خبر كم قتل حتى التهدئة.. هآرتس

الساعة 10:02 ص|05 يناير 2009

بقلم: عكيفا الدار

قبل اسبوع بالضبط سألت هنا كم فلسطينيا واسرائيليا ينبغي أن يموتوا كي يوقف الطرفان النار ويوقعان على التهدئة رقم 2؟ وجاء الجواب، زعما، يوم السبت قبل ساعات معدودة من هجوم الجيش الاسرائيلي على قطاع غزة. خالد مشعل أعلن من خلال موقع الانترنت لعز الدين القسام بانه مستعد ليس فقط لـ "وقف العدوان"؛ رئيس المكتب السياسي لحماس اقترح العودة الى صيغة حواجز العام 2005، أي الى التسوية في معبر رفح من الفترة ما قبل انتصار حماس في الانتخابات وسيطرتها على المنطقة. وأعرب عن استعداده لاعادة الادارة  بالتعاون مع مصر، الاتحاد الاوروبي برئاسة السلطة الفلسطينية وحماس.

يبدو أن رئيس الوزراء ايهود اولمرت لم يسمع، او لم يرغب في ان يسمع انباء من هذا القبيل. ومرة اخرى "نظر في عيون الامهات" ووعد، بانه بعث ابناؤهن الى ميدان المعركة فقط بعد أن استنفدت الحكومة حتى النهاية كل السبل الاخرى لاعادة الهدوء الى اطفال سديروت. في افضل الحالات، اولمرت لم يقل كل الحقيقة. القوة الهائلة ارسلت الى غزة ليس فقط، بل وليس اساسا، كي تضرب البنى التحتية العسكرية لحماس. المهمة الاساس التي كلفت بها القيادة السياسية الجيش الاسرائيلي هي تفكيك البنى التحتية المدنية للمنظمة الوحيدة التي تتحدى حكم محمود عباس. وليس صدفة أن وصف باراك المعركة بانها "حرب شاملة".

ضربة جسيمة بحماس وانزالها الى ركبتيها كانت امرا لا بد منه لو كان في ذلك ما يقدم الى الامام اتفاقا سياسيا مع التيار العلماني – البرغماتي في المناطق. ولكن، حتى لو ضم مشعل توقيعه الى اتفاق اوسلو واعاد لابو مازن مفاتيح المقاطعة في رام الله، فان الواقع السياسي لن يتغير. حكومة اسرائيل – مثل سابقاتها وينبغي الافتراض ايضا مثل تلك التي ستأتي بعدها – لن تتنازل عن ارئيل وجبعات زئيف ناهيك عن البلدة القديمة من القدس. وبالطبع، فانه لن يسمح لاي  لاجيء شيخ واحد أن يزور بلاده مولده.

ليس صدفة أن ايهود باراك، ذاك الذي ادعى ذات مرة بانه مواصل درب اسحق رابين لا يقول ان حملة "رصاص مصهور" ترمي الى صب مضمون في المسيرة السلمية. في اللقاء الذي عقده قبل بضعة اشهر في مكتبه مع مجموعة مستشرقين شكك وزير الدفاع بجدوى نظرية الدولتين للشعبين. مريح له جدا الواقع السائد في المناطق منذ الاختراع العبقري المسمى "سلطة فلسطينية". د. مناحيم كلاين، من الموقعين على مبادرة جنيف، درج على تسميتها بمرارة "مشروع اسرائيلي". المهمة ستستكمل بعد أن يفعل رئيس العمل ووزير الدفاع باراك بحكم حماس في غزة على ما فعله سلفه في المنصبين، بنيامين بن اليعيزر، بحكم فتح في الضفة في حملة "السور الواقي" في نيسان 2002.

"واقع امني جديد" ليس سوى غطاءا لغويا ذكيا لاستمرار واقع استعماري قديم. الدمار والكراهية اللذين تزرعهما اسرائيل في المناطق يجعلاها واقعا صوماليا. حجر جذب للميليشيات المتطرفة من امثال القاعدة وزعران الاحياء. شك كبير ان تسقط فتح في الفخ المكشوف فتوافق على العودة الى مكاتب الحكم في غزة على جثث النساء والاطفال وعلى قصص البطولة للاخوة الفلسطينيين. بعد الحرب ضد حزب الله كان يمكن أن نتوقع من الاسرائيليين، من محبي "الردع" ان يفهموا بان حروبا من هذا القبيل، نسبة 100 قتيل مقابل 10 في طالحهم يعتبر لدى منظمات العصابات انتصارا فاخرا. وبعد الحساب الدموي سيأتي الحساب المالي؛ آجلا أم عاجلا سيمل الاوروبيون والمنظمات التطوعية من اعادة بناء الواقع الفوضوي الذي تمليه اسرائيل في المناطق.

السؤال الذي ينبغي أن يطرح إذن هو كم فلسطيني واسرائيلي يجب أن يموتوا الى أن يستيقظ الجمهور الاسرائيلي من الوهم الجديد – القديم، في ان الدبابات والطائرات يمكنها أن تخلد الاحتلال. الجواب: طالما يتوقع شعب اسرائيل من الفلسطينيين ان يرفعوا الاعلام البيضاء – فان اعلاما سوداء سترفرف من فوق رأسه.