعزعة التوازن القائم بين الهوية اليهودية والهوية الديمقراطية لإسرائيل، حيث ينص (القانون) على أن /إنشاء المستوطنات اليهودية هو قيمة وطنية/ -بما في ذلك إقامة المستوطنات في الضفة الغربية".

ويرى الكاتب أن "إدراج المستوطنات في الضفة الغربية، يعكس ما يمثله هذا القانون حقاً: وهو محاولة من جانب أقلية صغيرة لجعل المجتمع الإسرائيلي ككل يشبه نموذج الحكومة الإسرائيلية القائم في الأراضي المحتلة" مشيرا إلى "أنه قبل 51 عاماً، بعد انتصار إسرائيل في حرب عام 1967، بدا من الطبيعي أن تمضي الدولة لتصدير نموذجها الاجتماعي الناجح إلى الأراضي المحتلة حديثاً في الضفة الغربية. ولكن إسرائيل لم تجلب /النموذج الإسرائيلي/ إلى الضفة الغربية، وإنما أنشأت هناك نموذجاً بديلاً للدولة، فبينما تضمن الأغلبية اليهودية التي تشكل 80% من سكان إسرائيل عدم وجود أي تهديدات خطيرة ليهودية الدولة، ما تزال نسبة اليهود في الضفة الغربية دون 15% من السكان، حتى بعد 50 عاماً من الاستيطان".

ويمضي الكاتب الذي يتفادى في مقاله تماما ذكر عبارة "الشعب الفلسطيني" مكتفيا بالإشارة لهم كـ "عرب" قائلا "قد يكون نموذج الضفة الغربية يهودياً أو غير يهودي؛ ولكن إذا كان يهودياً، فلا يعزى ذلك بالتأكيد إلى التركيبة السكانية، كما لا يتصف نموذج الضفة الغربية بالكثير من الديمقراطية أيضاً، إذ يصوت 15% من سكان الضفة من المستوطنين اليهود في الانتخابات الإسرائيلية، ويستطيع 85% من السكان العرب التصويت في انتخابات السلطة الفلسطينية (عندما يتم عقدها). ومن الناحية العملية، يعني هذا أن /يهود الضفة الغربية/ يصوتون لحكومة دولة لا يعيشون داخلها، لكن جيشها يمارس سلطة سيادية على الأراضي التي يعيشون فيها.؛ ويعني ذلك بالنسبة إلى عرب الضفة الغربية أن ديمقراطيتهم زائفة: حيث يستطيعون التصويت لصالح سلطة فلسطينية لا ترقى إلى أدنى مستوى من الديمقراطية، لكنهم لا يستطيعون التصويت في انتخابات إسرائيل، الدولة التي تسيطر فعلياً على الأراضي التي يعيشون فيها".

ويشير الكاتب إلى أن "الأقلية اليهودية في الضفة الغربية تتمتع بحقوق مدنية وسياسية واجتماعية حصرية، ويعد تفوقها مضموناً بفضل وجود قوة عسكرية ضخمة من إسرائيل لحمايتها هي وامتيازاتها، كما تتمتع الأقلية اليهودية في الضفة الغربية بمستوى معيشة غربي بكل المقاييس تقريباً -الدخل والتعليم والرعاية الصحية والعمر المتوقع والبنية التحتية وغيرها- وذلك بسبب الوضع السياسي ولأنها تعتمد في بقائها على سلطة فلسطينية فاسدة، فلا يوجد لدى الغالبية العربية بالضفة أي أمل واقعي في سد هذه الفجوة".

ويؤكد الكاتب أنه "إذا كان هناك أي مستقبل لمشروع الاستيطان في الضفة الغربية، فلن يكون ذلك بسبب تصدير النموذج الإسرائيلي (الديمقراطي) وإنما بسبب استيراد نموذج الضفة الغربية إلى إسرائيل - وهذا هو ما بدأ قانون القومية البغيض بوضوح يفعله عبر تأمين سلطة التيار اليميني المتطرف من خلال جعل إسرائيل أقل ديمقراطية وأكثر يهودية وقبلية".

ويختتم الكاتب المقال بالإشارة إلى أن "التاريخ أثبت أنه لا يمكن تصدير النموذج الإسرائيلي إلى الضفة الغربية، ولكن قانون القومية الراهن سيؤدي –عمداً أو ربما عن غير قصد- إلى تصدير نموذج الضفة الغربية إلى إسرائيل، وهذا سيكون كارثياً".

كلمات دلالية