رغم الضربات التي تلقتها حماس- هآرتس

الساعة 10:06 ص|11 أغسطس 2018

فلسطين اليوم

هي العنوان الوحيد للتسوية

بقلم:تسفي برئيل

 (المضمون: جولة القتال الحالية في قطاع غزة الآن تجري في الوقت الذي تبحث فيه حماس مع السلطة حول المصالحة ومع مصر حول اعادة اعمار القطاع. في اسرائيل يعترفون بأهمية حماس كسلطة مسؤولة في غزة ويجرون معها مفاوضات أمنية واقتصادية وسياسية - المصدر).

قيادة حماس وعلى رأسها رئيس المكتب السياسي اسماعيل هنية وقائد المنظمة في قطاع غزة يحيى السنوار لم يتحمسا من الطريقة التي دخل فيها الى القطاع في الاسبوع الماضي زعماء حماس الخارج بسيارات فاخرة وتصرفوا بسلوك فوقي، خاصة نائب هنية صالح العارور. إن الاشادات العلنية باللقاء الاول في غزة بين القيادتين لم تنجح في التغطية على التوتر الدائم الموجود في الميدان ويتلقى غضب الجمهور والهجمات الاسرائيلية وبين من يعيش في قطر ولبنان. اللقاء صودق عليه من قبل اسرائيل التي تعهدت بعدم المس بالقادة الذين وصلوا من الخارج والذين يقفون على رأس قائمة مطلوبيها.

في مكتب رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس توقعوا أن تقوم قيادة حماس بتفجير الجهود المصرية للمصالحة بين حماس وفتح. وتحقيق هدنة طويلة المدى بين حماس واسرائيل. بهذا تزيل قيادة حماس عن كاهل عباس ضرورة اتخاذ قرار صريح بشأن اقتراح مصر الذي في نظره ليس أكثر من مجرد مسودة قابلة للتغيير. عندما اتضح لعباس أنه رغم الخلافات داخل حماس – بالاساس حول نقل السيطرة في غزة للسلطة الفلسطينية، والمواقف الواجب طرحها ازاء صفقة القرن لترامب – المفاوضات تحولت الى جدية، لقد ارسل لرئيس المخابرات المصرية عباس كامل عدد من التحفظات من اجل أن يقلب الاقتراح المصري رأسا على عقب.

كامل الذي مكث في واشنطن في الاسبوع الماضي استدعى الى القاهرة قيادة حماس من اجل أن يطرح عليها رد فعله. بعد اعلان حماس أنها مستعدة لتبني الخطة. "لقد اعتقدنا أن الامر يدور عن تعديلات بسيطة على مباديء الخطة، لكننا اكتشفنا أن الامر يتعلق بخطة جديدة"، قال نائب السنوار، خليل الحية الذي شارك في اللقاء الى جانب ستة من قادة حماس من الخارج ومن غزة. حسب اقواله فقد قدمت فتح خطة ذات ثلاث مراحل. في المرحلة الاولى التي ستستمر اسبوع من يوم التوقيع على الاتفاق سيعود وزراء الحكومة الفلسطينية لمعالجة شؤون غزة بكامل الصلاحيات. مسألة الدمج بين الاجهزة الادارية لحماس واجهزة السلطة يتم تأجيلها الى المرحلة القادمة. جهات امنية من حماس وفتح ومندوبين مصريين سيناقشون بناء السيطرة الامنية في القطاع، من اجل أن تكون مشابهة للوضع في الضفة. التفاهمات التي سيتم التوصل اليها ستنقل الى اشراف لجنة متابعة مشتركة التي فيها ايضا يشارك مندوبون من فتح وحماص ومصر والتي سيكون دورها التأكد من تطبيق القرار.

المرحلة الثانية ستستمر حوالي شهر، وفيها يطلب من حماس التنازل عن جباية الضرائب المستقلة مقابل تعهد السلطة بدفع كل رواتب الموظفين ورجال الشرطة والقيادة المدنية – لكن ليس رواتب مقاتلي حماس. هذا خلافا للاقتراح المصري الذي بحسبه ستظل الجباية في أيدي حماس وهي التي ستدفع منها رواتب رجال الامن. في المرحلة الثالثة التي ستستمر عشرة اسابيع ستبدأ الاستعدادات للانتخابات للسلطة الفلسطينية.

