تحليل تحركات القاهرة محاولات لتمرير مشاريع مقررة دولياً ضمن "سلطة شرعية"

الساعة 11:25 ص|31 يوليو 2018

فلسطين اليوم

من جديد.. طرق الفلسطينيون أبواب المصالحة، وهذه المرة من بوابة القاهرة، التي استقبلت ملف المصالحة أكثر من مرة، إلا أن الحديث الذي يدور الآن أن الجلسات والنقاشات تأخذ منحاً جدياً أكثر من ذي قبل، على الرغم من عدم الوضوح في التصريحات المتعاقبة منذ بدء المناقشات.

"رد إيجابي على الورقة المصرية" عنوان بارز لوفد حركة فتح، كان كفيلاً بأن يصنع كتلة هواء باردة على الفلسطينيين في وقت تشتعل فيه نار الأحداث السياسية الساخنة، سواء على صعيد مسيرات العودة أو صعوبة المشهد السياسي والأوضاع الاقتصادية المعيشية الصعبة.

فقد أكد عزام الأحمد عضو اللجنة المركزية رئيس وفد حركة "فتح" للمصالحة، أن وفد حركته سلم رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل ردًا إيجابيًا ومكتوبًا على الأفكار التي تضمنتها الورقة المصرية بشأن المصالحة الفلسطينية.

وقد عقد وفد حركة "فتح" اجتماعاً مطولاً، مع رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية الوزير عباس كامل، وعدد من مساعديه بمقر الجهاز بالقاهرة، وسلمه موقف القيادة بشأن الأفكار المصرية الخاصة بملف المصالحة الوطنية الفلسطينية وإنهاء الانقسام.

المحللون والمختصون بدأوا الحديث عن ملف المصالحة المطروح على الطاولة، وجرعة التفاؤل التي يتلقاها المواطن الفلسطيني، وعن إمكانية نجاحها في ظل هذه الظروف السياسية الصعبة.

انقلاب "إسرائيلي" أمريكي

‏الباحث السياسي الفلسطيني المتخصص في قضايا الشرق الأوسط حسن عبدو، أوضح، أنه لأول مرة منذ الانقسام تؤيد إسرائيل وأمريكا "عودة السلطة الفلسطينية للعمل في قطاع غزة"، معتبراً أن هذا الموقف الجديد يمثل انقلاباً في الموقف "الإسرائيلي" الأمريكي الذي أصبح ينسجم مع الموقف العربي الذي يعبر عنه الراعي المصري الحصري لعملية المصالحة.

وأضاف، أن رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو يعارض المصالحة، ودائما كان يخير الرئيس محمود عباس بين "إسرائيل" أو حماس، وقد عارض البيت الأبيض اتفاق معسكر الشاطئ كسياسة ثابتة .

وتابع: "أما اليوم انقلب الموقف بالكامل فقد أصبحت "إسرائيل" ترى مصلحتها بعودة ماجد فرج وأجهزته الأمنية للعمل في قطاع غزة، وعزل حماس، وتقول ما المانع بأن نحشر السلطة وحماس معاً في قفص غزة، وفي ظل هدنة طويلة تقيد سلاح المقاومة وتضمن الأمن والسلامة لـ"إسرائيل".

واعتبر أن ما يحدث يعني باختصار تلاقي إرادات دولية و"إسرائيلية" وإقليمية هائلة ترغب بإعادة السلطة إلى قطاع غزة سلماً، وإذا لم ينجحوا فبالإكراه.

وأكد عبدو، أن ما يُطرح سياسياً لا يحل أزمة النظام السياسي الفلسطيني ويبقي على تناقضاته، بل يستهدف حل معضلة السكان على الصعيد الإنساني والاقتصادي.

سقف التوقعات

أما المحلل السياسي إبراهيم المدهون، فاعتبر أنه طالما لم تعلن السلطة رفع العقوبات فعلى الشعب الفلسطيني، ألا نرفع سقف التوقعات.

وقال:" من الخطأ البناء على آمال غير مستندة على الواقع وعلينا الانتظار حتى يخرج تصريح مسؤول فما يُشاع ليس دقيقاً، والسلطة لم تقدم أي خطوة يمكن أن تبشر فنعتمد عليها".

وأضاف المدهون، أن يد واحدة لا تصفق وحماس وحدها لن تنجح بالمصالحة إن لم يكن هناك استجابة من فتح ومسارعة لخطوات واضحة كرفع العقوبات والقبول بتشكيل حكومة وحدة وطنية.

