خبر انتصارات؟ لا يوجد شيء كهذا.. هآرتس

الساعة 09:52 ص|05 يناير 2009

بقلم: أبراهام بورغ

رئيس الكنيست والوكالة اليهودية الاسبق

فضلا عن أكوام الجثث في الجانبين والحزن والثكل في الشعبين، ووراء هتافات الزعامة الاسرائيلية، بات يمكن أن نشعر بالمرارة. طعم الهدر الحربي التالي. منذ حرب الايام الستة ونحن لم نعد ننتصر. نجحنا في أن ننجو من مصيبة 1973، تورطنا ولكننا نجونا في العام 1982، والامثلة الاخرى لا تنقص. لماذا يحصل هذا؟ لماذا تنتهي حروبنا بسجل دائم من الغموض؟

اعتقد انه لم يعد ممكنا الانتصار في الحروب. ليس فقط نحن لا نستطيع، الغرب كله لا يستطيع. يصعب عليّ أن اتذكر حربا واحدة في الستين سنة الاخيرة انتصرت فيها الولايات المتحدة بحسم واضح. درزدن وبرلين قصفتا حتى التراب، هيروشيما ونجازاكي ابيدتا. ومنها خرج الغرب  الى طريق جديدة.

اوروبا الغربية كادت تهجر تماما خيار الحرب. فهي لا تقاتل، وعلى أي حال لم تختبر قدرتها في الانتصار في الحروب. اما الولايات المتحدة فقد أخذت على نفسها دور المسؤولة الاساس عن العنف السياسي الغربي. لديها جيش هائل، وهي تعرف اكثر من الجميع كيف تنشر قواتها في نقاط الانطلاق، ولكن من هناك فصاعدا دوما يتشوش لها شيء ما. امريكا ايضا لا تنتصر. كوريا لم تكن انتصارا فاخرا. فيتنام انتهت بالعار. حربا الخليج لا توصف كانجازات عسكرية مفتخرة.

يبدو أن شيئا في الـ دي.ان.ايه الغربي لم يعد يسمح له بحسم الحرب "مثلما كان الحال ذات مرة". الحضارة الغربية لم يعد يمكنها ان تقاتل في حرب احد اهدافها هو الابادة. لا مبدئيا، ولا على مستوى استعداد جنودها لارتكاب افعال هي بمثابة جريمة مطلقة في عالم القيم، المدنية، عندهم.

حروب القرن الماضي، الى جانب المحرقة، اعطت الغرب دروسا، المركزي بينها هو تطور نظرية الحرب: من ابادة العدو واهانته، الى الحفاظ على قدرته لاعادة بناء نفسه، الحفاظ على كرامته والتحول من خصم الى شريك. الخطأ بالنسبة لالمانيا بعد الحرب العالمية الاولى استوعب، وفي اعقاب الدرس اصبحت المانيا عمودا فقريا هاما في نظام الغرب الجديد. كرامة اليابان لم تمس، وهي حليف مخلص للديمقراطية الغربية. هناك بدأت طريق الانتصار من النوع الجديد. انتصار لا يصفي امكانية الحوار مع خصم الامس.

توجد على ما يبدو صلة بين عمق التزام المجتمع بحقوق الانسان، كرامته وحريته في داخله، وبين استعداد الجندي المنطلق نيابة عنه الى معركة ليمحو فيها تماما الانسان الاخر. كلما تعمق وعي الحريات، يقل الاستعداد لقطع رأس العدو.

من هنا مفتوح السؤال، كيف يقاتل مجتمع عادل ضد اعداء لا يشاركونه جملة قيمه، وكيف نعيد تعريف ما هو الانتصار.

يبدو لي أنه اذا كان هدف الحرب هو ابادة العدو، فان هذه حرب مآلها الفشل. لاسباب معروفة لنا جيدا، لم يعد ممكنا ابادة شعوب او، للاسف، قمع طموحاتهم للاستقلال. ولاسباب هامة بقدر لا يقل عن ذلك، ينبغي الامل بان ليس لدينا جنود مستعدون لان يبيدوا فقط لاجل الابادة. على أي حال، هناك حاجة الى أن يكون هدف الحرب الحديثة هو خلق الحوار. واذا لم ينشأ في نهايتها حوار مع العدو، فهذا هو الفشل.

وعليه، يبدو أن الزعامة الاسرائيلية في حرب غزة مآلها ان تفشل باسمنا، تماما مثل زعماء الدين الفلسطينيين الذين يقودون شعبهم الى فشل آخر اساسه تجاهل التحول الذي طرأ على مفهوم الانتصار، من الحسم الى الحوار، من التقتيل الى بناء الجسور. مثل الجسور التي بنيت في النهاية فوق المياه العاصفة بين بيرل هاربر وهيروشيما، درزدن ولندن، دبلين الكاثوليكية والبروتستانية، يوجد جسر من سديروت الى غزة. ومن لا يمر عليه سيقود شعبه الى الفشل في كل حروبه.