تقرير عائلة معيلها مريض تقطن في مخزن وتُسكت الأمعاء بكاسة شاي

الساعة 09:52 ص|31 يوليو 2018

فلسطين اليوم

في مخزنٍ لا يتعدى مساحته الـ24 متراً، تفترش عائلة يوسف البرعي، على بساطٍ بسيط تستدير به في ظل الفقر وضنك المعيشة، نوافذٌ متآكلةٌ مصنوعة من النايلون وأبوابٌ ركيكة لا تحمي من حرارة الشمس الساطعة وغزارة غيث الشتاء والقوارض التي تزحفُ ليلة نهار على أجسادهم وهم نيام، مطبخٌ صامت بحاجة إلى من ينطقه ودورة مياه فقدت ذراعها بحوض مغسلة، فجميعهم يتعضدان على رفع مستوى معاناة الأسرة.

تفتقر أسرة البرعي المكونة من خمسة أفراد، لأدنى المتطلبات للعيش بحياة كريمة، وتعيش في مخزن قريب من نادي خدمات جباليا بشمال قطاع غزة.

وتشير الزوجة أم كرم بأصبعها إلى نقطة هي ذاتها مطبخ مرصوف في الشارع المغطاة بعدد من ألواح الحديد على مساحة مترين، به موقد "غاز فرش" قديم ذات ثلاثة عيون وثلاجة لا تحوي سوى زجاجتين مياه.

ضنك الحياة

وأثناء حديثها لمراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، ارتعد جسد الزوجة من شدة ضنك الحياة الذي وقع قسراً على العائلة، مخلفاً وراءه وجهاً حزيناً رافعة رأسها إلى السماء بنظرة الأمل وتدعو بصوتٍ خافت " يا رب أنت ربي وأعلم بحالتي وحال أولادي".

"حبة بندورة بلقهاش في داري وفطورنا دقة وكاسه شاي" بهذه الكلمات نطقت حنجرة الزوجة أمام أطفالها الثلاثة حاملةً معها غصة في القلب وألماً أصبح جزءً لا يتجزأ من مكونات الأسرة، وأردفت بأن أدوات المطبخ الموجودة عبارة عن جدران صامتة لا يدقها أحد.

ذهبت ديما "6 أعوام" إلى دورة المياه في وسط المخزن ورأسها في الأرض من شدة الخجل وكان عيناها تقول "ليتني أُجلُ قضاء حاجتي أمام الضيوف ولكن لا أستطيع"، وهذا ليس بيدها أكثر ما هو واقعٌ على دورة المياه من باب رديء لا يستر من بداخله.

طرد من الروضة

وأوضحت الزوجة في حديثها وعيناها تدمعان بحرقة بأنها تفاجآت برد ساحق من إدارة أحد رياض الأطفال بطرد ابنها كرم لعدم سداد الرسوم بمبلغ قدره  150شيقل، وبهذا حُرم ابنها في حقه بالتعليم مع زملاءه الذين استمروا بالجلوس على مقاعد الدراسة.

وتابعت: "ذات يوم صرخ أحد أطفالي في منتصف الليل وهو نائم، وتفاجأت بقدمه اليمنى تسيل دماً ناتجة عن عضة قارض دخل من فتحة الباب"، مبينة أنها أسرعت فوراً إلى المستشفى الاندونيسي بسيارة أجرة وأعطاه الأطباء حقنة خوفاً من نقل عدوى المرض.

ويتقاسم رب الأسرة يوسف البرعي "36 عام"  حجم المآساة ويستطرد كلامه بجسمه الهزيل وصوتٍ نحيف بعد تفشى به مرض فايروس الكبد الوبائي (B) لأكثر من خمسة أعوام، وأن نسبة نشاط الفايروس في الدم عالية جداً مع نزول حاد في الصفائح الدموية، مما استدعى تدخلات من قبل الأطباء، وحرمه المرض من العمل خوفا لانتقاله من شخص لآخر.

سوء تغذية

ديما وكرم وتامر يحضنان والدهم بكل قوة متشبثين به من كل جانب وأمعاؤهم تنادي " يا بابا بدنا تفاح وموز"، ومع قلة الحيلة كان الرد منه بخجل ليتهرب من الإجابة " يا بابا لمن المعبر يفتح راح اجيب فاكهة".

وأوضح البرعي في حديثه لمراسل "وكالة فلسطين اليوم الإخبارية"، أن ديما ابنته تعاني من سوء في التغذية ونقص حاد في الحديد والمناعة ومعرضة للإصابة لأي فايروس قد يصيب جسدها، وذلك لقلة الغذاء في البيت.

وبينَّ، أن عائلته مهددة بالطرد في أي وقت يطلب منه صاحب المحل مخزنه، موضحاً أنه قبل ذلك طلب منه مالك المحل وأصبره لفترة معينة للجلوس بالمخزن بسبب وضعه الصعب.

وطالب البرعي وزارة الاشغال العامة والإسكان وجميع المؤسسات الخيرية العاملة في القطاع، بتوفير له شقة سكنية في أبراج حمد أو التركية والنظر إليه بعين الرحمة والشفقة لما يمر به من ظروف قاسية.

ويعاني سكان قطاع غزة، بشكل عام من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة، جراء استمرار الحصار الخانق عليه، وقلة فرص العمل، وزيادة معدلات البطالة، والعقوبات التي فرضتها السلطة على القطاع.

رجل مريض
رجل مريض1
رجل مريض2

رجل مريض3
 

 

كلمات دلالية