من ميدان صهيون حتى كريات حاييم- هآرتس

الساعة 12:41 م|28 أغسطس 2018

فلسطين اليوم

بقلم: نحميا شترسلر

 (المضمون: هناك تشابه كبير بين قتل رابين والتنكيل بالشبان العرب الثلاثة ومحاولة قتلهم، لأن القاسم المشترك هو التحريض العنصري الذي سيؤدي في نهاية المطاف الى حرب أهلية بين اليهود والعرب ومن ثم بين اليهود واليهود - المصدر).

خط مستقيم وقبيح ومرعب يربط بين المظاهرة المعروفة في ميدان صهيون وبين مهاجمة العرب الثلاثة على شاطيء البحر في كريات حاييم. خط واضح من التحريض والكراهية والعنصرية والانقسام والشر، الذي أدى في حينه الى قتل رئيس الحكومة والآن سيؤدي الى نهاية البيت الثالث.

هزة عميقة تملكتني عندما رأيت صور العرب الثلاثة الذين هوجموا. هذه لم تكن مجرد ضربات، لقد كانت هناك نية متعمدة وواضحة للقتل. الامر يتعلق بثمانية مهاجمين من النازيين الجدد في مواقفهم، مزودين بالعصي والسلاسل الحديدية مثلما هي حال ذوي القمصان باللون البني. لقد ضربوا الثلاثة (طبيب وممرض وصديق لهما) بصورة عنيفة على رؤوسهم، بقوة تدل على نية القتل الجماعي – فقط لأنهم عرب. أحد المهاجَمين فقد الوعي وسقط على الارض، الثاني انحنى لمساعدته فهوجم من الخلف وسقط، وقد تناثر دمه في كل صوب. وعندما وصلوا الى المستشفى احتاجوا الى خياطة جروحهم بابر خاصة.

عشرات الاشخاص الذين كانوا شهودا على الهجوم لم يحركوا ساكنا. وحتى لم يتصلوا بالشرطة. فقط اثنان من الاتقياء في سدوم تدخلا وانقذا حياتهم. "بدونهما لم نكن لنظل على قيد الحياة. كانوا سيقتلوننا"، قال أحد المهاجَمين.

من المهم معرفة ماذا كان رئيس الحكومة سيقول لو أن هجوما عنصريا فظيعا كهذا حدث ضد يهود في بريطانيا أو فرنسا. أنا أعرف ماذا كان سيقول عمانويل ميكرون أو تريزا ماي. لقد كانا سيدينان بشدة وبلا تردد، لكن نتنياهو صمت.

هو لم يصمت فقط، ليس لديه شيء بالصدفة، كل شيء مخطط. هو يعرف أن العائد الأكبر في صندوق الانتخابات يعطى لمن يضرب العرب ويهينهم ويهددهم. هذا هو الواقع العنصري الذي جرنا اليه خلال سنين حكمه. الاستفزاز والتحريض وكراهية الاجانب كانت دائما ملاذ السياسيين المتهكمين الذين ركبوا على النزوات الدونية للانسان في الطريق الى الكرسي.

نتنياهو خبير كبير في التحريض والاستفزاز. لم ننس بعد المسيرة في رعنانا التي قادها مع التابوت وحبل المشنقة الذي تم اعداده لرابين. ولم ننس ايضا التحريض في ميدان صهيون وعلى رأسه نتنياهو على الشرفة عندما كان الجمهور المتحمس يصرخ "رابين قاتل، رابين خائن. بالدم والنار سنطرد رابين". وعندها جاء القاتل.

خلال سنين حكمه تميز نتنياهو بالتحريض ضد عرب اسرائيل وضد اليسار. وهو لم يفوت أي فرصة لتشبيه العرب بالمسخ. عشية الانتخابات الاخيرة اعلن أن "العرب يتدفقون الى صناديق الانتخابات" وكأنه ليس لهم حق في الانتخاب. مؤخرا اجاز قانون القومية الذي يميز ضدهم بصورة فظة.

قاتل رابين لم يعش في فراغ. هو تأثر من اقوال التحريض في ميدان صهيون ومن حكم المطارد الذي قضى به الحاخامات. هكذا ايضا الاشخاص الثمانية حليقي الرؤوس من كريات حاييم. هم نتاج جو التحريض الذي أوجده نتنياهو. الزعيم الذي حدد النغمة. لقد سمعوا اصوات طبول التام تام وهي تناديهم من اجل بدء العمل وذهبوا للتنفيذ. اصدقاءهم اعتادوا على مهاجمة العرب في القدس وبنيمينة وهم ذهبوا لتنفيذ مذبحة في كريات حاييم.

          لقد كان نتنياهو يستطيع التصرف بصورة مختلفة تماما. لقد كان يمكنه رمي قانون القومية في سلة القمامة. وبدل ذلك سن قانون يعطي عدالة اكثر للعرب. لقد كان يمكنه تقريب العرب اليه وضمهم الى صدره والقول لهم إن هذه دولتهم بالضبط مثلما هي دولته. لقد كان يمكنه أن يبث لهم انسانية ودفء. هكذا كان اخلاصهم للدولة سيزداد وكنا سنقابلهم في كل مجالات الحياة وهم يحبون الدولة ويحبون نجاحها.

لكن نتنياهو اختار طريق معاكسة. اختار طريق التحريض والكراهية التي حسب رأيه تؤدي الى الفوز في الانتخابات. ربما هو سيفوز ولكن الثمن سيكون اثقل على الحمل. هو يقودنا الى طريق مسدود، الى حرب اهلية بين اليهود والعرب والتي ستتسع بسرعة الى حرب بين اليهود واليهود، وهذه ستكون الحرب الاخيرة.

 

كلمات دلالية