الصبر نفد: "إما الهدوء الان وإما حملة في غزة .. اسرائيل اليوم

الساعة 02:19 م|18 يوليو 2018


مشكوك أن يكون في غزة يفهمون هذا، ولكن الصبر الاسرائيلي نفد. بضع طائرات وبالونات اخرى في اليوم – اليومين القريبين، واذا بالطرفين ينزلقان الى تصعيد سريع وواسع.

في حماس مقتنعون بان الاصوات التي تصدر من اسرائيل هي "تظاهرية": فزيارات رؤساء القيادة العسكرية والامنية في القطاع هي مثابة "امسكونا"؛ وان مناورة فرقة 162 في النقب وانتشار بطاريات القبة الحديدية لا تستهدف الا التخويف؛ وان الهجمات الواسعة نسبيا في الايام الاخيرة تستهدف بث رسالة قوة ليس خلفها نية حقيقية في القتال؛ وان اسرائيل لا تنظر الا شمالا، وتماما لا تريد حربا في الجنوب.

تحليل حماس هذا مغلوط من اساسه. فمن أحاديث مع مسؤولين كبار في القيادة السياسية – الامنية في اليوم الاخير يتبين أن الصبر الاسرائيلي نفد. لا يزال غير قليل من المسؤولين في اسرائيل ممن يعتقدون اننا لا نخرج الى الحرب على البالونات – وبالتأكيد عندما تكون البالونات (التي اصبحت الموضة الجديدة بدلا من الطائرات الورقية) لم تقتل احدا، بينما في الحرب سيقتل الكثيرون – ولكن اصواتهم انطفأت. والاجماع الحالي في اوساط اصحاب القرار هو أن مخزون الفرص لحماس نفد.

يخطيء السياسيون او المحللون الذين يعتقدون انهم غيروا منطلق القرارات في اسرائيل. الحقيقة هي أن اسرائيل لم ترغب في حرب في غزة، وللدقة لا تزال لا ترغب. ولهذا السبب فقد جربت اسرائيل كل الطرق كي توقف هجمات حماس – بداية المظاهرات العنيفة على الجدار، بعد ذلك موجة العمليات على طول الحدود، وفي الاسابيع الاخيرة ارهاب الطائرات الورقية والبالونات.

كل تلميح محتمل نقل في هذه الفترة الى حماس. شفويا عبر جملة الوسطاء (ولا سيما مصر، ولكن ايضا مسؤولين كبار من الخليج، روس، امريكيين واوروبيين)، وكذا بوسائل اكثر عنفا – من النار قرب خلايا الاطلاق، عبر مهاجمة مخازن وقيادات وحتى اصابة اهداف اهم لحماس، مثل الانفاق التي حفرت الى الاراضي الاسرائيلية.

عندما فشلت كل هذه، اصابت اسرائيل المكان الاكثر ايلاما لحماس – معبر البضائع الى القطاع، والذي يمس بالمنظمة سواء ماليا على خلفية خسارة المداخيل من الضرائب، أم من ناحية صورتها كمن خطواتها تشدد فقط الحصار على غزة. هذه الخطوة فشلت الاسبوع الماضي، ولكن اسرائيل جربتها مرة اخرى أول امس؛ وقف ضخ الغاز والوقود الى القطاع حتى يوم الاحد القادم – بالتنسيق مع المصريين، الذين اغلقوا معبر رفح – كانت المحاولة الاخيرة لاعادة حماس الى التلم في غير ميدان المعركة.

كما أسلفنا، مشكوك ان يكونوا في غزة يفهمون بان اسرائيل وصلت الى حافة الاحتواء. وان المواجهة على الابواب. فبدئها أو منعها هو في هذه اللحظة في يد حماس؛ في اسرائيل لا يزالون مقتنعين بان المنظمة لا تريد معركة واسعة – التقدير المسنود بطلبات حماس التوصل الى وقف للنار في السبت الاخير – ولكن يجب ان نتذكر بان هذا تقدير فقط. والدليل: حماس، مثل الجيش الاسرائيلي، نفذت في الايام الاخيرة اجراءات قتالية متقدمة، وهي جاهزة للقتال في المدى الزمني الفوري. صحيح أن يحيى السنوار يحرص على التجول بين الجمهور وبث الاحساس بالاعمال كالمعتاد، ولكن المنظومة تحته متحفزة للعمل.

من يحاولون منع هذا السيناريو هم المصريون. حتى لو نجحوا اليوم أو غدا، مشكوك أن تجري حماس التفافة حدوة حصان استراتيجية، ومن هنا الاحتمال العالي بانه مع تآكل العوامل الكابحة فاننا نقف امام مواجهة في صيف 2018. حجم هذه المواجهة ليس معروفا؛ وهو منوط بمدى المصابين والدمار، في الطرفين، بمساعي الوساطة، بالضغط الداخلي والدولي، وبالاساس بما تختاره اسرائيل لنفسها كاهداف للحرب.

ان وقف ارهاب الطائرات الورقية والبالونات هو هدف هام، ولكنه ليس استراتجيا. قبل لحظة من المعركة، من المجدي أن نقرر ما هو الهدف. اعادة الهدوء الى الجنوب هي نقطة بداية جيدة، وبشرط ان تستغل لتغيير استراتيجي للواقع حيال غزة.