مدخل لحل إنساني أم وحدة وطنية

أما الكاتب والمحلل السياسي هاني المصري، أوضح أن الورقةُ المصرية تحمل تغيّرًا في زاوية الرؤية المصرية، ولكنه ليس كافيًا، إذ تركز على الحكومة ورواتب الموظفين، رغم أنها تضمنت خلافًا للاتفاق السابق قضايا عدة تنفذ على أربعة مراحل، من المفترض تنفيذها وفق جدول زمني قصير (100 يوم كحد أقصى)، مثل: رفع الإجراءات المتخذة من السلطة على قطاع غزة، وتمكين الحكومة الحالية، وتسديد رواتب الموظفين المدنيين وجزء من رواتب الأمنيين، وصولًا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية خلال خمسة أسابيعـ وتفعيل عمل "لجنة تفعيل المنظمة" التي ستبحث مواضيع المجلسين الوطني والتشريعي والانتخابات.

وتوقع المصري، أن يكون الرد سلبيًا، وخصوصًا بعد تصريح الرئيس محمود عباس في افتتاح اجتماع اللجنة التنفيذية الذي أبدى فيه تمسكه باتفاق القاهرة 2017، الذي يقوم على تمكين الحكومة أولًا، وإن جاء مغلفًا بإطار إيجابي.

ورأى أن هذا الأمر قد يؤدي إلى أزمة في العلاقات المصرية الفلسطينية، أو إجراء تعديلات على الورقة لتصبح مقبولة من الطرفين، أو فتح حوار وطني أوسع لعل ذلك يساعد على الاتفاق، أو المضي في "الحل الإنساني" لقطاع غزة من دون مصالحة ولا إشراك السلطة، التي يوجد حرص على إشراكها ولو بشكل شكلي، ولكن ما العمل إذا لم توافق على ذلك؟

وقال: ما طرح تحريك ملف المصالحة إلحاحية الوضع الإنساني وتعدد الأطراف المنخرطة فيه خشية من أن يؤدي إلى انهيار القطاع وانفجاره، وما دفع مصر إلى تحريك الملف أنها لا تريد رمي قطاع غزة بعيدًا عنها ولا في حضنها، وتريد إبقاء الأفق مفتوحًا أمام إقامة الدولة الفلسطينية.

وأضاف، أن الرئيس يخشى من أن تكون المصالحة مدخلًا لتطبيق الحل الإنساني لقطاع غزة، كقاطرة لتمرير "صفقة ترامب". وهذا الحل ليس "إنسانيًا" كما يبدو للوهلة الأولى، وإنما جزء من الحل السياسي الجاري العمل على تمريره، سواء بموافقة السلطة، أو بجعله حقائق على الأرض لا يمكن، أو من الصعوبة، تجاوزه.

وتابع: أي إما أن تكون السلطة الموحدة جزءًا من الحل الذي مركزه قطاع غزة، وهذا يسهل عملية ابتلاع الضفة الغربية الجارية على قدم وساق، أو يتم من دونها، وهذا يعمق الفصل بين الضفة والقطاع، ويهدد بتحويل الانقسام المؤقت إلى انفصال دائم، تمهيدًا لإقامة الكيان الفلسطيني في القطاع، على أن ترتبط المعازل المأهولة بالسكان والمنفصلة عمليًا عن بعضها البعض في الضفة أو لا ترتبط بهذا الكيان الذي يمكن أن يسمى "دولة"، ولن يكون فعليًا كذلك، لأن إقامة دولة فلسطينية حقيقية مرفوض إسرائيليًا وأميركيًا، كما أن من المصلحة الفلسطينية عدم قيام دولة في غزة للتغطية على ابتلاع الضفة، ولا دولة في الضفة من دونها، وهي لم تعد مطروحة حتى من قبيل ذَر الرماد في العيون.

ورأى المصري أن الحل واضح: في سلطة واحدة تمثل الشعب، لا الفصائل فقط، بمختلف قواه وقطاعاته، وتكون أداة من أدوات المنظمة الموحدة التي تسعى لتنفيذ البرنامج الوطني المتفق عليه، وهي عليها أن تعطي الأولوية لحل المعاناة الإنسانية.

وتابع: نريد حوارًا يشارك فيه أوسع تمثيل، ويهدف إلى بناء وحدة وطنية حقيقية، تبدأ ببلورة رؤية وطنية شاملة تستخلص العبر والدروس من التجارب السابقة، وتحدد الأهداف القريبة والبعيدة، وتنبثق عنها إستراتيجية تحدد كيف ننتقل من الوضع الحالي البائس إلى المستقبل المأمول، وهذا بحاجة إلى توفر إرادة سياسية مستعدة لدفع الأثمان.

وأكد، أن "فتح" و"حماس" والكل الفلسطيني ضد "صفقة ترامب"، ولكن واقع الانقسام يجعل طرفيه يساعدان، ولو بشكل غير مباشر، على تطبيقها.

كلمات دلالية