خبر يخافون من الانتصار / هآرتس

الساعة 09:26 ص|06 يناير 2009

بقلم: أمير اورن

        (المضمون: اسرائيل تتردد بين خيارين عسكريين. إما توسيع المواجهة مع حماس في المنطقة المحاصرة في غزة مع كل الخسائر في ذلك او توسيع الهجوم حتى اسقاط حكم حماس - المصدر).

        حملة الجيش الاسرائيلي في قطاع غزة تقترب هذا الصباح من مفترق مصيري: أن تكون – اكثر عمقا، اكثر ثمنا – أو لا تكون. الصيغة الحالية للحملة استنفدت نفسها. مثلما هي، لا معنى من مواصلتها. يمكن السير الى الامام، بثمن يخشى المجتمع الاسرائيلي أن يدفعه، لاعتبارات مفهومة. يمكن التوقف، استكمال المهمات في الاماكن التي وصلت اليها القوات، والتراجع، من طرف واحد ودون انتظار الحل السحري لتسوية بدون حماس. لا يمكن توقع انجازات اخرى دون استثمار آخر، من شأنه أن يظهر  بانه أكبر مما ينبغي ومتأخر اكثر مما ينبغي.

        الحدث عديد الاصابات من جولاني، امس، كان شاذا في حجمه حتى الان وألمح بما من شأنه لا سمح الله ان يتكرر اكثر اذا ما تعمقت العملية البرية. الجيش الاسرائيلي يتقدم في النصف الشمالي من غزة ببطء حذر، مدروس ويتأخر في مواضع الطبيعة والارض. مواطنو اسرائيل، وبالتأكيد ابناء العائلات التي يقاتل اعزاؤهم وتتعرض حياتهم للخطر ينبغي أن يكونوا ممتنين للقيادة العسكرية، من رئيس الاركان وحتى قادة الحظائر والطواقم، التي تتصرف بحرص كهذا. القادة يعرضون أنفسهم للخطر – مخاطرة تجسدت أمس كم هي شديدة – ليس أقل من جنودهم. التقدم المضبوط يجري بالشكل الذي يسعى الى منح القوات التفوق في كل اشتباك مع رجال حماس.

        في اسرائيل يعرفون جيدا بان حماس تريد سفك دم ثلاث مجموعات – جنود الجيش الاسرائيلي، المدنيون في الجبهة الداخلية والفلسطينيين غير المشاركين. في الجيش الاسرائيلي يريدون تقليص المس بهذه المجموعات الثلاثة وزيادته في المجموعة الرابعة، رجال حماس.

        حسب هذا المقياس، فان الحملة تفي بقدر كبير باهدافها، ولكنها لا تزال لا تحقق هدفها. في هذا التوتر، الذي بين الاهداف (تدمير مخازن الصواريخ، قتل المقاتلين، اعتقال المطلوبين للتحقيق ولاستبدالهم بجلعاد شليت) وبين اهداف (وقف نار طويل ومستقر، منع جلب السلاح بعيد المدى الى القطاع)، توجد الحملة بعد اسبوع ونصف الاسبوع.

        هذا ليس توترا فكريا فقط: يكمن فيه ايضا تضارب بنيوي بين المستويات العليا الثلاثة التي تدير الحملة – السياسي (وفي اطاره الخلافات الداخلية في ثلاثية اولمرت – باراك – لفني)، رئيس الاركان غابي اشكنازي وقائد المنطقة الجنوبية يوآف جلانت. لا يمكن لاي مستوى مرؤوس ان يرضي المستوى المسؤول عنه – وفوق الحكومة يوجد المجتمع الاسرائيلي – بنتيجة رائعة بجهد سهل. يمكن دفع القليل وتلقي القليل، ولكن دفع الكثير وتلقي القليل، وربما، غير المضمون، دفع الكثير وتلقي الكثير. دفع القليل وتلقي الكثير؟ ليس في غزة.