في النقاش الذي اجرته قيادة حماس الموسعة في هذا الاسبوع مع رؤساء التنظيمات الاخرى في غزة، برزت كما هو متوقع خلافات بين من أيد قبول اقتراح عباس وبين من عارضه. ممثلو الجبهة الديمقراطية أيدو في حين أن الجهاد الاسلامي واللجان الشعبية وقيادة كتائب عز الدين القسام عارضوا. حماس عادت الى القاهرة لمواصلة التباحث في الوقت الذي جرت فيه المواجهات بين حماس واسرائيل، الى أن اعلنت حماس بأن "التصعيد انتهى واستمرارها مرتبط بسلوك المحتل". حسب البيان فان حماس استكملت ردها على العدوان الاسرائيلي واظهرت تمسكا بالمبدأ الذي يقول إن المس سيتم الرد عليه بالمس واطلاق النار سيتم الرد عليه باطلاق النار. ولم تقل أي كلمة عن التدخل الكثيف لمصر في اليومين الاخيرين وعن استخدام مصر للهجة تهديدية وعن محاولة الادارة الامريكية اقناع اسرائيل بتقليص حجم النشاط العسكري وعدم الانجرار الى عملية واسعة النطاق، أو عن النشاط الذي لا يتوقف لنيكولاي ميلادينوف مبعوث الامم المتحدة في الشرق الاوسط.

اعادة اعمار غزة اولا

من ناحية واشنطن والقاهرة فان انهاء ازمة غزة مهم اكثر من معالجة المواجهة التكتيكية بين اسرائيل وحماس. واشنطن، سواء كانت محقة أو لا، تعطي لغزة اهمية كبيرة في ترويج "صفقة القرن". امام الخطة تقف تحديات كثيرة أولها هو تمسك عباس بعدم اللقاء مع مبعوثي الولايات المتحدة – منذ نقل ترامب السفارة الامريكية الى القدس – ونجاحه في تجنيد السعودية ومصر والاردن ضد الصفقة. ترامب ايضا اثار غضب كبير عندما اعلن عن نيته تجميد المساعدات للاونروا. وحسب تقارير من الاسبوع الماضي فان جارد كوشنر طلب من الاردن انهاء مكانة لاجيء للاجئين الفلسطينيين في المملكة. كل ذلك قاد مصر والسعودية الى الاعلان بشكل علني أنهما تعارضان مبادرة الولايات المتحدة. من هنا الاهمية التي تعطيها الادارة في واشنطن لحل الازمة في غزة، والتي من شأنها ازالة المأساة الانسانية لمليوني فلسطيني وتحرير الساحة العسكرية من اجل أن يستطيع الطرفين الانشغال بالعملية السياسية.

          مصر التي ادانت نقل السفارة الامريكية وتعارض علنا المس بوكالة الاونروا مستعدة للمساعدة في ترويج العملية السياسية. الى جانب ذلك هي معنية بحل الازمة في غزة كجزء من الاستراتيجية الامنية لها، والموجهة لمنع تطور جديد لقناة ارهاب بين غزة وسيناء. بناء على ذلك، مصر اصبحت لا تربط حل مشكلة غزة بالمصالحة الفلسطينية الداخلية، خلافا لموقفها السابق. ربما أن هذا الموقف استهدف استخدام الضغط على عباس، لكن هناك اشارات تدل على أن مصر مستعدة للتقدم في قناة غزة مع أو بدون السلطة الفلسطينية، وايضا بدون صلة بـ "صفقة القرن". مصر قررت فتح معبر رفح بصورة منتظمة تقريبا، وهي تجري نقاشات حول اعادة اعمار غزة بواسطة شركات مصرية، وحتى أنها اقنعت اسرائيل بالموافقة على اعادة تأهيل رصيف فلسطيني يخدم غزة في بور سعيد. وكل ذلك بدون اشراك السلطة الفلسطينية.

اعادة اعمار غزة مهمة لمصر ليس فقط من الناحية الامنية. فهي ستمنح الشركات المصرية سوق جديدة لنشاطها. وكذلك في اطار خطة اعادة الاعمار سيتم انشاء مصانع بتمويل الدول المانحة وعدد كبير منها سيتم اقامته في الاراضي المصرية وستوفر اماكن عمل للمواطنين البدو في سيناء. فتح ميناء فلسطيني في بور سعيد سيمنح مصر رافعة سيطرة سياسية، تشبه استخدام مصر لمعبر رفح.

