هذه لم تعد ذات الديمقراطية التي اعرفها- اسرائيل اليوم

الساعة 10:12 ص|11 أغسطس 2018

فلسطين اليوم

بقلم: يوسي بيلين

 (المضمون: ان سن القانون الاساس: القومية، في ظل التجاهل الفظ لطبيعة الدولة الديمقراطية ومبدأ المساواة، كان القشة التي قسمت ظهر البعير. وهذه ليست خطوة شرعية لتوازن قوانين اخرى، هذه حسم للموقف - المصدر).

أبوا أمي وأبوا أبي وصلوا الى اسرائيل في العشرينيات من شرق اوروبا، مثل كثيرين من اخوانهم الذين هاجروا في الهجرات الخمسة التي سبقت الدولة. جاءوا من بلدان لمن تعرف الديمقراطية بل عرفت ملوكا طغاة، قياصرة وامراء، وكان بعضهم مستعدين لان يسلموا مع وجود اليهود تحت حكمهم، وبعضهم كانوا كارهين لليهود، واستخدموا كراهيتهم هذه كي يحمسوا الاخرين ويوحدوهم. القصة عن الاشكناز الذين وصلوا الى اسرائيل من تقاليد ديمقراطية، مقابل سليلي البلدان العربية الذين جاءوا من تقاليد استبدادية، هي احدى التشويهات الكبرى لتاريخنا. كلنا اخترعنا هنا الدولاب.

لقد نبعت ديمقراطيتنا اساسا من حقيقة انه حتى قيام الدولة لم يكن لزعماء الحاضرة اليهودية الادوات لفرض صلاحياتهم، والسبيل الوحيد لعمل ذلك، على افتراض انهم لم يفكروا بان يقيموا هنا حكم رعب يصفي المعارضين له، كان منح كل رأي مجال تعبير والسماح للتنافس بين المواقف المختلفة – في صناديق الاقتراع. ولهذا فقد كانت الانتخابات نسبية، ولمن تمنح اي تفوق اكبر مما ينبغي للاغلبية، ولهذا كانت نسبة الحسم متدنية جدا. ولهذا فقد منحت هنا حقوق للفرد أكثر مما في دول العالم.

كانت لنا ديمقراطية تعرف – لدى الجهات التي تجري تصنيفا سنويا للديمقراطية وتقارن الدول مع بعضها البعض – كديمقراطية عليلة، ولكنها ديمقراطية. كانت خاوة سياسية وكانت تفضيلات لزلمنا (جماعتنا). محطة الاذاعة المدنية كانت الوحيدة في ديوان رئيس الوزراء، ومحطة الاذاعة العسكرية الوحيدة – بقيادة الجيش. الرسائل من الجيش فتحتها الرقابة، مع تلك لاصقة كبيرة تشهد على أن عين الاخ الاكبر ترى كل شيء، والصحافة كانت تنقل اليها كل نبأ ذي صلة. وهكذا ايضا جرى مع الكتب. احد ما نسي أن يلغي (حتى اليوم) حالة الطواريء التي اعلنت في 19 ايار 1948، ولم تتوقف منذئذ حتى ولا ليوم واحد، والتي تسمح للسلطات بتعريتنا، دون أي اذون خاصة، من املاكنا ومن حرياتنا، ومصادرتها في صالح الطواريء.

ولكن على مدى السنين الغي الحكم العسكري على الفلسطينيين. والكثير من الاشارات التي سمحت للسلطات بالمس بحقوقنا اصبحت، بقدر كبير، اشارت ميتة. الحقوق توسعت، الحكم انتقل من يد الى يد بشكل مثالي، والمحكمة حافظ على استقلاليتها وعززتها. قوة الصحافة تعاظمت، فالكنيست لم تسهل على حياة اي حكومة، ولجان التحقيق ادت – بشكل مباشر او غير مباشر الى انهاء ا لحياة السياسية لاناس هامين جدا.

استمرار الحكم الاسرائيلي للمناطق التي احتلينا في 1967 يخفض مكاننا في التصنيف الديمقراطي العالمي، واستمرار هذه السيطرة له مضاعفات على السلوك داخل اسرائيل. حقيقة أن الصندوق القومي لاسرائيل (كيرن كييمت) لا يزال يؤجر الاراضي لليهود فقط هي وصمة عار سوداء على جبين الديمقراطية الاسرائيلية، وكذا ايضا حقيقة أن هذه هي الديمقراطية الوحيدة في العالم التي ليس فيها فصل بين الدين والدولة.

بدت الديمقراطية الاسرائيلية كمحاولة تطورت بشكل ايجابي، وسعت حقوق الاقليات ومنحت احساسا للناس بانهم غير ملاحقين، وانهم اذا ما تضرروا، فثمة دوما من يمكن التوجه اليه. غير أن من اقلقهم تطور الديمقراطية وتعزز "حماة الحمى"، يعملون بنشاط على تحويل ديمقراطيتنا الى "غير ليبرالي"، كما يصف ذلك فيكتور اوربان، رئيس وزراء هنغاريا. ولكن اذا كان نظامنا ليبراليا فانه غير ديمقراطي.

لقد كانت الاسابيع الاخيرة ذروة خطوة تعود لثلاث سنوات لان يخلق هنا نظام من الديمقراطية الرسمية، التي تركز على الانتخابات وحقوق الاغلبية، تقلص حقوق الاقليات اليهودية وغير اليهودية، وتقيد جدا صوت المجتمع المدني، من خلال المس بالجمعيات التي تتحدى سياسة الحكومة، تقييد حق الوقوف في المحكمة وتغيير طبيعة المحكمة. ان سن القانون الاساس: القومية، في ظل التجاهل الفظ لطبيعة الدولة الديمقراطية ومبدأ المساواة، كان القشة التي قسمت ظهر البعير. وهذه ليست خطوة شرعية لتوازن قوانين اخرى، هذه حسم للموقف.

كلمات دلالية