        في الشكل الراهن لاستخدام القوة العسكرية ستجد اسرائيل صعوبة في ترجمته الى انجاز سياسي. وفي ظل عدم وجود اتصال بين القيادة السياسية والعسكرية المختبئة لحماس وبين قادة كتائبها، وبهذه الوتيرة من تآكل قوتها، بينما تواصل اطلاق الصواريخ نحو بئر السبع وشمال قاعدة سلاح الجو في حتصور رغم الضربة الشديدة لمخازنها، فلن تقدم حماس موافقتها المستسلمة على شروط اسرائيل بوقف النار.

        في مضمون شؤون "رصاص مصهور" كان حتى الان فصلان. الاول كان جويا. الثاني كان مرحلة الحركة البرية للطواقم القتالية اللوائية، متعدد الاسلحة (في ألوية المدرعات غاضبون على المحافل العسكرية التي تحاول حمل الصحافة على طمس دورهم). في هذه المرحلة برز على نحو خاص مقاتلو سلاح يعتبر بشكل عام قاتما كقبعته، سلاح الهندسة المكلفون بقسم هام من معالجة العبوات المتفجرة، التفخيخات والانفاق.

        فهؤلاء وفروا على المستوى المهاجم، من مقاتلي المشاة والمدرعات، التصدي لمخاطر عديدة (ليس لها جميعا).

        امام الجيش الاسرائيلي خياران عسكريان اساسان. الاول هو تعظيم المواجهة مع حماس في القاطع المحاصر – مدينة غزة ومحيطها – بشكل يرفع بالضرورة عدد الاصابات في اوساط الجنود، يثقل على وضع السكان الفلسطينيين ويصعد النداءات الدولية لوضع حد للقتال. اختيار هذا الخيار سيستوجب ادخال مزيد من القوات تتمركز في النقاط التي استولت عليها القوات العابرة كي تنتقل هذه الى قتال آخر. الخيار الثاني هو توسيع قطاعات العمل والسعي الى هدف لم يطرح حتى الان، بل اخفي او نفي: اسقاط حكم حماس. قيادة المنطقة الجنوبية قادرة على أن تحقق هذا الهدف ولكنها غير متحمسة له خشية أن يحول جباليا الى الصومال. في هذا السياق، يخاف الجيش الاسرائيلي من أن ينجح اكثر مما ينبغي. في الخيارين، سيمر المزيد من الايام الى أن تتمكن الحكومة التي بعثت الجيش الاسرائيلي الى الحملة من الادعاء بنجاح لا يتبدد من تلقاء نفسه.

        في هذه الظروف، عندما يكون المحظوران اللذان يحاول الجيش الاسرائيلي المناورة بينهما هما انهيار حماس من هنا وتسوية معها من هناك، فان اسرائيل تعيش تحت رحمة حماس، بان تسمح لها ان تعلن عن النصر.

        لهذا الغرض ينبغي لها أن توافق ان يكون داخل غزة من الان فصاعدا تعايش وربما تعلق وجود: حكم حماس، منزوع السلاح الصاروخي؛ قوات محمود عباس – كتيبتان دربهما الجنرال كيت دايتون في الاردن – على طول محور فيلادلفيا؛ وربما ايضا قوة عربية او دولية في معابر الحدود. في ظروف المختبر، دون قيد زمني على التجربة، كفيل هذا بالنجاح. ولكن عندما يكون مفتاح المختبر بيد حماس، وقريبا سيمر اسبوعان على بداية الحملة (وايام اخرى لاستكمال التطهير في الارض المحتلة بعد أن يتوقف التقدم ولكن قبل أن تنسحب القوات)، فان الاحتمالات لذلك تقل. من المعقول اكثر ان اسرائيل، التي خرجت الى الحملة لان الوضع السابق كان اسوأ، ستدفع الى أن تختار الان ايضا البديل الاقل سوءا – خروج احادي الجانب، دون ضمانات لما سيأتي.