المصريون يعتقدون أن خطة السلام الامريكية ما زالت غير ناضجة، غامضة وغير واقعية. وزير الخارجية المصري سامح شكري عاد أمس من زيارة استمرت يومين في واشنطن ووصف المحادثات مع نظيره مايك بومباو ومع مستشار الامن القومي جون بولتن كـ "محادثات ايجابية". اضافة الى ذلك، فان تقارير سبقت عودته تحدثت عن أنه في لقائه مع جيسون غرينبلاط لم تطرح عليه افكار جديدة. حسب التقارير، الولايات المتحدة لم تعرض على شكري أي ضمانات بأن اسرائيل ستوافق على تطبيق شروط الصفقة ولم يتلق أي تفصيل عن حجم المساعدات الامريكية التي يتوقع ان تصل الى غزة لاعادة الاعمار. الاهم من ذلك هو أن وزير الخارجية لم يرجع الى بلاده مع تعهد امريكي محدد لزيادة المساعدات لمصر. حسب هذه التقارير فان الامريكيين طلبوا أن تأخذ مصر على عاتقها ادارة الشؤون الامنية في غزة في الفترة الانتقالية حتى حل الازمة. لقد رد شكري بأنه ليس هو العنوان وأن كل ما يتعلق بفلسطين موجود في أيدي المخابرات المصرية ورئيس الدولة. لقد قال لمقربيه إن الطلب يدل على ان الامريكيين لا يفهمون الواقع في غزة. بقدر ما تعبر التقارير عن طبيعة المحادثات في واشنطن، فانها تجعل المصريين يستنتجون أنه من الافضل لهم الفصل بين قضية غزة التي تحتاج معالجة فورية وبين صفقة القرن التي تبدو في هذه الاثناء كحلم القرن.

اعتبارات مصر وامريكا تعزز مكانة حماس السياسية التي تحولت الى بؤرة للملاحقات. حتى قبل سنتين رأت مصر في حماس منظمة ارهابية تعمل ضدها مع الاخوان المسلمين وداعش. والآن مستعدة لقبولها كنظام شرعي في غزة. ايضا اسرائيل استوعبت الاعتراف باستعداد حماس كسلطة مسؤولة، على الاقل من ناحية امنية. وإن كانت اسرائيل في الماضي قد اجرت مع حماس مفاوضات فقط في شؤون تبادل الاسرى أو وقف اطلاق النار. الآن هي تدير معها مفاوضات اقتصادية وسياسية حول مستقبل القطاع. حقيقة أن المفاوضات لا تجرى مباشرة لا تلغي وجودها. ليس من نافل القول التذكير في هذا السياق بأنه بعد الانتخابات للسلطة الفلسطينية في 2006 التي حققت فيها حماس فوز ساحق، اقترحت قيادة حماس التي انتخبت أن تواصل التعاون المدني مع اسرائيل، ايضا بدون اعتراف رسمي. اسرائيل رفضت العرض بصورة تامة وقاطعة. بعد 12 سنة ربما يتم طرح نفس الاقتراح على اسرائيل. الخطورة هي أن حماس من شأنها أن تصاب بالدوار من هواء القمم الجديدة وأن تضع شروط جديدة. ولكن حتى الآن اظهرت حماس رغبتها في تقدم المفاوضات مع اسرائيل والتوصل الى اتفاق بعيد المدى، 5 – 7 سنوات. حتى الآن ليس واضحا اذا كانت متمسكة بربط المفاوضات بشأن تبادل الاسرى والمفقودين باتفاق الهدنة واعادة الاعمار الاقتصادي. ولكن حسب مصادر فلسطينية يبدو أن حماس يتوقع أن تتنازل في هذا الموضوع.

حماس بحاجة الى قاعدة اقتصادية ثابتة، سواء للنشاطات اليومية الجارية أو من اجل أن تسيطر لفترة طويلة. من ناحيتها ليس هناك ما يمنع مواصلة المفاوضات تحت القصف. يبدو أن اسرائيل ايضا مستعدة لمواصلة واجراء مفاوضات كهذه وكأنه لا توجد هجمات ضدها، وأن تواصل هجماتها وكأنه لا توجد مفاوضات.

كلمات دلالية